مدينة الإنتاج الإعلامي فقدت قيمتها

مدينة الإنتاج الإعلامي فقدت قيمتها

مسلسلات رمضان إنتاج تجار الفن

أشرف شتيوى - ناقد صحفي مصري

[email protected]

لتصنيف الشخص كفنان في مجتمعنا يجب أن يتوافر لديه عدد من المميزات أن يكون كبير الموهبة يمتلك رؤية فنية منفردة [ عبقري ] متي يلقب بالفنان لذا أسمحو لي أن القب من غطت عناوين الصحف وتترات المسلسلات أسمائهم بتجار الفن نعم تجاراً من أهم صفاتهم وسماتهم السطحية من أجل إرضاء كل الأذواق والتسلية وليس التثقيف وبناء الشخصية فقد سيطرت القوالب النمطية [ ممثل ـ مؤلف ـ مخرج ـ مصور .. ] في الفكر والذوق العام رغم أسمائهم اللامعة التي صنعوها بالفهلوة وقد رسموا خريطة رمضان لتكون لمحاربة شهر رمضان هذا ما حدث بالضبط بمسلسلات تابعت القليل منها قدر استطاعتي من بين هذه التخمة الفاسدة .

مسلسل " الدالي " للمؤلف وليد يوسف والمخرج يوسف شرف الدين وتدور أحداثه في قالب درامي اجتماعي بوليسي تتعرض لرحلة صعود سعد الدالي الذي يبدأ رحلته من الصفر إألي أن يصل الي القمة ليصبح شخصية سياسية وتستمر الأحداث وأكثر من سيطر علي المسلسل لغة الخطابة في الحوار خصوصاً علي لسان البطل نور الشريف [ الدالي ] الملئ بالمواعظ المملة والتي يلقينها علي مرؤوسيه وعائلته وحوارات حشو لا معني لها الا المط وشخصيات مشوهة لا تقدم قيمة أو فرجة درامية ورغم مرور أحداث ما بين 1956 ، 1979 عجز الماكيير في إعطاء تفاصيل لملامح الوجه اكثر من أنه اكتفي بإضافة شعر أبيض للشخصيات هذا بخلاف الإكسسوارات العصرية لبعض المشاهد ويدفعني هذا السؤال نور الشريف الدالي هو رجل طيب عصامي بدأ حياته من الصفر ونجح في تكوين الملايين وتمكن من الوصول إلي منصب وزير الإسكان بمنتهي النزاهة والشرف أم هو رجل محتال غامض له علاقات مشبوهة وهو تكرار للرجل الأخر ليكون أيضاً نفس آداء نور والذي لم نجد حوله وجوه جديدة تكشف عن موهبتها رغم ما سمعناه من ضجة في اختيار واختيارات الوجوه الجديدة إلا أننا أمام [ دينا فؤاد وأحمد صفوت وايتن عامر وايناس كامل ومحمد يوسف .. الخ ] نماذج تحتاج إلي موهبة فقد ادوا شخصياتهم دون جهد بذلوه ولم أجد ما أقدم له التحية إلا صوت الرائع وائل جسار الذي يؤكد لنا أنه مغنواتي بالفعل في لحن مميز أختار فيه الملحن جمل موسيقية مؤلفة جديدة علي مسامعي هذا لسؤال سوسن بدر التي تتألق في كل عمل ولأننا نتحدث عن النجوم لم تفوتني مشاهد حلقات [ قضية رأي عام ] للنجمة يسرا هكذا يقولون لها [ النجمة ] وتأليف محسن الجلاد وإخراج محمد عزيزية والمسلسل ملئ بأخطاء فادحة بالمكياج من ديكورات ويدفعني لماذا للسؤال هل ممثلات المسلسلات دائماً في الصباح والمساء والبيت والعمل تلازمهم طبقات المكياج الي هذه الدرجة الفجة أليسوا جميلات أم أن العمر يجري بهن بالإضافة إلي ما جاء بالحوار من سذاجة وبلاهة والمشاهد الإغتصاب التي لا تراعي العائلات التي أصيبت بحالة قرف وفجأة نري أننا امام بطلة تتحول الي تحري للتوصل إلي من أغتصبوها هي وثلاث معها بعد أن عجزت الشرطة عن الوصول إليهم " يسرا " بقي!! هذا بخلاف الأخطاء القانونية المستمرة منها عند الإبلاغ عن الإغتصاب تم البحث عن الجناة وبعد عدة أيام قررت الشرطة إرسال الضحية للطبيب الشرعي للكشف عليهن .. المط والتطويل ثمة هذا المسلسل وأمكان التصوير الفقيرة والأدوار الثانوية التي  أخلت بالدراما لأن ما أسند لهم هذه الأدوار كومبارس وواضح أنه فقر بالإنتاج كما هو فقر في رؤية إسناد الدور المناسب للشخص المناسب فكيف يكون سامي العدل [ مدير أمن ] لم يتوقف الأمر لأداء سامي العدل فقط بل طال إبراهيم يسري  ولقاء الخمسي ورائد البحيري وأشرف مصيلحي وأميرة فايق وإيهاب فهمى وصفاء الطوخي وكلهم نمطيون ولكن ما لفت إنتباهي أداء عمرو عبد الجليل أجتهد ليؤكد وجوده ورياض الخولي الذي لم يجد حتي الآن من يبرز طاقته الفنية وقد تأثر أسلوب المخرج محمد عزيزية بالمناخ العام للمسلسل فلم تكن هذه تكوينات كادر عزيزية ولا أسلوبه في التعامل مع الممثل فلم يضيف عزيزية للدراما المصرية شئ وما أنقذ هذا المسلسل موسيق محمد رحيم جاءت تزاحم الدراما وترفع من إيقاع المسلسل للخروج من الملل والرتابة ولم تكن الرتابة فقط بمسلسل " قضية رأي عام " بل طالت أيضاً [ من أطلق الرصاص علي هند علام ] بطولة نادية الجندي تأليف يسري الجندي وإخراج خالد بهجت والتي تدور أحداثه حول الصحفية المتألقة هند علام قصة تراتيجية بعد أن صدمت بإغتيال زوجها عالم الذرة الذي تمت تصفيته من طرف مافيا اغتيال العلماء فتقرر هند بالتحري والبحث للوصول الي مرتكب الجريمة [ اشمعني يسرا ] وتتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة وتبدأ الشرطة في التحقيق لمعرفة [ من أطلق الرصاص علي هند  علام ] اسم المسلسل طويل لا أعرف السبب الإضاءة فجة وإستخدام الفلاتر علي وجوه الممثلين لا أعرف له سبب حركة الكاميرا لا تعبر عن شئ إلا ان المخرج يقوم( بتصوير المسلسل) وأسألة هل تعلم المعني الحقيقي لحركة الكاميرا وقد جاءت الشخصيات ضعيفة وهند شخصية خيالية ليست واقعية في مجتمعنا لذا شعرنا بغربة تجاهها خصوصاً باداء نادية الغريب وإصرارها علي التمثيل طوال الوقت وأضافت الموسيقي للمسلسل وللممثلين سمات لا تتوافر فيهم وقد نمي تداعيات للمعاني والإنكار في ذهن المتفرج محقق الأثر المنشود الذي عجز عن تحقيقه إبراهيم يسري ـ سلوي خطاب ـ لقاء الخميسى ـ وايتن عامر ـ زينه ـ ندي عبد العزيز ـ واجتهد كلاً من خالد زكي وخالد الصاوي .

لم يتوقف الهزل عند المسلسلات الإجتماعية فقط بل امتدت إلي الأعمال الدينية لتصل إلي مسلسل [ الإمام الشافعي ] تأليف بهاء الدين ابراهيم اخراج شيرين قاسم بعد أن أساء للإمام الشافعي في الوقت الذي تنطلق فيه سوريا بأفضل الأعمال التاريخية والدينية ما زال الفكر النفعي مسيطر علينا في أعمالنا فقد عاني الإمام الشافعي ضعف الإنتاج في اختيار أماكن تصوير مستهلكة وملابس لا تناسب الشخصيات مكررة شاهدناها في كثير من الأعمال وإضاءة تسرب إليك الكآبة وحركة كاميرا صامتة ليس بها أي رؤية لنشاهد كادر صامت فارغ من أي جماليات داخلة مجموعة من الممثلين يسترسلون الحوار وكأنهم في مسمع إذاعي والعجب أن يخرج علينا إيمان البحر درويش هذا الفنان الذي احترم فيه خلقه وأدبه بغناء فترات المسلسل وكذلك وضع الموسيقي التصويرية ولاننا تعودنا أن البطل من حقه كل شئ فأصبحنا أمام مسلسل [ إيمان البحر درويش ] بخلاف المط والتطويل والرتابة في الحوار والمشاهد وفقد جماليات اللغة للحوار وفقد المسلسل التحدث بلغة البادية التي كان يتحدث بها الشافعي أو بلغة الشاعر الذواق لجماليات اللغة العربية رحمه الله الشافعي " وجاءت فايزة كمال ومحمد عبد الجواد ونيل نور الدين ومفيد عاشور وأحمد حلاوة ـ ومصطفي حشيش بأداء نمطي وكأنهم في مسلسل [ سيوبه ] واجتهد خالد الذهبي ومني عبد الغني وكان اشرف عبد الغفور رائع في دور الإمام مالك  وعندما تقارن هذه المهزله التى تمت فى سبوبه (الامام الاشافعى)بمسلسل [ عنترة ] بين شركة رواج الكويتية ووزارة الإعلام الأمر يختلف كثيراً الاول مال سايب وموظفين حكومه والثانى أناس عاهدوا الله علي الصدق في العمل لنجد أنفسنا امام سلوم حداد وسلاف نوافرجي ووفاء موصلي وأحمد راتب ومجموعة أخري من نجوم سوريا والوطن العربي لينطلقوا بمسلسل أحداثه ملتهبة ليتناول بداية من مشهد ولادة الفارس عنترة بن شداد ومعاناة الفارس عنترة من العبودية والقهر والإستبداد من الإختلال الطبقي بينها والمسلسل يمتاز ببناء درامي متماسك وصور جمالية في الحوار ولا توجد به نغمة الخطابة كتلك المتوفر عن عجز لدي كتاب المسلسلات الأخري الشخصيات مرسومة بعمق لتكون سهلة الأداء كذلك أبدع المؤلف غسان زكريا في خلق شخصيات لها قيمة ومؤثرة مهما كان حجمها بالدراما وأبدع المخرج رامي حنا في التشكيلات والخلفيات في تكوين الكادر ليلتقط صورة جمالية وتحويل أماكن التصوير إلي أماكن بها حيوية ووحشة وحركة المجاميع التلقائية والملابس والإكسسوارات واختيار مواقع التصوير الصحراوية كل هذه عناصر ساعدت علي نجاح العمل حتي الخيول المصاحبة للمثلين تشعر وكأنهم تحملوا المسئولية أيضاً وهذا كل وراؤه انتاج مميز يستوعب أن الدراما لا يحددها نوعية الممثلين سواء كانوا نجوما أو من الصف الثاني بل يحدد المستوي النص الدرامي والإخراج وهذان الجانبان هما سبب تراجع الدراما المصرية التي يحكمها إما موظف جاهل أو منتج جهول أو نجم مدعي ولأن سوريا تعلم هذا فقد نجحت هذا العام في تقديم دراما اجتماعية تتناول هذه الأعمال قضايا اجتماعية للمجتمع السوري وفقده رغم حساسية هذه القضايا فلم تمنعها السلطة السورية من الظهور كمسلسل " أسياد المال " للمخرج يوسف رزق والمسلسل يتميز بالإيقاع السريع والإضاءة معبرة عن حالة الدراما بل تساعد الممثل في تجسيد الشخصية وأداء الممثلين رائع وهم لا يقلون عن بداعة عن فنانين مسلسل " غزلان في غابة الذئاب " للمخرجة رشا شر بتجي والذي أثار جدلا واسعا في المجتمع السوري لتؤكد لنا سوريا كل عام أن نجاحها لم يتوقف عن الدراما التاريخية بل أنها قادرة علي النجاح في أي عمل إبداعي لم تعلمنا سوريا كيفية صناعة الدراما فقط بل صدرت لنا لتعلمنا كيف يكون التمثيل وما هي مواصفات النجم ليكون جمال سليمان وسولاف وأيمن زيدان وسوزان نجم يطل علينا هذا العام "  تيم حسن " أو " الملك فاروق " نعم بشحمه ولحمه وروحه ومظهره فقد حفر " تيم " اسمه بحروف من ذهب علي حائط الدراما السورية بل العربية في وقت تواري فيه كثيرون أو أصابهم الشيخوخة المبكرة حتي الجديد منهم يخرج علينا بالواصتة والمحسوبية والسهرات الحلوة [ عفن ] ادي الي تدهور حالنا لينطلق هؤلاء " بالملك فاروق " هذا السيناريو الذي يتمتع في كتابته بحبكة درامية تدل علي ثقافة مؤلفة في كتابة السيناريو ولغة حوار تعبر عن كل شخصية مرسومة داخلياً وخارجياً للكاتبة لميس  الحديدي ليكون في أيدي فنانين علي رأسهم المخرج حاتم علي الذي ترجم لنا نص وحوله لتحفة درامية بعد ان جمع جميع عناصر العمل الناجحة مكياج ديكور موسيقي تصويرية مونتاج اكسسوار ملابس كنت أشاهد الحلقات اشعر وكأني " فلاش بلاك " أتعايش الأحداث ولأول مرة أشاهد وفاء عامر ممثلة جيدة وأبدع نبيل الحلفاوي فهو عملاق وعزت أبو عوف وبهاء ثروت

هذا العام لم تتوقف مشاكلنا الفنية للدراما المصرية امام ضعف اداء ممثلين ونمطيتهم أو نصوص ضعيفة ومخرجين( كبار) هكذا يقولون لهم لكنهم تقلديون لاينتمو الى اى مدرسه فنيه بل زاد الطين بلة في تكرار أماكن التصوير في أكثر من مسلسل وكذلك الفرش والإكسسوارات والديكورات أماكن مستهلكة بمدينة الإنتاج الإعلامي التي فقدت قيمتها ورخص من المنتجين أفقد للدراما مصداقيتها .

كما طل علينا بعض الوجوه في اداء تمثلي نمطي بالمشاركة في أكثر من  عمل لدرجة أنك لم تفرق بين أداؤهم بين الشر والخير لأنهم ذات قدرات محدودة ولا أعرف سر إنتشارهم منه فضالي ولقاء الخميس وايتن عامر وروجينا هذا بخلاف زمام الوجوه الجديدة الذين لم يتوافر لديهم الي مقاومات النجومية والإبداع .

أبهرني يوسف فوزي في دور [ سير مايدز لامسون ] بمسلسل الملك فاروق وراينا يوسف لتؤكد أنها متألقة عندما قدمت القناة الرقيقة وهي أقرب لشخصيتها وتفاجئ بها يدور اللعوب  

[ هدي ] في عمارة يعقوبيان وكذلك دور [ مستورة ] في [ سلطان الغرام ] عمرو يوسف بمسلسل [ الدالي ] موهبة جيدة يحتاج إلي رعاية وتأني.