ماذا تقول "أرجوحتي"

ماذا تقول "أرجوحتي"؟

ياسين سليماني

[email protected]

"أرجوحتي" كتاب منوّع للأطفال العرب

دقّات خفيفة على باب المنزل... ياسين... ياسين... لا يردُّ هذا الياسين على الشاب الواقف في الشارع ينتظر صديقه أن يفتح له... لا بأس، تذهب أمّي بخطواتها الوئيدة إلى الباب فتفتحه، وتجد أمامها "طارق" الذي غاب عن عينيها أكثر من ثلاثة أشهر بسبب مشاغل الدنيا وعفونتها.

ياسين ليس هنا؟

لا، خرج.

لكني أتصل به فلا يرد عليَّ.

لقد نسي –كعادته السيّئة دائما- محموله وأغلق عليه غرفته وتركه يرنّ.

إذن أعطيه هذا...

تأخذ أميّ الطرد البريدي وتشكر الشاب الذي يطلق ساقيه للريح ليصل إلى المدرسة التي يعمل فيها قبل أن يدق الجرس الأخير... تنظر والدتي إلى الطرد فتجده من فرنسا، لا تهتم كثيرا بالموضوع، فمنذ أن أصبح ولدها يكتب في عدد من المجلات العربية ، صار البريد يأتيها دائما، وهو في جميع الأحوال إما نسخة من مطبوعة نشر فيها عمله، أو رسالة من مجلة تعلمه أنّها وضعت في حسابه مبلغا بـ"الدولار" نظير كتابته في هذه المجلة أو تلك.

يدخل ياسين فيجد في يدها الطرد،الذي أنهكته الرحلة في القارات الثلاث، فمن فلسطين الغالية بآسيا إلى تولون الفرنسية بأوروبا، إلى عين البيضاء بالجزائر الإفريقية،مع ذلك لا يزال الطرد يحتفظ بهدوئه وأناقته،  يأخذه منها ويفتح غرفته ويعتزل العالم... يفتح الطرد يجد فيه ثلاث مطبوعات رائعات: العدد 147 من مجلة "الحياة للأطفال"، والجزء الأول والثاني من كتاب "أرجوحتي".

وإذا كانت الحياة للأطفال قد اعتادت مشكورة أن تنشر له قصصه للأطفال حتى ألف ذلك، فإنه في "أرجوحتي" لم يألف هذا. ذلك أنّ هذا الكتاب يجمعه بالكبار... والكبار فقط.

**  **  **

كتاب "أرجوحتي"، مجموعة قصص وقصائد نشرتها مؤخرا مجلة الحياة للأطفال الفلسطينية ، في ثلاثة أجزاء، بصفحات ملوّنة من القطع الكبير، تجمع الأستاذ والأخ والصديق محمد بدارنه بياسين سليماني وآخرين من كتّاب الأطفال في العالم العربي، وتزيّنها رسومات الفنانتين لودا جلبشه وريم العسكري، وهو كتاب قد أخذ من كلّ روضة زهرة، يقول الأستاذ بدارنه في مقدمته :" لم تولد الأراجيح إلاّ للأطفال، وعلام؟ كي نحلّق معا في فضاء المتعة والمغامرة والخيال والجمال والخوف والقهقهات .... أرجوحتي قطع أدبية رائعة في الخيال والإبداع جامعة، كالشهد طعمها وكالفجر حلمها،... طابت أرجوحتي بكم وطابت بها أوقاتكم، ودامت عامرة بالأفراح في دياركم".

ويكتب بدارنه قصصه الطافحة بالجمال والخيال الرائق فيسأل في قصته الجميلة "أيها الأجمل من الحيوانات" ص 30، ومن تلك الجميلة التي اصطفّت مع المتسابقات في مؤخّرة الطابور! وجعلت "الأسد مدهوشا وفاغرا فاه" من التي "أسكرت بجمالها عينيه؟؟ لن يجيب أحد عن هذا إلاّ "أرجوحتي ، كما يتحدث عن "سنجاب يراقص المطر"، وحوار ماته بين السنجابة وابنها والمطر المنهمر الذي يشكّل "هدية السماء لنا، يحمل الخير والحب و الهنا" في الصفحة 25.

أمّا سليماني فيقصّ على الأطفال حكاياته الكثيرة، كحكاية "العصيدة الطيّبة" ص22 لا شكّ أنها عصيدة طيّبة، مادامت القدر التي طهيت فيها قد فاضت بالعصيدة فملأت المنزل ثم الشارع، ثم الشوارع جميعا إلى أن غمرت كلّ المدينة ولم يعد أحد يشعر بالجوع!!! زادتها رسومات الرائعتين "ريم" و"لودا" جمالا، فأعطيتا للقصة بعدا لونيّا يخلب النظر.

تنوّعت عناوين القصص بتنوّع مواضيعها، فمن "الرسام الصغير" إلى "سفينة الفضاء" إلى لعبتي" و"لغتي" وحكاية النهر" إلى حكاية القمر وغيرها...

غلاف الكتاب أنجزت لوحته الفنانة ريما كوسا وخطّ عنوانه أحمد داري.

أتحدّى أن يقرأه طفل من الخامسة إلى التسعين من العمر (كما يقول أخي بدارنه) دون أن يستمتع به.

"أرجوحتي" تفتح باب الخيال واسعا للأطفال، ومادام يصعب على الكتاب الوصول إلى البلاد العربية لأسباب تعرفونها فلا أقل من الإطلاع عليه في موقع الحياة للأطفال.نت