تَقُولُ النُّبُوءَةُ
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع
جامعة طنطا-جمهورية مصر العربية
تقولُ النُّبُوءَةُ أنَّ الجرادَ
سيأكلُ كُلَّ نباتٍ نَضِيرْ
وأنَّ التَّصَحُّرَ يَغْزُو العُقُولَ
ولا يَسْتَطِيْبُ عُقُولَ الحَمِيرْ
وأنَّ الأعاصيرَ تَطْوِى الشُّمُوخَ
وتَتْرُكُ كُلَّ دَنِيءٍ حَقِيْرْ
وأنَّ الزلازلَ تَدْفِنُ طِيْبَاً
وتُخْرِجُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ سَعِيْرْ
وكلُّ رِحَابِ الدُّرُوبِ سَتَفْنَى
عَدَا كُلِّ دَرْبٍ شَقِىٍّ عَسِيْرْ
وكُلُّ نبيلٍ سَيُدْفَنُ حَيَّاً
ولا تُنْبِتُ الأرضُ بَعْدُ نَظِيْرْ
ويزدادُ كُلُّ جَهُولٍ عَتَادَاً
ويُدْهَسُ فى رَهْطِهِ المُسْتَنِيرْ
ويَعْلُو صياحُ الجَهِالَةِ حَتَّى
تَضِلَّ بِهِ صَيْحَةُ المُسْتَجِيرْ
ولا خيرَ يَبْقَى سِوَى بَعْضِ نَذْرٍ
يُكَابِدُ فى شرِّهَا المُسْتَطِيرْ
**
تقولُ النُّبُوءَةُ أنَّ الضلالَ
سَيَسْتَنْطِحُ الحَقَّ أعْتَي الصُّخُورْ
تَضِيْقُ بِهِ الأرضُ حتى يُوَارَىْ
ويَسْكُنَ بين ثنايا الجُحُورْ
**
تقولُ النُّبُوءَةُ أنَّ وَلِيَّاً
سَيِرْضَى بِثُلُثِ الضِّيَاعِ أسِيرْ
ويتركُ ثُلُثَاً لذاتِ الجَلالِ
وثُلُثَاً خَصِيْبَاً ليَرْضَى الأمير
وذاتُ الجلالِ تُمَهِّدُ أرْضَاً
لِضَمِّ الأميرِ الحبيبِ الصَّغِيرْ
تُهَنْدِسُ بَيْتَ الخِلافَةِ سِرَّاً
لِتَمْلُكَ عَرْشَ الوَلِيِّ الكبير
تُعِيدُ البِنَاءَ بِلَمْسٍ رَشِيقٍ
وفى كُلِّ كَفٍّ جِرَابُ حَرِيرْ
وتَسْمَعُ مِنْ خَلْفِ تلكَ الجِبَالِ
نُوَاحَ ضَوَارٍ وَرَعْدَ زَئِيْرْ
تُدَبِّرُ آمالَها فى أَنَاةٍ
بِخَطْوٍ وَطِيْدٍ وزَحْفٍ قَدِيْرْ
وتَجَمْعَ ُمِنْ خَلْفِهَا النَّافِذِيْنَ
لِتَصْنَعَ مُلْكَ فَتَاهَا الأَثِيْرْ
وَكُلُّ عُتَاةِ المَلاعِقِ أسْرَى
عيونٌ تُحَمْلِقُ فيما تُشِيْرْ
تَنَاجوا بِتَخْمِينِ مَنْ سوف يَهْنَا
ومَنْ سَيُدَارُ ومَنْ سَيُدِيْرْ
وتَرْقُصُ أحلامُهُمْ فى الليالي:
مُدِيرٌ كبيرٌ ، سفيرٌ ، وزيرْ
ومِنْ شُرُفَاتِ الخِلَافَةِ يأتي
نباحُ الكِّلابِ وأعلى شَخِيْرْ
ولا غيرَ صوتِ الخرابِ يُدَوِّى
ولا غيرَ كَدْحِ الرِّعّاعِ صَرِيْرْ
وريحٍ بها عَرَقُ الكادِحِين
وصوتِ أنينِ الصِّغَارِ صَفِيْرْ
تَجَلَّتْ تَبَاشِيرُ هذا الزمانِ
بِقَصْرِ غَنِىٍّ وكُوخِ فقير
وسطوةِ مالٍ يَبِيْعُ الحياةَ
لِمَنْ شاءَ يَوْمَ حياةٍ أجِيْرْ
ولا غيرَ ذِي المالِ يَرْقَى لِيَحْيَا
ولا غيرَهُ بِالبَقَاءِ جَدِيْرْ
فإمَّا مِنَ الأوَّلِينَ سَتَحْيَِا
وإلا فأنتَ الحَقِيرُ الأخِير
سماءٌ وأرضٌ وما مِنْ فَضَاءٍ
وأنْتَ بهذا الخِنَاقِ أسِيْرْ
نَمُوذَجُ مَنْ يَمْلُكُونَ الحياةَ
كما خَطَّهُ الأُلْعُبَانُ الشَّهِير
هُمُ الشَّاطِرُونَ ، هُمُ المَالِئونَ
وأنْتَ على كُلِّ حالٍ شَطِيْرْ
إذا كُنْتَ كَهْلَاً فَسِرْ فى القَطِيْعِ
ودَعْ يَافِعَاتِ الطُّيُورِ تَطِيْرْ
وذُقْ مِنْ عَجِيْنِ سكوتِكَ زَادَاً
تَجَرَّعْ صُنُوفَ الهَوَانِ عَصِيْرْ
ودَعْنِي أُنَادِى زماناً تَوَلَّى
فَيَأْتِي ويَهْجُو زَمَانِي (جَرِيْرْ)
**
تقولُ النُّبُوءَةُ أنَّ الطُّيُورَ
سَتَهْجُرُ أوكارَهَا فى الهَجِيْرْ
وتَنْشُدُ أرضاً بِهَا بَعْضُ مَاءٍ
وبعضُ هواءٍ وبعضُ شَعِيْرْ
وبعضُ نسيمٍ وبعضُ ظِلالٍ
وبعضُ إخاءٍ وبعضُ شُعُورٍ
وبعضُ صَفَاءٍ وبعضُ نَقَاءٍ
وبعضُ شِفَاءٍ لِمَا فى الصُّدُور
وبعضُ رجالٍ وبعضُ عُدُولٍ
وبعضُ جَلالٍ بشيخٍ وَقُورٍ
وبعضُ حياءٍ وبعضُ وفاءٍ
وبعضُ اصْطِفَاءٍ لِمِسْكِ الجُذُور
**
تقولُ النُّبُوءَةُ أنَّ اللهيبَ
سَيَصْعَدُ حتى يَنََالَ الصُّقُور
ويَنْبُتُ فى الأرضِ خَلْقٌ جديدٌ
يُعِيْدُ الإلَهَ لِسُكْنَى الضَّمِير
فإنْ كُنْتَ فى زُمْرَةِ الهَالِكِيْنَ
تَأَهَّبْ فَيَوْمُ القََصَاصِ عَسِير
تَرَقَّبْ فَيَومُ القَصَاصِ عَسِير