لأنّك إني

القيت في المركز الثقافي ببغداد .....قاعة نازك الملائكة..

لانيَ أنتَ وأنّكَ إنّي

  سأبقى بروحي لروحي أغنّي

  

وأنّك كلّي وكلّ كياني

  أذبتكَ بي واحْتسيْتُ لدنَي

  

وإنّي بشِعْري أرصِّعُ شِعْري

  لأنّكَ أنتَ بهِ سحْرُ ظنّي

  

فلا شيء عندي سواكَ نبيّاً

  يُصلّي لأجلي ويخطفُ فنّي

  

توَحَّدْتُ فيكَ فكنْتَ هوائي

  ومائي الذي منْهُ أُسْقى وأجني

  

وأنّكَ تنزفُ والآخرونَ

  طبولٌ وكأسٌ وضجّةُ جِنِّ

  

وأنّكَ عندي صلاةُ القيامِ

  بكلّي تقيمُ وكلّلكَ تُغْني

  

غزاني هواكَ فمسْرحَ قلبي

  وروحي لروحِكَ راحَت تُهنّي

  

وإني لأنّكَ كنْتُ البقايا

  بنبضِ الشّعورِ أرتّقُ لوْني

  

لأنّكَ إنّي وإنّي احتراقٌ

  بهِ كانَ كلّي رمادُ التبنّي

  

سعيدٌ أنا في اقتفائِكَ خَطوي

  وَخَطوي لخَطوِكَ بوْحُ التمنّي

  

أقولُ بأنّي أحبّكَ روحاً

  وروحي تُجاذِبُ صوتَ المُغَنّي

  

وأنّا انبهارُ المَدى والمكانِ

  وفيكَ أراني ولو لمْ أجدْني

  

وإنّي الذي ما رأيْتكَ إلّا

  قتيلاً عليهِ دماءُ التجنّي

  

أتيتُ وَخطوي يُسابقُ درْبي

  ودرْبي يسيرُ على وقعِ أنّي

  

أغادرُ منّي بشوطِ السّرابِ

  وبيني أعودُ لِوَعْدي وَأيْني

  

فهذا أنا فاتَ مركبُ عُمْري

  وغابَ ببَحْري وأيقظَ ذهْني

  

أعودُ إليّ وشوْطي انتهاءٌ

  وَصوْتي اليتيمُ يُسائِلُ لَحْني

  

رَجَعْتُ وَصَمْتُ الطريقِ البعيدِ

  بهِ سوْفَ أرجو سلامةَ أمْني

  

لقد مرّ عُمري بركبِ الحياةِ

  هباءً هباءً وَضُيّعَ كَوْني

  

وَمنّي رَحلْتُ وعَجْلى خُطاي

  إلى ذاتِ رُوحي وأرجو التّأنّي

  

مضى ما مضى وانتهَتْ ضِحكةٌ

  وكلّ الذي ضاعَ قد ضاعَ منّي

  

وإنّي اشْتعَلْتُ بنارِ الشّتاتِ

  وفيّ انكويْتُ على كبْرِ سِنّي

  

فلسْتُ السّعيدَ كما تعرفونَ

  فإنّي أنا صوتُ موْتٍ وَحُزنِ

  

فمَنْ ذا سيُحْصي بصَدري الجراحَ

  ويُدرِكُ أنّي ذُبِحْتُ بسِجْني

  

لقدْ أثقلتْني صَرُوفُ الحياةِ

  بقيدِ الصّراخِ وصيحةِ أنّي

  

أنا فيكَ كلّي وأعطيْتُ كُلّي

  فكلك كلّي وأنتَ أتمنّي

  

فيا سيّدي يا كبيرَ الجراحِ

  متى فيكَ تدْفا شواطيءُ حُضْني

  

عبدْتُكَ حتّى رأيْتُكَ ربّاً

  وخلتُكَ أمّي التي لمْ تلدْني

  

لأجلِكَ إنّي وهبتُكَ كلّي

  وكلّي وَهبْتكَ منْ غيرِ مَنِّ

  

وفيكَ نزَفْتُ الذي قدْ نزفْتُ

  وقلتُ إليكَ أنا فامْتحنّي

  

ويا ليْتَ أنّي أوفّيهِ شيئاً

  وأعْطيهِ بعْضَ الذي لمْ يَكنّي

  

حمَلْتكَ قلباً وطفْتُ المَنافي

  وصرْتُ المزارَ دَعْوتُكَ زُرْني

  

وجئْني إلى بابِ قلبي الغريبِ

  فرَأسي برمْحِكَ شمْساً كأنّي

  

بذرّاتِ تبرِكَ كنْتُ تُراباً

  وفيهِ نموْتُ فصحْتُكَ خُذني

  

تَمَاهَيْتُ فيكَ وذبْتُ انتماءً

  ولمّا جرحْتُكَ قلتُ احْتضنّي

  

فيا ليْتَهُ يحتوي بعضَ عَظمي

  ويا ليْتَ فيهِ سيحْلمُ جَفْني

  

فَيا أيّها المُبتلى بالدِّماءِ

  لماذا أجيءُ وَتغرُبُ عَنّي

  

أدورُ بضمْنِكَ في اللامكانِ

  وأنتَ تدورُ عليّ وَضمْني

  

على نَخلِ صبرِكَ ألقى الغَمامُ

  شظايا الغيوثِ فقلتُكَ زِدْني

  

أصيحُ بأنّي أنا لا أخونُ

  فشمْسُكَ شمْسي التي لمْ تُضِئْني

  

وأنتَ المسجّى على ضلعِ رُوحي

  لَصَقْتكَ روحاً بروحي وَعَيْني

  

لماذا أقولُ احتويني رضيعاً

  وتفطمُ ثغري بملحِ التدنّي

  

وأقرُبُ منكَ وتهرُبُ حبّاً

  وأعْطيكَ خيْري ولي تمْتَهنّي

  

فثقْ أنّني فيكَ زِدْتُ اعْتصاماً

  ولا لنْ أُهدّمَ ما كنْتَ تَبْني

  

سجَدْتُ على جرْفِ شطِّكَ صبَّاً

  فكنْتُ الجنونَ الذي لمْ يَلحْني

  

أنا صوْتُ ذاتِكَ يا كلَّ ذاتي

  وفيكَ اعتقدْتُ ألا فاعْتقدْني

  

ويا أيّها المُستحيلُ الفناءَ

  أنا لمْ أخُنْكَ فلا لا تَخُنْي

  

لماذا لماذا ويَفْنى السّؤالُ

  وُحُوشُكَ تنسجُ ضَعْفي وَوَهْني

  

أنا ما ادَّعَيْتُ بحبّي إليكَ

  وما قد نكَرْتُ أصولَ التبَنّي

  

تسوَّلْتُ حتّى أراكَ أمامي

  كبيراً وأنتَ تزيدُ بِطعْني

  

وأفرَدْتُ نفسي فلسْتُ كغيري

  وغيريَ مثلي يَصيحُ أعِنّي

  

فطفْتُ بحبّكَ شرقاً وغرْباً

  وأنتَ قطعْتَ بحبّكَ غُصْني

  

فيا مَوْطني يا نديفَ النقاءِ

  متى مِنكَ أبرا وتبرأُ منّي

  

فأنتَ القتيلُ ومثلُكَ قلبي

  فمَنْ ذا سيأتي وَيشهَدُ دَفْني

وسوم: العدد 712