أنا و الحزن

منذ صبايَ أعرفُه ُ و يعرفني و أمقتهُ و يعشقني

و  ليس منافسٌ  في زينةٍ أو شهوةٍ  إلا أغالبهُ  فيغلبني

سوى فِيهِ فليس هناك من في الناسِ طُراً قطُّ  يسبقني

إذا ما عسعس الليل و رمتُ مؤانساً دمثاً أتى قسراً يسامرني

فإن أهملته متشاغلاً  أهوى على جسدي يعانقني

أباعدهُ فيمسكني يقيدني.. أعاركهُ ليتركني  فيصرعني

و لا ألقى له مللاً.. جسورٌ  دائبٌ يقِظٌ  يساهرني فيتعبني

كما  أمٌّ  تُهدهدُ طفلها للنومِ ينهكها..  اذا ما لجَّ ينهكني

يكلُّ الليلُ مرتقباً  طلوعَ الفجرِ في جزَعٍ  يئنُّ لما يوجعُّني

عزاءٌ لامرئ القيسِ بليلٍ يشتكي ألمي يرقُّ لما يؤرقني

***

إذا أخلدْتُ للنومِ فلا يرضى له مهداً سوى كلي فألبسه و يلبسني

و إن فتّحتُ عينيَّ أؤملُّ في يدٍ تحنوعلى صدري تلامسني

تربّع مثقِلاً  يجثو على صدري يمسّدني يهتّكني

فإن لم ألقَهُ بَسِماً تَجاذبني و أعملَ بي يقلبني

فأغدو مثل حَبّ القمح تنهشهُ رحىً صلدٌ فتسحقني

و إن أسلمتُ مبتسماً لألهيهِ يظن بأنه في رقّةِ الأنثى يداعبني

فلا فعلي اذا ما كنتُ مبتسما و لا جهماً بهِ منهُ يخلصني

طوال َاليوم يصحبني يلازمني كظلي لا يفارقني

يودُ بأنني دوماً ألازمه و بتُّ أودّ أنّ الموتَ يقبضني

إلى أن حَلَّ في كلي يمازجني بإخلاصٍ يخاللني

تلبّسني توحَّد بي..فصرتُ لهُ  شبيهاً وهو يشبهني

فَظَنَّ الناسُ أني هُوْ كذاكَ حسبته ذاتي..رضيت بما تملكني

مقاديرٌ لنا قسمت أُحاذرها تلاحقني.. قضاءٌ ليس يخطئني

فهل من طامعٍ في دركَ ما أدركتُ بعد اليومِ أو فِيهِ ينازعني؟!

وسوم: العدد 709