كتاب جديد للناقد "حسين سرمك حسن"

كتاب جديد للناقد "حسين سرمك حسن"

عن "أدب الشدائد الفاجعة"

(ناطق خلوصي وأدب الشدائد الفاجعة) هو عنوان الكتاب الجديد للناقد الدكتور حسين سرمك حسن ، والذي صدر مؤخرا عن دار ضفاف (الشارقة / بغداد) للطباعة والنشر هذا الأسبوع .

أهدى الناقد كتابه إلى :

(روح المبدع الكبير "فؤاد التكرلي"

إعترافا بجهوده الريادية الفذّة في إرساء ملامح القصة القصيرة الحديثة في الأدب العراقي) (ص 7) .

ثم قدّم الناقد في "مقدّمة" الكتاب لمحات موجزة عن مسيرة القاص والروائي ناطق خلوصي قائلاً:

(بدأ القاص والروائي "ناطق خلوصي" كتابة القصة ونشرها منذ ما يقارب النصف قرن . وصدرت أول مجموعة قصصية له وهي "الهجير" في عام 1978 ، في حين أصدر أول رواية له وهي "منزل السرور" في عام 1989 ، بعد أن أنجز كتابتها في ما يقرب من ثلاث سنوات ، ولم تصدر ألّا بعد ست سنوات من انجازها  ، فقد نامت على رفوف دار الشؤون الثقافية طوال خمس سنوات دون سبب مقنع مع أن الناقد الكبير الدكتور علي جواد الطاهر( رحمه الله ) كان الخبير الذي اعتمدته الدار ، وأبدى اعجابه بها ، وأوصى بنشرها) (ص 9) .

ثم يحاول المؤلّف تحديد سمات منهج خلوصي في الكتابة القصصية والروائية بالقول :

(ومنذ خطواته الأولى وحتى هذا اليوم ، ظلّ خلوصي مخلصاً للمنهج الواقعي في كتابة القصة . ولا نقصد به المنهج الواقعي الفج الوصفي ، ولكن المُحدث القائم على رؤيا مخلصة لآلام الإنسان العراقي المسحوق ، ورؤية ثاقبة تستند إلى فهم حاد لدور الحبكة وعوامل التوتر الدرامي في إنضاج حكاية مؤثّرة ، ولأهمّية المكان كمكوّن فاعل في البناء االروائي خصوصاً ، والتحرّك على متصل الزمان بمحاوره الثلاثة المعروفة ، واستثمار التقنيات الحديثة من تناص ، واسترجاعات فنّية -  flashbacks ، وتوظيفات ماوراءنصّية – metafiction ، وتعدّدية أصوات وضمائر ساردة ، ولغة شعريّة منضبطة ، بالرغم من أنه – كما يقول - لا يجرؤ على الإقتراب من الشعر في كتاباته النقديّة (2) . وكل ذلك يستظل بثراء معرفي موسوعي هو المترجم والناقد بالإضافة إلى موهبته السردية الكبيرة ، هذا الثراء المعرفي الذي يعدّه شرطا لأداء فنّي مقتدر يعزّزه بالقراءة المستمرة كما عبّر عن ذلك بقوله :

(لقد تعرّفت على الاتجاهات الفكرية وطبيعة الفلسفات التي تحكمها ، واستلهمت الفكر الماركسي  دون تزمت أو تعصب . قرأتُ إلى جانبه في الأديان والنظريات الفكرية والاجتماعية والاقتصاد وعلم النفس والسياسة  ، مثلما قرأتُ في الأدب والفن والنقد بحكم تعدد اهتماماتي . لقد تنوعت مصادر قراءاتي وتعددت حتى توفرت لدي ذخيرة معرفية أعانت تجربتي على التطور وجعلتني أعتمد عليها بثقة وأنا أتنقل  بين المجالات الابداعية المختلفة .  ولأنني أرى ان المبدع يظل في حاجة إلى ذخيرة معرفية حيّة ومتجددة باستمرار ، فانني أجد في القراءة نسغاُ حيّاً يمد هذه الذخيرة بروح التجديد . لقد كانت القراءة وماتزال أحد هواجسي الرئيسة . فقد ارتبطت بها برفقة حميمة جعلتني أجد فيها ملاذاً آمناً أركنُ اليه) (9) .

أمّا عن محتوى الكتاب ، وسبب تسميته بأدب الشدائد الفاجعة ، فقد قال الناقد حسين سرمك حسن :

(وقد اطلعتُ على كل نتاجات ناطق خلوصي السرديّة من قصّة ورواية ، وتعايشت بدقّة وتعاطف ووضوح كاف مع القدر الكبير من الجهد والعناء والمصداقية العالية التي تطفح بها نصوصه ، قصّةً ورواية . وقد آثرتُ – في هذا الكتاب – أن أقدّم للقرّاء الكرام تحليل نماذج قصصية وروائية من أدب خلوصي السردي في السنوات العشر الأخيرة من عمره الإبداعي المديد بإذن الله ، لأنني تعمّدت وضع القارىء أمام الصورة التطوّرية الفنّية الأخيرة ، والمستوى الحكائي الخلّاق الراهن الذي بلغه هذا الحكّاء المُقندر . وفي النماذح القصصية والروائية التي اخترتها ، حاولت أن أقدّم أمثلة وافية عبر التحليل الشامل للنصوص على ظاهرتين مهمّتين وبارزتين في المنجز الإبداعي لخلوصي : الأولى هي ما يرتبط بما أسميته بـ "أدب عصر المحنة" أو "أدب الشدائد الفاجعة" ، وهو الأدب الذي يتناول المحنة الجهنّمية التي مزّقت المجتمع العراقي ، إنساناً ومكاناً ومفاهيم ، والتي أوقعت المبدع العراقي في مأزق خطير يسبق فيه الواقع الجحيمي المُرعب المخيلة المبدعة ، بخلاف ما تعارفنا عليه في أزمان وأماكن سابقة ومعاصرة يحاول فيها المبدع شحذ مخيّلته كي تسبق الواقع وتجعله يلهث خلفها . وفي هذا الإختبار العصيب الذي اشتعلت ألسنته بعد الإحتلال الأمريكي القذر لوطننا ، قدّم خلوصي نماذج قصصية في غاية الإقتدار : بنية ووظيفة ، مبنى ومعنى ، في التعبير عن هذا العالم العراقي الأسفل الذي طفح وصار عالماً أعلى ترى الناس فيه سكارى وما هم بسكارى) (ص 10) .

وقد تكوّن الكتاب (184 صفحة من القطع الكبير) مقدّمة وقسمين ومُلحقين . ضم القسم الأول فصلين هما : وسط ظلام الآثام ، ونوبة شبق مرعبة ، وقام فيهما الناقد بتحليل نصّين قصصين للكاتب . أمّا القسم الثاني فقد تكوّن من فصلين أيضاً قام الكاتب فيهما بتحليل روايتين للروائي ناطق خلوصي هما : تفّاحة حواء ، وأبواب الفردوس .

في الملحق الأول عرضٌ لتجربة ناطق خلوصي ، بقلمه ، من خلال مقالة عنوانها (تجربة : رفقة حميمة مع الكلمة) كتبها الروائي خلوصي نفسه مستعرضاً فيها المسار التاريخي لتجربته ونتاجاته وانشغالاته الإبداعية ووجهات نظره في الكتابة السردية ، وهي عبارة عن عرض مركّز ، ورحلة وافية مع تجربته في عالم السرد والنقد والترجمة .

وفي الملحق سيرة شخصية للناقد حسين سرمك حسن تضمنت أيضاً عناوين مؤلفاته النقديّة والعلمية والفكرية ، ومنها نرى أنّ هذا الكتاب هو الثاني والأربعون في مسيرة الناقد الدكتور حسين سرمك حسن.