الملف السري لإبادة شعب

الملف السري لإبادة شعب

تأليف: يحيى غانم

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

خنازير أوروبا يقودها مجنون!

خنازير أوروبا هو الوصف الذي يطلق في الغرب على الصرب، وأما المجنون فهو "سلوبودان ميلوسوفيتش" رئيس جمهورية الصرب، كما وصفه "ستيبه ميستش" الذي كان يشغل منصب رئيس يوغسلافيا قبل الانهيار.

كيف ستكون مهمة صحفي مسلم يدخل إلى "المحرقة" ليعيش شهوراً في داخلها، ووسيلته الوحيدة للدخول والتنقل مدرعة لا تتوافر لأمثاله، تتحرك على "طريق الموت" الواصل ما بين المطار ومدينة سراييفو، وعلى جانبيه مئات القناصة من الصرب؟ هذا ما يحدثنا عنه الصحفي المصري يحيى غانم في يومياته، بل في روايته للمأساة التي ما يزال المسلمون يعيشونها، وهم يشكون إلى الله تقاعس الشقيق، وجرأة العدو عليهم ووقاحته وطغيانه:

تحدث في الفصل الأول عن الجهود التي بذلها من أجل الوصول إلى سراييفو لينقل للعالم الإسلامي ما يجري في البوسنة، بعيداً عن كذب الإعلام الغربي وتآمره!

ويتحدث في الفصل الثاني الذي حمل عنوان "المحرقة": عن الخطأ التاريخي الذي وقع فيه المسلمون –بحسن نواياهم- حين سمحوا للجيش الاتحادي اليوغسلافي بالانسحاب حاملاً أسلحته الثقيلة إلى خارج العاصمة، والمدن الرئيسية لتكون النتيجة اتخاذ هذا الجيش للجبال المحيطة مواقف يقصف منها المسلمين، بينما عمل الكروات على تجريده من أسلحته الثقيلة تحت سيف التهديد بالنسف لثكناته وتدميرها، ومع ذلك فإن واقع المسلمين في أثناء انسحاب الجيش الاتحادي لم يكن ليسمح لهم بأكثر من هذا.

وفي الفصل الثالث (شعاع من التاريخ): تحدث عن التركيبة السكانية وعن الدعاية الصربية للتقليل من شأن المسلمين وعددهم وأصلهم، وحرصهم على نسبة المسلمين إلى بقايا العثمانيين، وتكذيب التاريخ لهم، فإن الصرب والكروات والمسلمين البوسنويين ينتمون إلى الجنس السلافي مع اختلاف في الموطن الأصلي الذي نزحوا منه.

وفي الفصل الرابع (ووجدت الإسلام هنا): أبرز المؤلف صفحات من تسامح المسلمين مع غيرهم، وإشراكهم لهم في إدارة البلاد، كما تحدث عن حرص المسلمين هناك على حضور صلاة الجمعة، برغم القصف الصربي للمساجد.

وفي الفصل الخامس (مؤامرة الميلاد – مؤامرة الموت): استعرض المؤلف تاريخ ظهور الاتحاد اليوغسلافي، وكشف التواطؤ الغربي الأمريكي ثم ولادة هذا الكيان، ثم مؤامرة السلطات الشيوعية في تقسيم المسلمين، وتفتيتهم على أساس عرقي.

ثم تأتي الحلقة الأخيرة من المؤامرة في مسرحية ولادة جمهوريتي سلوفينيا وكرواتيا، والضغوط والتهديدات الغربية للصرب في أثناء تحركهم ضد هاتين الجمهوريتين، والتخاذل والتآمر الغربي حين إعلان جمهورية البوسنة والهرسك.

وفي فصل (الأمم المتحدة والحفاظ على السلام الضائع): صور لجرائم القوات الدولية بالبوسنة وتعبر عنها بوضوح مواقف بطرس غالي وتصريحاته: "إن أوضاعكم أفضل من أوضاع العديد من الشعوب الأخرى، يجب أن تحمدوا الله أن لديكم قوات دولية"، فماذا تفعل هذه القوات أو غالبيتها في البوسنة؟.

الكتيبة الفرنسية والأوكرانية يستلم أفرادها الأجهزة الكهربائية والذهب الذي يملكه المحتاجون للطعام ويقايضونهم على بعض من علب الجبن، وشيء من الوقود، ويعود الأكرانيون المعدمون وقد امتلأت جيوبهم أساور وسلاسل ذهبية ودولارات أمريكية، بعد أن يؤدوا مهمتهم الإنسانية في البوسنة!!.

وفي فصل خاص تحدث المؤلف عن مقابلته للرئيس علي عزت بيجوفيتش: تحت وابل من القصف الصربي لقصر الرئاسة، وطلب الرئيس منه أن يبلغ العالم الإسلامي ما يتعرض له المسلمون، ومما قاله له: الغرب خان قضيتنا وتنكر لها ولم يكن منصفاً، وكان تحيزه للمعسكر الآخر واضحاً جلياً، لقد أخذنا العبرة –نحن مسلمو البوسنة- من مأساة فلسطين العربية، وسندافع عن بلادنا بأنفسنا، وسنواصل القتال إلى آخر مقاتل من رجالنا.

وفي خمسة فصول هي (11، 12، 13، 14، 15)، تحدث عن جريمة التاريخ بالأسماء والوقائع والصور، وعن معسكرات اعتقال النساء المسلمات، وما يتعرضن له، وعن اعترافات عدد من الأسرى الصرب حول هذا الموضوع، فقد وصل عدد المغتصبات حتى شهر يونيو 1993م، أكثر من ثلاث وأربعين ألفاً، ولعل هذه الفصول من أشد ما جاء في الكتاب إيلاماً للقارئ المسلم.

وفي الفصل السادس عشر: ينقل وصفاً لمعاناته حين وقف أمام الموت وجهاً لوجه، وهو يتحرك مضطراً في شوارع سراييفو، والقناصة الصرب يتابعون أية حركة.

وفي الفصل السابع عشر: أعطى صورة مشرقة للجهاد في البوسنة مع ما يكتنف تلك البلاد من أعداء ومؤامرات، فأجرى مقابلة مع طفل مقاتل عمره 14 عاماً كأصغر محارب في العالم، وأبرز قوله: "النصر والهزيمة من عند الله، المهم ألا نقصر في الدفاع عن ديننا وأهلنا".

وقبل أن يختتم كتابه بالملاحق يجري مقابلتين مع بعض القادة الميدانيين الذين يؤلمهم أن يستمر حظر الأسلحة عن المسلمين، بينما هو متوافر في أيدي الصرب، كما يؤلمهم أن غالبية العالم الإسلامي ما يزال يتحدث في الوقت الذي يباد شعب كامل.

ثم يختم كتابه بالإشارة إلى الموقف المشرف للكتيبة المصرية بسراييفو، وهو موقف تفرضه أخوة الإسلام.. ويخرج من المحرقة بأعجوبة وبصعوبة بالغة، وهو يحمل وثيقة إدانة للعدو والساكتين على جرائمه، وللأشقاء الذين ما يزالون في موقف المتفرج.

وتقف صفحات الكتاب عند تقرير مفصل من المشيخة الإسلامية في البوسنة بأسماء وأماكن وأعداد المساجد والمدارس والمؤسسات الإسلامية التي هدمتها قنابل ومدافع المجرمين الصرب، وقد تجاوزت 612 مسجداً ومدرسة ومؤسسة.

وقد جاء الكتاب في 384 صفحة من القطع المتوسط، وصدر في طبعته الأولى عن دار الاعتصام بالقاهرة.