الشاعر

(الشَّاعِر) القصيدة الفائزة في المسابقة الأدبية العربية الكبرى في الشعر  المغرب

يُهدي فَلا الحرفِ غيثاً , والْمِدادَ سَنَا

ويَملأُ السِّفْرَ دُرَّاً.. يُطْرِبُ الزَّمنا

يُسامرُ السُّهد.. يَحكي للدُّجى قِصصاً

يَهُزُّ جِذْعَ المسا للصُّبح دونَ جَنَى

..يدكُّ طورَ خيالاتٍ تلوحُ سدَىً

وفوقَ هَامِ الرُّؤى يَبني لهُ وَطنا

بخاطرٍ يرسُمُ الذّكرى.. يُدَثّرُها

بِبُرْدَةٍ ..يا لَغَيِمِ الْحُلم كَم هَتَنَا !

تراهُ يبْحِرُ في لُجّ الحنين بلا

موجٍ ويُزجي تبارحَ الهوى سُفُنا

مُلَمِلِمَاً ما تَشَظّى منه ..مُعْتَصراً

من كرمةِ الرُّوح خَمراً يُسكرُ الوثَنَا

وناثراً طَلَّ حِبْرٍ فوق مِنضدةٍ

حَيْرَى , وسيفُ الدُّجى يغتالُ لَمحَ سَنَا

غفا المدادُ على زَنْدِ القصيدِ وما

غفتْ له أعينٌ أو عزمُهُ وَهَنا

فَلَيْلُهُ نابغيٌّ , شدَّ أنْجُمَهَ

بيَذْبُلٍ , والكرى إنْ زاره دَفَنا

حَدَا نِياقَ الهوى في رَكْب من عشقوا

وأمطرَ الوصلَ في بيْدِ النّوى مُزُنا

وبثَّ في الكون تغريداً ونفحَ شذاً

كعندليبٍ شدا صَبّاً بأيكتِنَا

وعنه كم صاغَ همسُ الدّهرِ أسئلةً !

وعن نجاويه ثغرُ الليلِ حدثنا

فقال : ذا شاعرُ الأحلام يصدحُ في

سَمْعِ المدى قائلاً : أنا الْجَمَالُ أنا

أنا مروجُ الرُّؤى , أبكارُ قافيةٍ

هزارُ بَوْحٍ بروضٍ تَيَّمَ الفَنَنَا

أنا بُراقُ الْمَعَانِي , سِحرُ فاتنةٍ

فُصحى يُغنّي معي سِرْب المجاز هُنا

أنا شموسُ الضُّحى في خدِّ غانِيَةٍ

أنا السِّهامُ بطَرْفِ الرّيم حين رَنَا

على قُصاصة أوراقي سقى أرقي

قفارَ سُهْدٍ بِجفنٍ ضَيّع الوَسَنَا

فمن سوايَ حبا للشِّعرِ أجنحةً

وللحروف حُداءً شَنَّفَ الأُذُنا ؟

ومن سوايَ يُواسي بؤسَ مُغتربٍ ؟

ومَن يُضَمّدُ جُرحاً نازفاً وطنا ؟

ومن يُحمِّلُ أنسامَ الصَّبا عَبَقاً

مع السَّلام لِحِبٍّ أينما سَكنا ؟

..عن لوعتي فاسألوا مُضْنَىً يُؤرّقُهُ

نوحُ الحمامِ إذا أهْدى الورى شَجَنَا

سلوا دموعَ اليتامى , ثُكلَ مَنْ فُجِعتْ

وشوقَ صَبٍّ يُناجي طيفَ منْ ظَعنا

بِمَدْفن اليأس كمْ أحْيَيْتُ من أملٍ !

وكم زرعتُ بصحراءِ الشَّقاءِ هَنَا !

وفي سكينةِ بَوْحي كم غفا وَجِلٌ

كأنَّها حَرَمٌ من حلَّهُ أَمِنَا

..لولا قريضي وما دَبَّجتُ من حُلَلٍ

لَمَا تغزّل مَنْ يهوى بِمَنْ فَتَنَا

وما رأينا لِقَيسٍ ألفَ لؤلؤةٍ

بوصف ليلى تُوَشّي وَجْهَهَا الْحَسَنَا

ولم تَنُحْ فوقَ غُصنِ البانِ ساجعةٌ

بلا هُمومٍ تُناجي فارساً سُجِنَا

..ضدانِ فِيَّ ففي روحي تَشُبُّ لَظىً

وفي ضلوعيَ بَحرُ الوجدِ ما سَكَنا

نفثتُ من سحرِ هاروتٍ على لُغَتِي

ومن بَهَا يوسفٍ وشَّحْتُها بِسَنَا

لذا أشيخُ وشعري في السُّطورِ فَتَى

وإنْ فنيتُ فلا يُفْنِي السُّطورَ فَنَا

وسوم: العدد 822