اللواء محمود شيت خطاب

يحيى بشير حاج يحيى

اللواء محمود شيت خطاب

د. يوسف إبراهيم السلوم

يحيى بشير حاج يحيى

[email protected]

تاريخ أمتنا العربية و الإسلامية حافل بالكثير من القادة العسكريين الذين تركوا بصماتهم في سجل الأيامم ، و خلّـدوا أسماءهم بعظيم أعمالهم ، و ما قدموه لأمتهم من جهد كبير ، و فكر ثاقب و نظرة مستنيرة ، و من هؤلاء القادة المبرزين في عصرنا الحديث اللواء الركن محمود شيت خطاب - رحمه الله - الذي تميز بتفوقه في الفن العسكري إلى جانب التفوق الفكري و الثقافي ، فهو عالم في العربية ، ملم بالشؤون الدينية ، مطلع على قضايا عصره ، متابع لأحوال أمته بصير بما يحاك لها في دهاليز التآمر ، أنذر قومه قبل أن تقع النكبات ، وقدّم لها خالص خبرته لتنهض من جديد ..

في مقدمة الكتاب يبيّـن المؤلف : بأن سيرة أية شخصية لها تاريخ و إنتاج علمي و أدبي لا يخص الشخص نفسه ، و لكنها تهم الدارسين و الباحثين ؛ لأنها تتعلق بتاريخ البلد الذي يعيش فيه صاحب السيرة ، و هي جزء من تراث الأمة التي ينتمي إليها ، و فصل من فصول تاريخها و حضارتها لأنها تعبر عن جزء من خصائص تلك الأمة بما تحتويه من الأعمال الجليلة و المؤلفات و البحوث التي كتبها صاحب السيرة في أوقات من حياته التي هي جزء من حياة أمته

يتألف الكتاب من مقدمة و ستة فصول و خاتمة :

في الفصل الأول و الثاني انصب الحديث على حياته الخاصة و العامة ، فهو من مواليد 1919 في مدينة الموصل ، ولد لأبوين كريمين ، قرأ القرآن و تربى تربية إسلامية بين أهله ، حج و عمره خمسة عشرة عاماً ، و في 1937 دخل الكلية العسكرية وشهد بعدها الحرب العربية الصهيونية في فلسطين عام 1948 و بقي عاماً في جنين ، كما شهد الحرب العراقية البريطانية في العراق 1941 م و جرح فيها جروحاً بليغة ، و قد ابتعث إلى كلية الدراسات العليا (كلية الضباط الأقدميين ) في بريطانيا ، و كان ترتيبه الأول على مئة ضابط من مختلف دول العالم ؟!

شغل عدة مناصب عسكرية ، و تفرغ كليا لبحوثه و دراساته و للتأليف و التدريس في المدارس و المعاهد و الجامعات العسكرية في أرجاء الدول العربية .

و كان أول من درَّس العسكرية الإسرائيلية في الوطن العربي و كانت اهتماماته تتركز في أربعة محاور :

1 - محور التاريخ العربي الإسلامي من الناحية العسكرية ، كما في كتبه الكثيرة مثل ( الرسول القائد - قادة الفتح - الفاروق القائد )

2 - محور اللغة العسكرية : إذ اقترح توحيد المطلحات العسكرية للجيوش العربية و أصدر أربع معجمات عسكرية .

3 - محور العدو الصهيوني : في محاولة أن يعرف العرب و المسلمون عن عدوهم و حقيقته ، فصدر له (العسكرية الإسرائيلية) و ( العدو الصهيوني ) و (الأسلحة المتطورة) و غيرهما من الكتب و البحوث ؟!

4 - محور الدعوة الإسلامية : في الدفاع عن الإسلام ديناً و العربية لغة ، و له في هذا المجال : ( بين العقيدة و القيادة - رسالة المسجد العسكرية )

وقد بلغت كتبه و بحوثه المنشورة (354 ) كتاباً و بحثاً !!

و شهد في حياته العسكرية / 24 / دورة عسكرية في العراق و غيره و شارك في عدد كبير من المؤتمرات / مجامع اللغة العربية - مجمع البحوث الإسلامية - رابطة العالم الإسلامي - و محاضرات في الكليات العسكرية على مستوى القيادة و الأركان .

و قد عد المؤلف أربعا و أربعين كتابا مطبوعا له في مختلف العواصم العربية ، و أربعة عشر كتابا جاهزا للطبع أو في طريقه إلى النشر ، كما عدد أسماء الهيئات و الجمعيات العلمية التي شارك فيها فزادت على الثمانية ، و قد نشر مقالاته في حوالي ثلاثين مجلة و دورية .

ثم أضاف المؤلف ترجمة لحياة اللواء كما وردت في كتاب (علماء و مفكرون عرفتهم ) للكاتب محمد المجذوب ، فصّل فيها عن حياته ، و من أبرز ما ورد فيها أن اللواء بلغت به الدقة في رصد التطورات التي كانت تتمخض بها المنطقة آنذاك (قبل الخامس من حزيران 1967 ) إلى حد أن يؤكد عزم إسرائيل على التحرك لإنزال ضربتها في اليوم نفسه الذي قررته و هو الخامس من حزيران ، و نشر ذلك في جريدة (العرب) البغدادية ، يوم الأول من الشهر نفسه ، و لكن صيحته ذهبت مع الريح ، لأن الغرور و الجهل قد أصمّا آذان المسؤولين أثناءها .. و لكن قدّر له خبرته حق قدرها - مع الأسف - المؤلف الإسرائيلي الذي عرض لأنذار اللواء محمود بشأن تلك الحرب ، فقال عنه في كتابه (الحرب بين العرب و إسرائيل) إنه أكبر عقلية استراتيجية في العرب ، و لكنه كالنبي في الصحراء لا يجد مَـن يستفيد منه ؟!

و في الفصل الثالث ( مقابلات مع اللواء الركن محمود شيت الخطاب ) مقابلة مع مجلة الحرس الوطني السعودية و قد أفاض اللواء في الحديث عن العقيدة العسكرية الإسلامية العربية و بين أنها عقيدة تعتمد على القيادة المتميزة و الجنود المتميزين بعقيدتهم الراسخة التي لا يمكن أن تقهر ، و إذا أردنا أن نعبر عن ذلك بالتعابير الحديثة قلنا : إن المقاتل العربي المسلم ، يتحلى بالمعنويات العالية التي ترتكز على تعاليم الدين الحنيف ..

و بيّن أن الالتزام و الكفاءة و الأقدمية و العلم المكتسب و التجربة العملية و الشجاعة و الذكاء و عدم التسرع و الحرص و الإقدام هي ميزات يجب أن تتوفر فيمن يتولى القيادة

و في  مقابلة أخرى مع مجلة (الفيصل) السعودية كان الحديث حول كتابه (بين العقيدة و القيادة) تحدث فيها عن العلاقة بين القيادة و العقيدة و عن مواصفات القائد المنتصر و صفاته في العقيدة الراسخة ، المحبة المتبادلة بينه و بين رجاله ، الثقة المتبادلة بينهما ، الشخصية القوية النافذة ، الإدارة الصلبة الحازمة ، الخلق القويم ، القابلية على بناء الرجال تدريباً و تهذيباً ،  العقل الراجح الحصيف ، السمعة الحسنة ، العلم العسكري المتين ، الخبرة الرجال ، الانضباط القوي المتين

و قد خصص المؤلف الفصل الرابع للحديث عن (الآثار العلمية للواء الركن محمود شيت خطاب ) فذكر عناوين الكتب التي ألفها اللواء و تاريخ طبعها و اسم البلد و قد قسمها إلى (الآثار العلمية - في السيرة النبوية و طبقات قادة الفتح الإسلامي - العقيدة العسكرية الإسلامية - اللغة العسكرية و المعاجم العسكرية - قضايا معاصرة - القضية الفلسطينية و إسرائيل - التراجم و الحروب الحديثة )

و تعد مؤلفات - اللواء مصدرا من مصادر التراث العسكري ، و ذكر مؤلف معجم (مصادر التراث العسكري) كوركيس عواد ، مائة و ستة و سبعين أثراً و عملاً من أعمال اللواء العلمية .

و خصص المؤلف الفصل الخامس لأعمال اللواء الركن محمود شيت خطاب كما وردت في كتاب (مصادر التراث العسكري عند العرب ) بذكر البحث أو الكتاب و اسم الناشر أو المجلة و تاريخ النشر و البلد و رقم العدد و تاريخه

و في الفصل السادس يتحدث المؤلف عن انطباعاته حول الكاتب و مؤلفاته و مدى تأثره بشخصيته  ، و انتفاعه بكتبه و بحوثه ، و يدعو إلى الإفادة منها ، لما فيها من تجربة صادقة و علم وافر ، و دعوة مخلصة .