النهايات ليست مفتوحة

أحدث نشاطات دار فضاءات للنشر والتوزيع

قصص

حمود حمد الشكيلي

قصص تتوهج في القلب

لم يكن ( الواقعي) منطقة القص الوحيد للسرد، لقد امتد نشاطه إلى (الافتراضي) و(المتخيل) ليشغل الآداب والفنون عموماً بوصفها مناطق تتنوع فيها المجازات الإنسانية التي تؤسس للوعي القصصي وتشكل دافعة لواقع الهيمنة القصصية والحقيقة أن المجموعة القصصية التي حملت عنوانا ً "النهايات ليست مفتوحة " للقاص العُماني التشكيلي، تأتي في هذه السياقات الإبداعية .

 قصص النهايات ليست مفتوحة "الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع عمان،استطاعت أن تحرّر مساحات كبيرة من معمار الفكرة ،وأن تقيم مملكتها هناك بالتحديد، في القص الذي تتربّع فوقه مملكة القاص.هكذا،حقق القاص الشكيلي اختراقات مهمّة في جدار (الواقع) الاجتماعي. ونقرأ ذلك في قصة(الصرخة): (تتوارى أمه،أكاد أسمع صوت الماء في النار التي قد تحرق الجسد.)

من المكان الذي أشعل عود الثقاب تسمع مواء مفرطاً في الحزن.

 كان الطفل ساقطاً في غسالة؛ أمامها لعبة حصان تؤرجحه ريح دون فارس يعتليه ص22[ . حاول القاص هنا أن يبقي الثقافة المؤلمة التي تؤدي إلى فراغ الفكرة، التي تستدعي وجع الصورة، حالة مهيمنة على وعي القص، وظلّت تشكل العائق الأكثر صلابةً أمام تحقيق (المساواة) القيمية بين السرد والصورة القصصية.

 أما قص الحب، فقد عبر فيه القاص الشكيلي عن إدراكه وكشفه عن وجدان إنسان، بل إننا نجد أحياناً شيئاً من الجرأة والصراحة في بعض مقاطع السرد القصصي، وتحديداً في قصة"رائحة يديها"، قائلاً :

]في ظهيرة شتوية رسمت جمال امرأة أحببتها.

رسمتها مرتين..

في الأولى عندما تأكدنا أننا لم نخلق لنهنأ بيوم في سرير أبداً .

الثانية كانت يوم وصلني نبأ وفاتها في حادث سير عند آخر منعطف قبل المدرسة. ص 33[.

 ويتنقل الشكيلي بين قصصه في " النهايات ليست مفتوحة " ليصل بالقارئ لقصة "الكرسي" هذه القصة عند قراءتها تدفعنا لعدد من الأسئلة :

هل يمكن للقص أن يأخذ بأيدينا ويحرك الأوهام في دمنا؟ هل يمكنه أن يصدمنا لنصحو من غيبوبتنا فنعي واقعنا؟ إلى أيّ مدى يمكنه أن يقنعنا بأن الحياة ليست ممكنة فحسب بل أكثر بساطة وفيها خبايا فاتنة؟ لهذه الأسئلة التي تُدخل قارئها في صدمة الدهشة وتوتّرُ أعماقه وترتفع برؤاه وحلمه إلى أعلى ...وأعلى: ]إنسان تقبل تلك الكلمات كمزحة من كل من يجرؤ على قولها أمامه. يعيش منعزلاً ووحيداً بكرشه الضخم المتدلي كرأس سنبلة عبّاد الشمس، لا أحد يعرف كيف صارت القراءة ملاذه الأخير في عزلته، تلك التي عاشها في بيت قريب من محطة القطار.ص454[.

 القص هنا،هو الحيز أو الظروف التي يشعر بها الفرد بالارتياح والأمان. يمكن أن يكون مكاناً بعينه لكنه كذلك مجتمع إنساني- كبيراً كان أم صغيراً- يعنيك ويدعمك. وهذا ما ذهب إليه الشكيلي في قصته "الكرسي". تعتبر المجموعة القصية "النهابات ليست مفتوحة"، جاءت لتحطم كل ما أفرزته يد الذكورة، في رسم الصور السيئة للمرأة، وذلك من خلال إعادة الاعتبار لجسد الأنثى، ولخيال هذا الجسد الحرّ الذي يصنع صورته من جديد.

 والجدير بالذكر، أنّ المجموعة القصصية"النهابات ليست مفتوحة" هي المجموعة القصصية الرابعة، فقد صدرت له المجموعة القصصية الأولى"سرير يغطي سحابة" في مسقط عام2006، والثانية"شمس النهار من الماء"2009، والثالثة"لاأمان في الماء"،2012 .