رواية (الحصاد).. لون أدبي أصيل.. تشتم فيها  رائحة الأرض

رواية (الحصاد)..

لون أدبي أصيل.. تشتم فيها  رائحة الأرض

ديمة السمان

تقع رواية الأطفال"الحصاد" للأديب المقدسي جميل السلحوت، التي قدّم لها الدكتور الأديب طارق البكري في 46 صفحة من الحجم المتوسط، وصدرت بداية العام 2015 عن منشورات جمعية الزيزفزنة لتنمية ثقافة الطفل في رام الله.

بين الحصاد والحصار حرف واحد.. كما ذكر مقدّم الرّواية الدكتور طارق البكري.. ولكن شتّان بين ما فعلت الدّال وتفعل الرّاء... الفرق شاسع.. الأولى صمود وبناء.. والثّانية هدم ودمار.

رواية الحصاد.. لون أدبيّ أصيل.. تشتمّ فيها  رائحة الأرض.. تدخل القاريء بيت الفلاح الفلسطيني البسيط الأصيل الذي يركض على رزق عياله.. متمسّكا  بكبريائه وشموخه.. عزيز النّفس.. أصالته اكتسبها من رائحة تراب أرضه.. واستعار من صخورها صلابة مواقفه بتمسّكه بالأرض والوطن.

رواية تصف خيرات الأرض.. تصف حبّ الفلاح وعشقه لأرضه.. هو يفترش ترابها ويلتحف سماءها.. يورّث أطفاله حبّ الأرض ويحثّهم على التّمسك بها.. فالأرض كالعرض.. لا تنازل عنها أبدا.

تفنّن الكاتب بوصف القرية.. وحياة القرويين وأطفالهم الذين يكبرون سويا مع خيرات الأرض. جميلة هي  القرية.. حياتها.. بساطة أهلها.. أصالتهم تنبع من الجذور.

أحبّ القاريء عائلة أبي محمود.. أعجب بالأمّ والأب.. وبطريقتهم في التّعامل مع أبنائهم. كم هي راقية هذه الأسرة.. حكمة الأبوين ووسع صدرهما كان لافتا للنّظر.. إجاباتهم على أسئلة اطفالهم تستحق من القاريء وقفة تحليل.. فبعض الإجابات كانت تربويّة تعليميّة.. فيها العلم والمعرفة والرّفق والرحمة والتوجيه التّربويّ السليم.. وجزء منها جاءت محمولة على تنهيدة بحجم الوجع الفلسطيني: ( عندما تكبر ستفهم).. تكرّرت هذه الاجابة من الأبوين ومعلّمة الأطفال في المدرسة.. جواب رفضه الطّفل.. وشعر بتهرب الكبار من الاجابة.. قد تكون الاجابة أكبر من استيعاب الطفل.. وقد يكون السبب  تجنب الكبار فتح جروح وصلت حدّ التّقرح.. ولكنّها بجميع الأحوال يرفضها الأطفال شكلا ومضمونا.

جعل الكاتب القاريء يحبّ القرية.. ويتمنّى أن يكون أحد أفراد عائلة أبي محمود. فهي نموذج للعائلة التي تعرف كيف تسعد أفرادها.. وكلّ من يعيش معها.. حتّى مواشيها.

لم يغفل الكاتب أن يوجه نقدا عميقا للمجتمع الذي يربّي أبناءه على توزيع الأدوار بين الرّجل والمرأة بشكل غير منصف لصالح الرّجل.. بحيث تقتصر أعمال البيت على المرأة.. ولا يمدّ الرّجل لها يد العون بحجّة أنّه ( رجل).. أعمال البيت تمسّ رجولته.. تصل حدّ كرامته وكبريائه.. أمّا المرأة فتشارك الرّجل بالعمل عن طيب خاطر.

أن يصف الكاتب مرحلة لا يزال يعيشها.. ويكون القاريء أحد أفرادها ويستمتع بقراءتها.. ويتأثّر بها.. فهذا من المؤكّد لصالح الكاتب

  فبعد أن أحبّ القاريء القرية.. ورآها جنّة على الأرض.. صدمته كلمات الكاتب في نهاية الرّواية.. وهو يراها تنزف.. (جرّافات المستوطنين تجرف الأراضي الزّراعيّة) تجرف جنان الأرض! فزاد كرهه وحقده على الاحتلال.

كانت رسالة من الكاتب.. لا شكّ أنّها وصلت بامتياز.