ليلة تسليم جلجامش لليهود : كتاب جديد للدكتور حسين سرمك حسن

clip_image002_43b3f.jpg

عن دار ضفاف (الشارقة/بغداد) للطباعة والنشر، صدر مؤخراً كتاب جديد للدكتور حسين سرمك حسن عنوانه : (ليلة تسليم جلجامش لليهود -  فضح مغالطات التناص بين الفكر العراقي القديم والفكر التوراتي) (287 صفحة من القطع الكبير).

افتتح الكتاب بعيارة للعلّامة العراقي الآثاري الراحل "طه باقر" يقول فيها :

(ملحمة جلجامش ، التي يصح أن نسميها اوديسة العراق القديم يضعها الباحثون ومؤرخو الأدب المحدثون بين شوامخ الادب العالمي . ولعلني لا أبالغ اذا قلت انه لو لم يأتنا من حضارة وادي الرافدين ، من منجزاتها وعلومها وفنونها شيء سوى هذه الملحمة لكانت جديرة بأن تبوّأ تلك الحضارة مكانة سامية بين الحضارات العالمية القديمة . إن ملحمة جلجامش أقدم نوع من أدب الملاحم البطولية في تاريخ جميع الحضارات، وإلى هذا فهي أطول وأكمل ملحمة عرفتها حضارات العالم القديم ، وليس هنالك ما يُقرن بها أو ما يضاهيها من آداب الحضارات القديمة قبل الإلياذة والأوديسة في الأدب اليوناني (جاءت بعد ملحمة جلجامش بثمانية قرون) .

ثم جاء إهداء الكتاب على الشكل التالي :

إلى "قارىء الطين"

العلّامة العراقي الراحل

الآثاري الفذّ

" طه باقر "

تقديراً لجهوده الرائدة في ترميم الذاكرة العراقية ، ولكونه أوّل من قدّم جلجامش العظيم ليكون أنموذجاً للشخصية العراقية المبدعة في الفكر والبناء .

في المقدّمة يبيّن المؤلف الحافز الذي دفعه إلى وضع هذا الكتاب بالقول :

(تصاعدت في الثقافة العربية منذ أكثر من عقدين – وبوتائرَ سريعةٍ وخطىً واسعة - ظاهرة كشف ومراجعة ما يُسمّى - وفق المصطلح الحداثي - بـ "التناص" بين التوراة من جانب ، والتراث الأسطوري للشرق الأدنى القديم من جانب آخر ، وتحديداً أساطير مصر والعراق وسورية القديمة بما عُرف عن امتلاك هذه البلدان من تراثٍ أسطوريّ هائل هو بمثابة الكنوز المعرفيّة التي لا تٌقدّر بثمن ، ومن ريادات مؤصّلة ومشهودة في مجال الفكر الميثولوجي ، خصوصاً في ما يتعلق بالجانب الديني) .

ويبيّن أن هذه الظاهرة ليست جديدة :

 (وهذه الظاهرة ليست جديدة ، حيث أشار إليها الآثاريون والباحثون في مجال الأسطورة  منذ أن بدأت الإكتشافات الأركيولوجية لمنجزات حضارات الشرق الأدنى القديمة ، وبشكل خاص الحضارات العراقية (السومرية والأكدية/البابلية والآشورية) ، والحضارة المصرية الفرعونية ، ثم الحضارة السورية لاحقاً ، فقد تنبّه هؤلاء إلى وجود تشابهات تصل أحياناً حدّ التفاصيل الدقيقة والتعابير اللغوية التصويرية المتطابقة ، بين ما جاء في التوراة من أسفار ، والنصوص الأسطورية العراقية والمصرية القديمة ، حتى أننّي قرأت ذات مرّة أنّ الباحث الآثاري البريطاني "جورج سمث" (1840 – 1876 م) وكان يقوم بتدقيق لوح أُرسل من مكتبة الملك آشور بانيبال عام 1872 ، ووجد أنه يتضمن أسطورة خليقة بشكل أكثر دقة ووضوحاً من قصة الخليقة التوراتية ، قد قفز من كرسيّه وخرج من مكتبه واندفع في القاعة ، وقد انتابته حالة من الإثارة الشديدة، حتى أنه بدأ يتجرد من ملابسه ، وسط ذهول الحاضرين . كان منفعلاً ومنهوساً بالتشابه ، الذي شاهده بأمّ عينه ، بين أسطورة الخليقة البابلية وقصّة الخليقة التوراتية)

لكنه يرى إن هذه الظاهرة قد اتسعت وصارت أكثر خطورة على الثقافة العربية عموماً والعراقية خصوصاً ، وإن من الواجب على الباحثين العرب استنفار إمكانياتهم للتصدي لها، لأنها ستصبح واحدة من المعاونات على توفير المناخ النفسي والعقلي لتقبّل أطروحة "الدولة اليهودية" :

(أمّا الآن ، فقد اتسعت دائرة هذه الظاهرة ، واشتدت خطورتها ، لأنّ الباحثين – بحسن نوايا الباحث العلمي ، أو بالتخطيط المقصود والغايات المسبقة لبعض دور النشر – قد استسهلوها ، وصاروا يعمّمونها على كل شيء ، حتى صرنا نقرأ الكتب عن "التناص" بين جلجامش العظيم بطل الملحمة العراقية الشهيرة ، التي هي أول نص ملحمي مكتوب في تاريخ البشرية ، وبين يوسف التوراتي !! أو بين الإله البابلي مردوخ خالق الأكوان حسب أسطورة الخليقة المعروفة ويوسف التوراتي أيضاً .

ولأنني مؤمن – بحدود طبعاً - بـ "نظرية المؤامرة – conspiracy theory" التي تُطبّق على أرض الواقع كلّ يوم ، ونلمس نتائجها المؤذية ضد هذه الأمّة في كل لحظة وعلى المستويات كافّة ، خصوصاً الثقافية منها ، التي تمسّ عقل الأمة وشخصيتها ، فإنني أعتقد أن اتساع هذه الظاهرة ، وبهذه الدرجة من التصاعد ، سوف يتأجّج مع إصرار الكيان الصهيوني على إعلان دولته في "إسرائيل" اللقيطة كدولة ذات هويّة دينية يهودية . فتأسيس حركة "التناص" بين الفكر التوراتي الذي يستند إليه هذا الكيان ، وفكر المنطقة – الشرق الأوسط تحديدا بدوله العربية الأساسية الثلاث : العراق ومصر وسورية التي تمتلك أعظم كنوز هذه المنطقة الأسطورية ، وببعدها الديني المميّز ، ودورها في بناء شخصيّة الأمّ’ الحضارية - يهيّْء الأرضية الثقافية ، ثم الإستعداد العقلي والنفسي لاستقبال وجود هذه الدولة االيهوديّة بفكرها التوراتي .

ولهذا أعتقد أنّه قد آن الأوان لأن يتصدّى الباحثون العراقيون والعرب – وبصورة علمية وموضوعية محكمة – للردّ على هذه الظاهرة المؤذية التي صار باحثون معروفون يسقطون في شباكها ، بفعل الإنسياق مع عدواها النفسية وصخبها الفكري أولاً ، والسعي النرجسي لتحقيق "الإكتشافات" الجديدة في إطارها ثانياً ، والإنبهار – رابعاً - بطروحات الحداثة ومصطلحاتها مثل التناص والإزاحة والقلب والزحف والمهيمنات وارتحال المفاهيم ، والإخصاء والسلطة القضيبية البطرياركية والسلطة المترياركية وتراجيديا الألوهة الشابة القتيلة وغيرها من المفاهيم والمصطلحات التي صارت توظّف في غير مواضعها حتى وصل بنا الحال أن نقرأ أن النبي يعقوب التوراتي "متناص" مع البطل الأسطوري العراقي العظيم "أنكيدو" . ولا ننسى – خامساً – دور بعض دور النشر في تشجيع هذا الإتجاه من خلال تيسير سبل النشر والمكافآت المغرية للكتب التي تؤلّف في هذا الإطار) .   

 وعن أهميّة كتابه هذا يقول المؤلف :

(قد يكون كتابنا هذا هو الردّ الجاد الواسع والشامل الأوّل على أطروحات هذه الظاهرة ، وضعناه بعناء وسهر وملاحقة تفصيلية لأدق الأفكار والفرضيات المطروحة ، وغوص تحليلي في عمق المرتكزات التي تقوم عليها هذه الظاهرة ، متوخّين بساطة الأسلوب وبعده عن المصطلحات المعقّدة واللغة المتعالية لتحقيق أفضل فهم لدى أوسع قاعدة من القرّاء ، ومنطلقين من الإيمان بحقيقة أنّ التردّد أو التأخّر في مواجهة هذه الظاهرة ، سيجعلها تستشري ، وتستفحل ، وتسوق بفعل تيارها المغري باحثين آخرين من الشباب العرب خصوصا ، لنصحو يوماً ، ونجد أن جلجامش العظيم قد تمّ تسليمه لليهود وفكرهم التوراتي الكهنوتي) .

ثم جاء الكتاب في فصلين رئيسيين يتضمنان عشرات العناوين الفرعية :

 الفصل الأول : التناص المُدمّر

الفصل الثاني : ليلة تسليم جلجامش لليهود

مع ثلاثة ملاحق :

# الملحق رقم (1) :

تناص آخر يعيد أسطورة "شعب الله المُختار" إلى الحضارة السومرية !! (أسطورة إله الدمار "إيرّا")

# الملحق رقم (2) :

حول قميص يوسف

ملحق رقم (3) :

هل هذه التوراة هي توراة موسى ؟

مع عيّنة من أخطاء وتحريفات وتناقضات التوراة !

وسوم: العدد 648