دردشات في كواليس مهرجان أهلاً بالخير

دردشات في كواليس مهرجان (أهلاً بالخير)

(2)

نجدت لاطة

[email protected]

المنشد إبراهيم الدردساوي :

في اليوم الثاني من المهرجان قدّم عريف الحفل الأستاذ عدنان حميدان المنشد إبراهيم الدردساوي باعتباره قارئاً للقرآن وقال : والآن مع الشيخ إبراهيم الدردساوي وقراءة عطرة من القرآن الكريم .. وحين جاء دوره في الإنشاد قال عريف الحفل : والآن مع المنشد إبراهيم الدردساوي . فقلت للذي بجانبي : هل هو شـيخ أم منشد أم بتاع كله ؟ وهل يستسيغ الجمهور أن يرى المنشد هو نفسه المقرئ ؟ وهل يجتمع القرآن مع النشيد ؟

لأن القرآن الكريم هو قمة الجد والقداسة ، والتعامل معه يجب أن يكون في قمة الجد والتعظيم ، وديننا علمنا أن مَن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . فينبغي أن يحيط المقرئ نفسه بالوقار والسكينة ، وأن يعيش حالة روحية عالية لا تختلف عن الحالة الروحية التي عند العلماء والمشايخ ، لأن المقرئ هو شيخ بكل ما تعنيه الكلمة ، وبالتالي فهو يضفي على قراءته الوقار والسكينة والروح المشيخية ، فيتجاوب المستمع مع هذه الحالة الروحية العالية التي تنبعث من المقرئ . ولكن هل يُعقل أن تنبعث من قراءة المنشد حالة روحية عالية كالتي عند الشيخ المقرئ ؟  

وينبغي للمقرئ أن يدرس علوم الشريعة ، فيكون عالماً بها ، ليحيط بكلام الله فهماً وتفسيراً وفقهاً وكل ما يتعلق بالقرآن الكريم ، لأنه من غير المقبول أن يكون المقرئ طبيباً أو مهندساً أو منشداً ، وإنما ينبغي أن يكون المقرئ خريّج الكليات الشرعية . لذا اكتشفت أخطاءً كبيرةً في قراءة المقرئين الشباب الجدد الذين لا يعرفون من فن قراءة القرآن إلا رفع الصوت وتخفيضه . وأنا لم آتِ بهذا الكلام من نفسي وإنما أجريت مقابلة صحفية مع مقرئ المسجد الأقصى الشيخ محمد رشاد الشريف فحكى لي عن الأخطاء الكبيرة التي يقع بها المقرئون الجدد ، وقال لي بالحرف الواحد : قراءة القرآن هي للمقرئين المصريين فقط ، باعتبارهم خريجي الكليات الأزهرية ، حيث يتعلمون فيها قراءة القرآن على أصولها ، أما المقرئون الجدد فلا يعرفون من القراءة شيئاً .

أما النشيد فهو اللهو نفسه ، وصحيح أنه لهو مباح ، وأن له رسالةً وهدفاً نبيلاً ، ولكن هو في الأخير لهو وطرب وألحان وآهات ويا ليل ويا عين .. والمنشد هو في كل الأحوال فنان يعيش بين الآهات والألحان ، وبالتالي فالوقار والسكينة لا تعرفان طريقاً إليه ، أو لا تليقان به ، وإنما ينبغي أن يضفي على أناشيده الفرفشة والحركة ، لأن المنشد حين ينشد يكون في حالة لهو وليس في حالة عبادة أو صلاة . وقد رأيت مرةً أحد المقرئين المنشدين في عرس إسلامي وهو ينشد أناشيد الأعراس الراقصة ، وأمامه مجموعة من الشباب وهم يرقصون الدبكة ، يعني هو يرقّصهم ، فكيف سيتقبّل الجمهور هذا المقرئ بعدما رآه وهو يرقّص الشباب ؟ ألهذه الدرجة نستهين بقداسة القرآن ومقرئه ؟ وهذا يعني أنه من الخطأ أن نجمع قمة القداسة مع اللهو المباح ؟

وقارئ القرآن الكريم ينبغي أن يظهر بمظهر المشـايخ فيلبس العمامة والجبة ، وينبغي أن تكون حركاته وسـكناته تليق بالشيخ وبقارئ القرآن . أما أن يلبس الطقم والكرافتة وتكون حركاته وسكانته شبابية وطرب وألحان كما ظهر المنشد إبراهيم الدردساوي فهذا لا يليق بقارئ القرآن ..

ومع ذلك فقد قلت للمنشد إبراهيم الدردساوي : ما قصة أنك مقرئ ؟ فقال : أنا بالفعل مقرئ وسأتخصص بذلك بالإضافة إلى الإنشاد ؟ فقلت له : وكيف ستوفّق بين الاثنتين ؟ فلا بد من التخصص في واحد منها ، فنحن في عصر التخصص ، والمحترفون الذين يتخصصون في فن واحد قلما ينجحون ، فكيف إذا كنتَ متخصصاً في شيئين اثنين ؟ فأصرّ على رأيه . فقلت في نفسي : لن ينجح في الاثنتين إن بقي فيهما .

وهل حدث في تاريخ المسلمين منذ العهد النبوي إلى يومنا الحاضر أن جمع أحد بين قراءة القرآن والنشيد ؟ فهل كان قرّاء الصحابة كأبي بن كعب وأبي موسى الأشعري منشدين ؟ وهل كان المقرئ محمد رفعت أو الحصري أو المنشاوي أو عبد الباسط منشدين ؟

ولماذا لم يكن المنشد أبو الجود أو أبو مازن أو أبو دجانة أو أبو راتب أو عماد رامي مقرئين ؟ فهل خفي عنهم ذلك واكتشفه المقرئون المنشدون الجدد ؟ أم لأنّ هؤلاء المقرئين الكبار وهؤلاء المنشدين الكبار يحترمون تخصصهم فلا يتجاوزونه إلـى غيره ؟ وبالتالي نجح كل واحد منهم في تخصصه وصار علَماً به . 

المنشد عبد القادر قوزع :

أكثر منشد قضيت معه وقتاً هو المنشد عبد القادر قوزع ، وأنا أعتبره ـ بحق ـ أحد أعمدة النشيد الإسلامي الحالي ، لذا سأخصص له مقالاً وأنشره في مجلة باعتباره سفيراً للأنشودة اليمنية .