استسلام البطل ! بين الفن الروائي ، والواقعة التاريخية !؟

يحيى بشير حاج يحيى

استسلام البطل !

بين الفن الروائي ، والواقعة التاريخية !؟

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

استسلام البطل ليس بالأمر الهيّن ،لاعلى البطل نفسه ، ولاعلى  مٓن حوله  !  فهو كسقوط الراية إن لم يكن أشد  !؟ لأن الراية قد تجد مٓن يحملها بعد حاملها ! ومع ذلك فلا بد من معرفة الظروف والملابسات التي أدت إلى استسلامه !؟ 

في رواية صقور القوقاز لسلجوق قللي - ترجمة : د. محمد حرب ، التي صورت جهاد الداغستانيين بقيادة الإمام شامل ،ضد الروس على مدى خمسة وثلاثين عاماً نقف عند اللحظات الأخيرة ،وقد تضعضع المجاهدون الذين لم يكونوا يزيدون على ثلاثمائة ، وفيهم المسنون والأطفال والنساء ! وقد أشفق المحيطون بالإمام أن يبلغوه باقتراح التسليم الذي عرضته روسيا ، وكان رده على ( الحاج قاسم ) إني أفتح يديّ لأستشهد ، وأنتم تقترحون عليّ أن أستسلم !؟ فأخبره قاسم أن الموفد الروسي قد حضر ، ومعه رسالة ؛ لأن شمال القوقاز وبلاد الشيشان كلها الآن تحت الاحتلال الروسي ، ؟! وأنه باستطاعته أن يسلم نفسه مع ضمانات بسلامته شخصياً وسلامة من معه ؟! فرفض الإمام ، لكن الحاج قاسم أخرج الفتوى بالتسليم ، لأن الصراع الآن ميئوس منه ! فتناول الفتوى بعينين دامعتين وهو يقول : يشهد الله أني لا أسلّم ، وأني إنما أخضع لفتوى العلماء

فأقام عشر سنوات في ( كلوجا) طالباً من الداغستانيين ألا يغادروا وطنهم ، لأ نه سيأتي يوم الحرية ! ثم وافق الروس على سفره إلى الحجاز للحج ، فأقام سنوات ، ومات ودفن في المدينةالمنورة !! 

وأما فخري باشاقائد الحامية العثمانية المحاصٓرة في المدينة المنورة ،  في الحرب العالمية الأولى ، و الذي قاوم الاستسلام  ! فلم يُكتب لنهاية مقاومته مٓن يعرضها بشكل روائي إلى الآن !؟ 

وقد نقلها أحد المرافقين في كتابه ( آخر الأتراك في ظل نبينا - فريدون قاندمير - ترجمة : أديب عبد المنان ) وهي تشبه إلى حد كبير موقف الإمام شامل

كان يرفض الخروج من المدينة على الرغم من الأوامر التي كانت تأتيه من السلطان ، وظل محاصٓراً فيها سبعين يوماً ! وحين حانت لحظة الوداع تقدم للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلما همّ بالخروج توقف ، وظل هكذا من الظهر إلى المغرب ... حتى وصل حال الضباط معه إلى التوسل ، وهم يُفهمونه أنه أدى واجبه ، وهو واقف لا يتحرك ! فتقدموا بناءً على مااتفقوا عليه ، وأحاطوا به يحتضنونه وهم يبكون

وسجل فخري باشا كلماته للتاريخ : لقد كان هذا الاستسلام لكم أول استسلام أخضع له في حياتي !!!!