فاتنة شريتح في مشوارها العملي

العاملة الاجتماعية والباحثة والفنانة من معهد مسار:

فاتنة شريتح في مشوارها العملي

ميسون أسدي

[email protected]

***رافقت وشاركت بمجموعات تدعيم وتمكين نساء وأثمن عالياً هذه المجموعات***العمل الاجتماعي مسؤولية كبيرة جداً، ويتطلب طاقات نفسية***العمل البحثي مختلف لكنه في نفس الوقت مكمل للعمل الاجتماعي*** أنا فخورة بمعهد الأبحاث "مسار" لأنه معهد عربي يبحث في المجتمع العربي*** مجتمعنا العربي يظلم الرجل والمرأة معا***  

قابلتها: ميسون أسدي- "تفانين"

*الفنانة والباحثة والعاملة الاجتماعية فاتنة شريتح من قرية بير السكة- وهي إحدى قرى المجلس المحلي "زيمر" في المثلث.. درست الفنون في الخضيرة في ستوديو "اومان" لمدة (5) سنوات، ترسم البيوت العربية من خلال المحافظة على اللون الثقافي لهذه البيوت. تعمل منذ (15) سنة في العمل الاجتماعي، وهي فنانة تشكيلية كان لها عدة معارض في البلاد، معرضان مشتركان، في الخضيرة في جاليري "اومان"، ومعرض فردي في مقهى "فتوش" في حيفا. لها لوحات تجسد النساء العربيات التقليديات.. من ضمن اهتماماتها القراءة بشكل عام.. حاصلة على شهادة اللقب الأول في العلوم الاجتماعية من الجامعة العبرية.

وعملها الحالي يرتكز في إدارة "مركز سلامة الأسرة في الطيرة" الذي يقدم خدمات لمشاكل العنف في الأسرة للمثلث الجنوبي". إضافة لكل هذا فهي تعمل كباحثة في معهد الأبحاث "مسار".. وعن عملها الجديد والقديم، أجرينا معها هذا اللقاء.

**البحث في معهد مسار

تقول فاتنة: اعمل كمركزة أبحاث في معهد "مسار" بواقع نصف وظيفة منذ (5) سنوات تقريبا، وأنا في نفس الوقت عاملة اجتماعية ومديرة مركز "سلامة الأسرة" في الطيرة.. وعملي في "مسار" يمثل عملا مختلفاً تنظيمياً عن أعمالي التي قمت بها في السابق كعاملة اجتماعية. تخصصت في مجالين كعاملة اجتماعية: علاج متضرري السموم والعنف في العائلة.

وتضيف: عندما يحصل معهد مسار على مناقصة لإجراء بحث معين، ادخل أنا في مرحلة ما بعد المناقصة، أبدا ببناء برنامج للبحث، في البداية يكون العمل بتوجيه ومرافقة د. خالد أبو عصبة في كل ما يتعلق ب: أهداف البحث، أسلوب البحث والياته، والفترة الزمنية الخ.... وبعدها ابدأ في العمل ميدانياً: إجراء مقابلات ومن ثم مرحلة الكتابة، حيث أتركز في كتابة تقرير البحث على ضوء المعطيات التي حصلنا علينا من خلال العمل الميداني.. تكون المشاريع البحثية أحيانا في أكثر من مرحلة واحدة، بحيث ممكن تقديم تقريرين أو أكثر خلال عملية البحث. خاصة اذا كان المشروع البحثي في مجال البحث التقييمي التكويني.

**موازنة المضامين!

وعن اختيارها للبحث، تقول فاتنة: نوعية العمل الاجتماعي الذي اخترته صعب جدا لأنه يتطلب طاقات نفسية وجهد كبير، فرغبت بالبحث عن عمل مغاير من حيث التوجه والمنهج..، فهناك اختلاف كبير بين الأبحاث والعمل المباشر مع الناس.. وفي نفس الوقت أشعر بحاجة ماسّة إلى موازنة المضامين بين العمل الاجتماعي والأبحاث والفنون، عندي هواية منذ زمن بعيد وهي ميولي للفنون، ولكني لم اعمل بما فيه الكفاية لتطوير هذا الجانب كما كنت اريد، وهذا الشعور يرافقني دائما، خاصة في الفترة الأخيرة، لعدم تفرغي لاهتماماتي الفنية.

**نبذه عن الدراسات في مسار

وعن عملها الحالي في معهد مسار، تقول فاتنة: حاليا اعمل على (4) أبحاث، بحث عن مركز "أولاد وأهالي" في شفاعمرو والذي أقيم في بداية 2004 وهناك حاجة بأن يرافقه بحث تقييمي وذلك بغرض بناء نموذج لمركز يلائم الخصوصية الاجتماعية والثقافية للمجتمع العربي. فانا ومن خلال معهد مسار وبمشاركة معهد "بروكديل ادير" هذا البحث التقييمي، ونحن الآن في مرحلة تقديم التقرير الملخص والأخير في عملنا هذا.   

بحث آخر، بصدد مراكز خدماتية متنقلة للأولاد وأهاليهم. مركزين، في الجليل وفي قرى يهودية في أواسط البلاد. المركز في الجليل يخدم القرى: كوكب أبو الهيجاء، بير المكسور، عين ماهل، وادي سلامة، من قرى عربية في المجلس الإقليمي مسجاف، من المتوقع أن يعالج المركز (100) شخص خلال سنة في شتى أنواع الخدمات العلاجية.  نحن الآن في السنة الثانية من متابعة هذه المراكز ببحث تقييمي مرافق سيروري، حيث قدمنا مؤخرا التقرير البحثي الأول، يذكر باني اعمل على كتابة التقرير البحثي بمشاركة زميلات من معهد بروكديل.

كما أن هناك مشاريع بحثية أخرى أقوم بتركيزها وإدارتها، مثال: مرافقة مشروع قيادة نسائية في قرية  الفرديس، ومشروع آخر: متابعة ومرافقة مشروع معد لموظفي البلدية في باقة الغربية ونحن ما زلنا في البداية. عملنا يتلخص ببحث تقييمي لهذه المشاريع.  

**انا ومجموعات نسائية قيادية:

وتضيف فاتنة: في الماضي، رافقت عدة مجموعات قيادية نسائية عربية في "جفعات حبيبة"، مثل: دورات لمديرات جمعيات وقياديات. كما وركزت مشروع بحث تقيمي لمجموعة قيادية في  "زيمر". عندما أوجه مجموعات نسائية، التي من أهدافها تدعيم وتمكين النساء، اشعر بأنني جزء من المجموعة. وجود مساحة وفضاء نسائي يساعد على رفع الوعي لاحتياجات النساء وإعطاء شرعية لمشاعرهن واهتماماتهن. كثيرا ما تكون تجمعات النساء العفوية حول متطلبات اجتماعية، لا تأخذ بالحسبان خاصية وخصوصية النساء. بنظري مجموعات النساء هي وسيلة للعمل على التغيير الاجتماعي.

وقمت في السنة السابقة ومن خلال عملي في معهد مسار بتركيز بحث بمجال المبادرات التجارية والانتاجية. شملت الدراسة (570) امرأة لهن مصالح نسائية صغيرة في منطقة المثلث.

**اكتشاف السرطان المبكر نسبة الشفاء منه تصل إلى 90 %

بحث آخر أدرته حول موضوع سرطان الثدي في مدينة الطيرة. بحثنا المواقف التي تعيق إجراء النساء فحوصات مبكرة لسرطان الثدي.. وتضيف: تشير معطيات البحث بهذا المجال أن المعيقات التي تمنع النساء من إجراء الفحوصات تتمثل بالاتكال على القدر والمصير، والفكرة المسبقة عن المصير المحتوم، وإن السرطان مرض قاتل لا محالة.. بعض المعيقات تتعلق بتدني مستوى الخدمات الصحية التي تقدم للمجتمع العربي أو معيقات خارجية أخرى. وهناك نوع من الإنكار في مجتمعنا وتفضيل عدم التعامل الواقعي مع المرض. اكتشاف المبكر لسرطان الثدي لدى النساء وتلقي العلاج يزيد من نسبة الشفاء منه تصل إلى 90 %.

**سيرتي في مسار

أنا فخورة في معهد "مسار"، بسبب خاصيته. لا توجد مراكز أبحاث اجتماعية تطبيقية في الوسط العربي، عادة ما تقوم مراكز أبحاث يهودية بأبحاث حول المجتمع العربي أو قيام باحثون عرب من خلال مراكز الأبحاث هذه بإجراء الأبحاث والتي عادة ما تكون غير قادرة على وضع سلم الأوليات للمتطلبات البحثية التي نحن بحاجة لها، في نظري لقد قام معهد مسار بملء هذا الفراغ، ومع ذلك نحن بحاجة إلى المزيد من المراكز والمعاهد البحثية في الوسط العربي، عندما أقيم معهد مسار كان المتوقع أن يتطور للعمل البحثي في مجال التربية والتعليم، ولكن الاحتياجات في الحقل أجبرتنا أن نتوسع إلى مجالات أخرى. تدريجا دخلنا في مجالات عدة، مثل الرفاه الاجتماعي والصحة والتطور الاقتصادي.. يعمل المعهد  بأجواء  عائلية. نعمل معاً في المعهد فرع جت (4) موظفين. العمل في مسار أغنى تجربتي المهنية الأكاديمية.. تلقيت الإرشاد المهني من قبل مدير المعهد الدكتور خالد أبو عصبة، وفتح أمامي عالم جديد في مجال البحث والأكاديمية، وهذه تجربتي الأولى بالعمل الميداني والبحثي والجلوس ساعات طويلة أمام الحاسوب. وتعرفت من خلال عملي على الجانب الأكاديمي الذي يعزز من ثقتي المهنية والشخصية.. مدير المعهد يمنح مساحة واسعة من الاستقلالية في العمل، وهو يثق بقراراتي المهنية بالعمل. وغالبا ما أجد مساعدته متاحة عندما احتاج ذلك.

**مشاكل العنف في المثلث الجنوبي

عن عملها الاجتماعي، تقول فاتنة: عملي الأساسي إدارة مركز يعمل على تقديم خدمات علاجية لأسر تعاني من العنف.  يقدم المركز خدماته للمثلث الجنوبي من كفر قاسم جنوبا وحتى قرى زيمر. يعتبر المركز الجهة العلاجية المتخصصة الوحيدة في هذا المجال لكل المنطقة.. يعمل في المركز (4) عمال اجتماعين وسكرتيرة. يتم العمل بالتنسيق مع أقسام الشؤون ومراكز رعاية الأم والطفل وأحيانا الشرطة والمستشفيات وعيادة المرضى.. وهناك تحسن بوضع المرأة العربية، فمثلا في موضوع العنف أصبح واقعا يشير إلى نوع من التفهم الاجتماعي لتوجه المرأة للشرطة  بعد تعرضها لاعتداء عنيف.  

**فاتنة الفنانة

تنهي فاتنة حديثها قائلة: هناك اهتمامات متنوعة في حياتي اليومية، مثل القراءة والاهتمام بزراعة الورد، فعندي حديقة ورود غاية في التكوين.. أحب الناس.. حاليا أشارك مع مجموعة فنانات من المنطقة، بمجموعة تدعيم، عن طريق جمعية "ألبير" لرفع المستوى الثقافي. المس أننا كفنانات بحاجة لتدعيم، ربما لأن مكانة الفن محدودة في مجتمعنا، لذا نلمس صعوبات جمة في مسيرتنا.. تضيف فاتنة رأيها حول  صعوبة الانتماء الاجتماعي قولها: مع الأسف القيم في مجتمعنا هي بمستوى متدني، النفاق الاجتماعي، عدم تحمل المسؤولية وغياب ثقافة المساءلة في تعاملنا الاجتماعي. من هنا تظهر مظاهر وظواهر اجتماعية لها أبعاد سلبية على المجتمع برمته. على سبيل المثال وليس الحصر، لا يوجد تقبل للآخر والمختلف.. هناك مشكلة حتى في أماكن العمل، المسؤولية الشخصية تجاه العمل، الأمانة في العمل.. تعامل المجتمع مع الرجل والمرأة.. الرجل بموقع السلطة والمسؤولية تجاه الأسرة، والمرأة بدورها التقليدي. المجتمع يملي الوظائف بدون اعتبار ميول كل منهما.. بالنهاية لا بد أن يكون هناك أفراد أو مجموعات من النساء والرجال بمواقع لم يختاروها وبوضع عدم الرضا.