مسرحية "أبو حليمة"

مسرحية "أبو حليمة"

وبؤس الفقر واللجوء

جميل السلحوت

[email protected]

على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس الشريف افتتح مسرح الرواة يوم 3-1-2008 مسرحية " ابو حليمة " تمثيل اسماعيل الدباغ واخراج جاكوب امو واضاءة معاذ الجعبة .

ومضمون المسرحية مستوحى من قصة " ما يكون " للأديب " طه محمد علي " والتي نشرت في العدد الحادي عشر من مجلة مشارف التي كان يرأس تحريرها الأديب الكبير الراحل اميل حبيبي.

كما ترجمت القصة الى عدة لغات اجنبية وحظيت باهتمام نقدي واسع .

وتتلخص المسرحية في اظهار لقطات من معاناة اللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة الكبرى عام 1948 وحتى الان ، وما لاقوه من فقر وحرمان واضطهاد ، وتشرد ولجوء ، فأبو حليمة الذي امضى السنوات العشر الاولى من حياته حافي القدمين ، يحلم دائما بامتلاك حذاء ، وفي عودته الناقصة الى فلسطين بعد اتفاقات اوسلو فإنه يبحث عن فلسطيني في فلسطين ، ويظل يحلم بالعودة، وهو يتحدث عن الحواجز العسكرية ، وينتقد بشدة المنظمات غير الحكومية، ويتحدث عما وصلت اليه مدينة القدس التي دخلها متسللا، وعاش في احدى حارات البلدة القديمة مهددا من قبل الحشاشين والمخمورين والمحتلين ، يندب اوضاع التعليم في المدينة وضياع الشباب المقدسي ، ومأساة بائعات الخضار في شوارع واسواق المدينة .

ويلاحظ ان مسرح الرواة قد سحب حوادث وحكايات مأساوية من خارج قصة " ما يكون " والبسها لها في تناسق درامي لا يلحظه من لم يقرأ القصة .

التمثيل :

 المسرحية هي عبارة عن مونودراما قدمها الفنان اسماعيل الدباغ المولود في القدس القديمة والذي تنحدر اصوله من مدينة يافا . وهو فنان مطبوع موهوب احترف التمثيل منذ نعومة اظفاره، وقدم عدة مسرحيات مونودراما اشهرها الزبال ، كما شارك في عشرات الاعمال المسرحية ، اضافة الى تمثيله في ستة افلام سينمائية وعدة مسلسلات تلفزيونية .

ويبدأ الفنان الدباغ ظهوره على خشبة المسرح بطريقة الراوي الذي يحكي القصص وسيرة الابطال الشعبيين ، ومعروف ان دور الحكواتي يختلط عادة في مسرحيات المونودراما مع التمثيل.

وقد ابدع الدباغ في تقديم عدة شخصيات دون اثقال على المشاهد ، فقد قدم دور الطفل ، ودور الأب ودور الأم ، والجندي ، والضابط ، والمدرب ، وصاحب البقالة ، ومعلم المدرسة ، والحشاش ، والمخمور ، والمتسلل ...... الخ

وكان خفيف الحركة يحلق كفراشة على خشبة المسرح عندما يتطلب ذلك ، ويحني ظهره متوكأ على ركبتيه عندما يتطلب الموقف ذلك ايضا ، واستطاع ان يجذب اليه انظار المشاهدين الذين تجمدوا في مقاعدهم خمسين دقيقة هي مدة العرض ، تارة يضحكون من باب " شر البلية ما يضحك " وتارة يتجهمون وتعلو وجوههم كشرة مأساوية لواقع هم يعيشونه .

الديكور :

 الديكور بسيط جدا وهو عبارة عن طاولة صغيرة " طربيزة " وحقيبة ملابس صغيرة وقديمة ، اضافة الى ارضية بسيطة مرسوم عليها بلاط " المزايكو " الذي كان معروفا في فلسطيني ، ولا يزال موجودا في ارضية بعض البيوت القديمة .

الملابس :

 ارتدى الفنان سروالا ابيض قطنيا طويلا ، وبلوزة طويلة الأكمام بيضاء ، وقبعة بيضاء صغيرة .

الاضاءة :

 اجاد معاذ الجعبة في الاضاءة بطريقة لافتة ، من خلال تسليط دائرة الضوء على الدائرة التي يتحرك فيها الممثل ، وفي تسليط الضوء او تعتيمه على ارضية المزايكو . وتحريك الأضواء ساعد كثيرا في الايحاءات النفسية على المشاهد ، وفي تقريب الحدث اليه ايضا .