نشيد : أقزام الكِبْر

مقدّمة

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) ، وروي بألفاظ مختلفة منها عذبتهووقصمته ) ، وألقيته في جهنم ) ، وأدخلته جهنم ) ، و(ألقيته في النار ) الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وغيرهم وصححه الألباني .

 أن يَعتزّ المرء بنسَبه ، أو علمه ، أو قوّته ، أو ثروته ، أو جماله ، أو مهارته .. ويحمد الله ، على أن آتاه ، بعضاً من هذه الهبات ، أو النعم..  فهذا لابأس فيه ، ولا ضيْر .

 أمّا التكبّر، على عباد الله ، بسبب واحدة من هذه النعم، فهذا هو الممجوج،  الذي يُغضب الله ، ويَجلب على صاحبه ، مَقت الناس !

 إبليس : عصى أمر الله ، بالسجود لآدم ، قائلاً : أنا خيرٌ منه ؛ خلقتني من نار، وخلقته من طين ! فأخرجه الله ، من الجنة ، ملعوناً مذموماً مدحورا.

 وقارون : ذكِّر، بنعمة الله عليه ، في ماله الوفير، فقال : إنما أوتيته ، على علم عندي .. فخسف الله به وبماله ، الأرض !

وفرعون : اغترّ بقوّة جيشه ، في مطاردة موسى وقومه ؛ فأغرقه الله ، في اليمّ ، وجعله عبرة للناس !

      نشيد : أقزام الكِبْر

مَن أنتَ ، بامتكبّراً متعجرفا

      يُزري بأقدار العبادِ ، ليُعرَفا

أتتِمّ نقصَك ، بالتكبّر، كيْ تُرى

  في الناس ، رأسَهمُ الأجلّ الأشرفا

                   *             

أتبيعُ وهماً ، للعبادِ ، وتشتري

ليَظنّ أهلُ الأرض ، أنك عبقريْ

تلقى بَني الدنيا ، بأنفٍ شامخ

تيهاً ، وتجلسُ جِلسة المتصدّر

وتطِلّ ، مِن كثبانِ وهْمك ، مُشرفا

            *

لا شأنَ ، إلاّ أنتَ بالِغُ شأوِهِ

لا جَمْعَ ، إلاّ أنتَ آمِرُ بَهْوهِ

لا زادَ ، إلاّ أنتَ سيّد طهْوهِ

أنتَ العظيمُ ، بجِدّهِ ، وبلهْوهِ

أنتَ الحَفاوةُ ،  كلّها ، لمن احتفى

           *

أنتَ الفتى الحرّ، الكريمُ ، الأشجعُ

         والناسُ ، كلّهمُ ، عبيدٌ خُنّعُ

أنتَ البصيرُ ، رأيتَ مالمْ يُبصِروا

أنتَ السميعُ ، سمعتَ مالمْ يَسمعوا

فبأيّ وصفٍ ، تشتهيْ أن تُوصَفا

            *

عِشّ ، مثلما تَهوى ، بقيعانِ الهَوى

فإذا هَوِيتَ ، هوَيتَ ، في بَحر التَوَى

وإذا نوَيت ، على التكبّر ، فانتبهْ

       فلكلّ ذيْ لبٍّ ، عواقبُ مانَوَى

واحذرْ صُنوفَ الكِبْر، كي لاتَتلفا

           *

ويلٌ لمَن رامَ العُلوَّ بكبْرِهِ

         نيرانُه مَشبوبةٌ ، في صدْرهِ

مَقتُ العبادِ ، له ، حَصيلةُ أمْرهِ

     وجحيمُه ، بَعدَ الردى ، في قبْرهِ

 مهما تمادَى في الغُرورِ، وأسرَفا

              *

ذو الكبْر يَقرع ، في القيامَةِ ، سِنّهْ

            فالكبرُ يَحرمُه رياحَ الجَنّهْ

مَن ظنّ أن الكبْر ذنبٌ هيّنٌ

          صَفعته أحداثٌ ، تخَيّبُ ظنّهْ

فرأى رياضَ الوَهم قاعاً صفصفا

                   *  

أنتَ المُخيّرُ: إن تكنْ متواضِعا

             تجدِ احترامَ الناسِ ، كنزاً رائِعا

وإذا رَكِبتَ الكبرَ، مُغترّاً بهِ

        أمضيتَ عمْركَ ، في المَذلّةِ ، قابعا

فكَمْ ارتضى بالهُونِ ، أحمقُ ، واكتَفى

                *

ذِكْرَى ، لذاك البائس، المتغطرسِ

 ولتلك ، صاحبةِ الضمير المفلِسِ :

مَن يَدخلِ الكِبْرُ المدمّرُ قلبَه

    يَسقطْ بهِ ، فبهِ هوانُ الأنفُسِ

 مهما غوَى الغاويْ ، وزافَ ، وزيّفا

وسوم: العدد 665