شكوى إلى ربي

لمن سنشكو ومن يدري بما فينا

ومن سواك إلهي سوف يُنجينا

لقد صمدنا وما هانت عزائمُنا

ولا فتَرنا ولا كلّت مواضينا

لكنّما البغيُ قد أبدى نواجذه 

وفجر الحقد بركانا ليَصلينا

وجاء كلّ لقيطٍ ماله نسَبٌ

مدجج بسلاح الغدر يغزونا

لم ينجُ من بطشه طفلٌ ولا امرأة

ولا الرياحُ السوافي في بوادينا

ولا الحقولُ ولا الأشجار ماسلمت

ولا صغارُ الحصا في بطن وادينا

كم هدّموا من بناء فوق ساكنه

حتى مساجدنا فوق المصلّينا

وزلزلوا الأرض مارت من قنابلهم

وأصبحوا في فم الأخطار يُلقونا

تجَمّع الشرّ من شتى مناكبها

حتى الحثالات قد أضحت فراعينا

واستأسد الكلب في أرضي وصال بها

والطيرُ أضعفُها صارت شواهينا

وأمةُ العُرْب يا للخزي ساكتة

كأنما ليس يعنيها تفانينا

بمن نلوذُ إلهي حين لا أحدٌ

من بطش كلّ الأعادي بات يحمينا

قصفٌ وقتل وتهجير ونهرُ دمٍ

يروي التراب ويجري في سواقينا

لقد شكونا وأتعبنا حناجرَنا

واستصرخ الطفلُ من يا قومُ يفدينا

وقد بكَينا سيولاً من مدامعنا

وجفّ دمعُ أسانا في مآقينا

لم يبقَ للطفل أمٌ كي تهدهدَه

ولا شقيقٌ لقد ماتت بواكينا

عواصفُ الرّعد قد دكّت مرابعنا

وهاجتِ الريحُ في شتّى نواحينا

متى سترجع للمينا قواربُنا

من بعد أن غادرت أحلى شواطينا

كم خاطرت في بحار ليس تعرفُها

متى تعود وترسو في مراسينا

لكنّ لي ثقةً بالله راسخة

سينجلي الليل من شتى أراضينا

ويبزغ الفجر وضّاء ومبتسماً

والحقّ يسطعُ في داجي ليالينا

وتبرق الشامُ إن شاء الإله لها

عزاً ومجدا كما كانت بماضينا

ويزهر اللوز مشدوهاً بقامته

والياسمينة تزهو في دوالينا

والتين يثمر والأعنابُ ناضجة

والزرع ينبُت في أبهى روابينا

وترجع الغوطةُ الفيحاء هازجةً

ويشرق النور من أقصى أقاصينا

إن خيّب القومُ معقودَ الرجاء بهم

فلن يخيّبَ مولانا أمانينا

ستصمد الشام في وجه العِدا أبداً

مادام سيفُ العلا الماضي بأيدينا

ويرحلُ البغيُ مدحوراً ومنهزما

وبلبلُ النصرِ يشدو في أعالينا

وسوم: العدد 685