أطياف من خيال طافت

بخاطري ثم هوت بين  تلك الظلال خجلي!!

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

كنت مغرم بتدوين التواريخ والأحداث ولكن منذ وفاة (.....................)  توقفت عن التدوين وصارت كل التواريخ هي تاريخ وفاته ،،  بعدها وحتي هذا الوقت تمضي الشهور وأنا لم أزر بيت ( .............) ،  حتي أن أتيت زيارة لا تطول ولا أقترب من المكان الذي كنا نجلس فيه، وتمضي السنين وتزدحم الحياة وأشعر بلأزدحام حتي في دواخلي يأخذنني الحنين إلي ذلك المكان وأشعر برغبة عارمة أن أطل علي المكان فأزور (..........)  وآخذ منها المفتاح وقفت أمام البوابة كأنك تقف علي أطلال قصر قديم وحضارة اندثرت وبقيت معالمها شاهدة علي أن هناك من يقول كنا هنا، فتحت الباب بعد جهد، المكان يعلوه الغبار قليلا ، أسير بتأني أتأمل صورة (.............)  تشغل حيزا كبيرا من الجدار ، كل شئ كما هو يا (............)  كما تركته لم يتغير شئ حتي مفاتيح الكهرباء التي لا وجود لمثلها الآن في الأسواق ، والقليل مما أهلكه الزمن وتقادمه ، تغيرت الطاولة عليها مزهرية ، الزهور  اصطناعية ما كان (............)  ليسمح بذلك، كان كل شئ في حياته طبيعي ، اقتربت من بوابة المنزل العتيقة حيث كنا نجلس وجدتها محكمة الإغلاق، وقام (.............)  بتسوير المكان فصارت الشجيرات خارج السور ما كان (..........)  ليسمح بهذا القفص الحديدي، بذلت جهدا مقدرا لفتح البوابة أخرجت كرسيان وتربيذة كما كنا نفعل سويا وضعت في الكرسي الآخر بعض الصحف التي كان يحب (...........)  أن يقرأها.

جلست ورفعت يدي ناظرة إلي أصبعي الصغير وتذكرت ذلك الوعد الذي قطعناه معا ، دمعت عيناي، اليوم حقا هناك الكثير ، الكثير مما يقال ومما لا يقال، ما نحكيه وما يحكينا ، ما نرسمه وما يرسمنا، صدقا اليوم أتيت وفاء بوعدي أن أقول أن أحكي أن أخبرك بلهفة الأطفال أني ضربت وتعلمت ضربتني الحياة وعلمتني يا (.........)  ، كم أفتقدك اليوم، ليس هناك من يسمع كنا أنا وأنت فقط رحلت أنت وبقيت أنا

علمتني أن أنصت لكل سكنة في الكون ومنذ ذلك الوقت وأنا أنصت لكل ما يهمس به الكون حتي الصمت أستمع إلي همسه..!!

وجدت كل ما حولي يحكي قصتنا قصة الإنسان وقصة الحياة والموت، كل شئ حتي توالي الفصول الصيف، الخريف الشتاء ولا ربيع عندنا وقد كان الربيع في قلبك
تغيرت حياتي كثيرا وتغيرت أنا أكثر أشعر بالحياة معقدة وهي أبسط ما تكون أشعر أني تائهة، ليتك كنت هنا اليوم يا (........)  أشعر بالعجز عن مواجهة الحياة، رسائل كثيرة لم أجد قراءتها بعد من سيفك طلاسمها أخشي أن أعيها بعد فوات الأوان لا أخفيك سرا يا (...............) تعلمت اللامبالاة وتعلمت التناسي قليلا والتغابي كثير وأتقنت الصمت حد الهروب ولكن أخشي أني قد فشلت.

أتنهد تنهيدة عميقة تعلمت أنا عندما نحب لا نجعل من حبهم كل حياتنا فهم ليسوا كل شئ في حياتنا لعلهم ذلك الجزء الذي لم ولن يتكرر وتلك العثرة التي تصلح ما بعدها من خطوات تعلمت التوازن حتي في العطاء ، ولكني أشعر ببعض الأشخاص كحصان طروادة في حياتنا ...

اليوم يا (......)  لم نعد نري قوس قزح ولا الشفق الأحمر ولكني ما زلت أزور البحر ولكن ليس كما مضي ،، وما زلت أكتب من بعدك ....

فما زلت مؤمن بالكثير مما علمتني إياه ما زلت أبتسم ودموعي علي خدي، ما زلت أذكر كلماتك أن شعرت بصعوبة فهمي للحياة لقصر في فهمي لا أقرأ كتب الفلسفة لا فهم معني الحياة وحدها الحياة وكل ما في الحياة يشرح  كهن الحياة، أذكر ذلك اليوم ضاقت بي نفسي كثيرا ففررت من غرفتي فراري من المجذوم وجلست في فناء المنزل يحيط بي الكون وتأملت ما حولي وبدأت أشعر بالهدوء كأني أتحدث إلي الشئ الوحيد النقي الخالي من الزيف والشوائب في هذه الحياة آيات الله في الكون حين أشعر بالريح تحرك الأغصان وتتمايل ألأغصان أميل معها كأن أما حنون تحمل طفلها بين ذراعيها تهدهده ، أستلقي علي فرأشي وأغرق في ما حولي فأستشعر شئ ما في نفسي.

لكني أري حينها ان في الحياة متسع للكثير ولبداية جديدة بروح أخري ، أري وسط هذه العتمة ضوء ينبعث من ثقب صغير يعني الأمل والامل يعني الحياة ، أحب ربي وهذه كل حياتي.

ما زلت أذكر تلك العبارة العالم لوحة أنت فرشاتها،، اليوم هو عامي الاول ،، تهب ريح فجأة تتطاير الصحف عبثا أحاول الأمساك بها لم أفلح إلا في أمساك صفحة من إحداها مكتوب عليها لكي لا ننسي يجب أن نعرف الماضي، ربما لكي نتعلم يجب أن نعرف الماضي، أفلتها من يدي حملتها الريح بعيدا،عدت أدراجي وجلست علي الكرسي أتناول كوب من الشاي، أرنو ببصري إلي السماء ، وتظل في الذاكرة أطياف ووجوه وشئ من حكايا جدي وقصصه وتظل ضحكته وأبتسامته عالقة في ذاكرتي، وشئ من الماضي لعله كل شئ..ومغامرات لأبطال مجلتي المفضله ماجد بي بي الشقية ، شمسة ودانة، شملول ، آخر العنقود ليظل الماضي هو الغائب الحاضر.

تلك أطر عاف عليها الزمان واندثرت في ذاك الأفق الجميل ... فهي أطياف من خيال طافت بخاطري ثم هوت بين تلك الظلال خجلي ...