24 مسلسلاً والعدد في الليمون … هل نجح ألبرت شفيق؟!

في بلد يشكو فيه ممثلون – كباراً وصغاراً – على حد سواء، مر الشكوى من البطالة، فإن ما تم حصره من مسلسلات ستعرض في شهر رمضان الفضيل هي 24 مسلسلاً، الأصل أنها تحتاج لجيش من الممثلين، لكننا أمام ثقافة جديدة، تنتمي لقيم الجمهورية الجديدة، من خلال تخليق شخصيات من خارج كل مهنة، فيصبح زعيم المرحلة هو محمد رمضان، ليشكو ممثل معروف من ذل الحاجة، لنفاجأ به بعد يومين، وقد عاد فكتب يشيد بنجم المرحلة الذي تأثر لحاله، ورق قلبه لظروفه، فاتصل به وأسند له دوراً في عمل جديد، هكذا بدون أي دور للمنتج أو المخرج، فالسلطة تدعم نجمها، وتدشن زعامته بمثل هذه المواقف!

24 مسلسلاً، ستعرض في شهر رمضان، وهي أكبر عملية انتاج للدراما، بالمقارنة بأي مرحلة ازدهر فيها الإنتاج الفني، لكن كما يقول المصريون: “العدد في الليمون”، ولا تسمع اسماً كبيراً بين الكتاب، وعندما يصادفك اسم إبراهيم عيسى، ستقف حتماً على أنه ليس شيئاً مذكوراً في عالم الكتابة الدرامية، فلا هو أسامة أنور عكاشة، ولا هو محمد جلال عبد القوي، ولا هو خيري شلبي، إن حضوره بالصخب الذي يثيره، وبالمهام الموكولة اليه، فيقدم برنامجاً في قناة مصرية، بجانب “الحرة” الأمريكية، ومع هذا يجد الوقت الكافي، فيؤلف فيلماً، لا ينجح فيؤلف مسلسلاً لعله ينجح!

وعندما يحدث هذا الزحام (24 مسلسلاً)، فلا بد من وقوع إشكالات مثل أن يوجد مسلسل باسم “العمدة”، بينما يحمل آخر اسم “حضرة العمدة”، واعتقدت أنهما مسلسل واحد، وأن الخطأ في النشر، فأضاف مفردة “حضرة”، أو حذفها، لكني اكتشفت أن أحدهما مؤلفه محمد سامي، بينما مؤلف الثاني إبراهيم عيسى، واللافت أن سامي هو المؤلف والمخرج في وقت واحد، ولا نعرف لماذا لم يكمل جميله ويعمل ممثلاً، وحالة الفوضى تسمح في ظل الجمهورية الجديدة!

وبطولة أحدهما مسنودة لمحمد رمضان، ويبدو أن الهدف من ذلك أن يصبح “العمدة محمد رمضان”، تماماً كما انتقل مسمى عادل إمام من “الواد سيد الشغال”، وهو اسم فيلم قام فيه بدور البطولة، إلى “الزعيم” بعد مسرحيته، التي تحمل هذا الاسم، لكن رمضان ليس عادل إمام، لا يستويان مثلاً، وهي مهمة فشلت بإسناد بطولة مسلسل “البرنس” له، فلم يعد يطلق عليه هذا اللقب، وفشل العمل، ولم يثبت فيه رمضان أي جدارة للقيام بدور البطولة، لكن “الجمهورية الجديدة” قررت فرضه زعيماً للمرحلة، بديلاً لـ “عادل إمام”! من يقنع أهل الحكم أن التمثيل يختلف عن التقديم التلفزيوني والمناصب الصحافية الكبرى، فلا بأس من أن يدفعوا بعديم الموهبة ليكون مذيعاً، أو بمتواضع الكفاءة ليكون رئيساً للتحرير، بجانب سلة وظائف أخرى، لكن السلطة لا يمكنها أن تصنع عادل إمام آخر، أو محمد صبحي، أو نور الشريف، أو يحيى الفخراني، ولو أنفقت ما في الأمر جميعاً، ضعف الطالب والمطلوب!

أزمة هذه السلطة غريبة الأطوار، أنها تحشر أنفها في كل المهن، لأن على رأسها من يعتقد أنه عبقري في كل المجالات، ومن الفكر الديني، إلى الدراما، إلى تشييد الجسور. المهنة الوحيدة التي لا يتحدث فيها هي العسكرية، إلا من حيث حرصه أن يظهر مشدوداً يوشك أن ينفجر ولو كان في محفل لتوقيع عقد، وليس في احتفالية بدأت بتحية العلم!

وبعد ثماني سنوات من تدخله في شؤون الدراما، واحتكار أجهزته للإنتاج الدرامي، هل يمكن له أو لغيره أن يشير بالسبابة إلى عمل واحد نجح، بعيداً عن البروباغندا، فبنهاية شهر رمضان، يقيمون حفلات تصفيق لمسلسلاتهم، كما حدث منه لمسلسل “الاختيار”، وكأنه يمثل فتحاً في مجال الدراما، وكأنه أول عمل فني تنتجه مصر؟!

وكما أن تقييم أي فيلم يكون بمدة عرضه في دور السينما، وحرص الناس على مشاهدته، فإن نجاح أي مسلسل في تنافس المحطات التلفزيونية خارج مصر على شرائه وعرضه، لا بفرض عرضه على قنوات تلفزيونية عدة في الداخل هي في النهاية مملوكة لشركة واحدة!

وعند المقارنة بالحالة التركية سيتبدى الفشل للناظرين، فالإنتاج الدرامي هنا ليس عبثاً، وانما انتقل بهذا البلد ليحتل المركز الثاني عالمياً في ترتيب الدول الأكبر في تصدير المسلسلات، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2014 ارتفع العائد من عملية تصدير الدراما التركية إلى 200 مليون دولار، ليبلغ في عام 2018 500 مليون دولار، مع وعد من المسؤولين للوصول بالأرباح في هذا العام (2023) إلى المليار دولار!

وفي بلد تنتج دراما لتستهلكها بالإجبار، يكون من السفه انتاج 24 مسلسلاً دفعة واحدة، والناس يعيشون في ضنك غير مسبوق، باعتراف المسؤولين أنفسهم! إن أزمة في أعلى الرأس مسؤولة عن اعتقادهم أنهم يستطيعون في زمن السماوات المفتوحة فرض مسلسلاتهم على المصريين!

أهذا سلوك يليق؟!

عودة المسلماني وأحمد آدم:

لولا الإعلان عن عودة أحمد المسلماني وأحمد آدم إلى التقديم التلفزيوني ما علمنا أنهما توقفا عن التقديم؟ فمتى تم ايقافهما ولماذا؟

المسلماني، هو ابن المرحلة، وقد كان مستشاراً إعلاميا للمؤقت عدلي منصور، ومصادرنا حينئذ كانت تشير إلى أنه في مهمته بتكليف من الجيش باعتباره سلطة حكم، فمنصور جيء به بعد الانقلاب رئيساً للبلاد، وشعاره أغنية العندليب: جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت/ ولقد أبصرت أمامي طريقاً فمشيت. وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت/ كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست أدري!

لكن السائر لا يدري، توقف عن السير بعد انتهاء مهمته، وانتهى معه المسلماني، والذي يبدو أن مشكلته أنه تجاوز الاختصاص الوظيفي، فذهب يتصرف على أنه الرئيس، ويلتقي بزعماء المعارضة، ويعقد اللقاءات في القصر، استغلالاً لغيبوبة الرجل الطيب عدلي منصور، وأبي سفيان يحب الفخر، ويبدو لهذا طويت صفحته من التقديم التلفزيوني، فلم يعين على رأس مؤسسة صحافية، أو حتى عضواً في البرلمان، لكن بعد أن نسيه الناس فلا بأس من عودته مقدم برنامج، ليسأل أمثالنا متى توقف؟!

لم يحدث أن شاهدت أحمد آدم على الشاشة، ولكني شاهدت له بعض المقاطع، التي بثها له البعض بعد النجاح المبهر لمونديال قطر، وكان مثله مثل غيره من الجوقة يشككون في تنظيم قطر للمونديال، فقطر نفسها لن تكون موجودة على الخريطة في 2022 خطاب عمرو أديب نفسه، يبدو أنه توجيه ممن يدير القنوات التلفزيونية عبر رسائل سامسونغ الشهيرة!

كان آدم في هذه المقاطع بهلواناً، يسعى إلى اضحاك الجمهور بأي شكل، حتى وإن كان فرقة مستأجرة تضحك بالأمر، وتتوقف بالأمر. وقد مثل البرنامج خصماً من رصيده كممثل كوميدي لا بأس به!

لكن ها هو خبر العودة يكشف أن المسلماني وآدم توقفا، وهو أمر كاشف عن أنه لا مشاهدين لقنوات القوم، وأنها ليست أكثر من مال مهدر فيما لا يفيد، حد أن يتم إيقاف برامج تلفزيونية ولا يعرف أحد إلا بخبر عودتها.

إذا أفلس التاجر فتش في دفاتره القديمة.

أرض – جو:

غداً يكون قد مر على تعيين ألبرت شفيق ثمانية أشهر رئيساً لقنوات “أون”، دون أي نجاح يُذكر، وهو ما تنبأنا به، فهذا ليس مناخاً للنجاح والتفوق، وإن كان المعين رئيسا للقناة هو رئيسها في زمن تفوقها. لا يعلمون أن ألبرت شفيق ليس صاحب كرامات، فلا هو يبرئ الأكمه والأبرص، ولا هو يحيي الموتى!

وسوم: العدد 1018