تلك اللحظات الجميلة...

توالى الأفراح بحمد الله.. وتظل العديد من الدعوات الكريمة تنهال علينا من كل صوب.. وهو مما يسعدنا ويطمئننا على أن الناس لا يزالون قادرين على صناعة الفرح مهما تفاقمت المعاناة فى كل تفاصيل حياتنا والحمد لله.

حرصت مؤخرا على تلبية العديد من الدعوات الكريمة التي وصلتني من الأهل والأحباب والأصدقاء لمشاركتهم أجمل لحظات العمر التي نسأل الله أن يباركها لهم ويغدق عليهم السعادة والرضا والستر والمودة.

تلك اللحظات الجميلة - التي تتبارى الأسر في ابتكار تفاصيلها وشكل إخراجها بحيث تدهشنا بالمستجدات التي سنفرد لها مساحة خاصة لاحقا - لم يفسد تلك اللحظات سوى الكم الهائل من الأطفال الذي يزحم المناسبات في البيوت والصالات!!!..

عدد كبير من الأطفال بمختلف الأعمار والفئات يتراكضون بين المناضد ويتكدسون تحت أقدام المدعوين لاسيما الراقصين منهم بصورة مزعجة وقبيحة!!

فما الذي يرغم الأمهات على اصطحاب أطفالهن لمناسبات الأفراح أو حتى الأتراح لا قدر الله وتركهم من دون رقابة أو توجيه؟!!.. ولماذا نعمد فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعانيها جميعا لزيادة العبء على أصحاب الدعوة وتكليفهم فوق طاقتهم وبدلا عن تقديم (صحن) عشاء واحد للأم يتم تقديم حوالي خمسة صحون لأنها أصرت على اصطحاب جميع أطفالها للمناسبة؟!

الأطفال أحباب الله لا ريب.. وكلنا مولعون بهم.. ويضفون على التجمعات ألقا بملابسهم الزاهية وصخبهم وبراءتهم.. ولكن هذا لا يتوافق مع المناسبات الليلية التي تضطرهم للسهر وترهقهم وتحول بينهم وبين مدارسهم صباحا ربما.. كما أن الأمهات لن يستمتعن بالمناسبة كونهن يظللن منشغلات بتكاليف أبنائهن من جوع وعطش ورغبة في الذهاب للحمام وربما اشتباك مع أطفال آخرين أو تعرض للأذى بسبب الجري والسقوط.

إن وجهة نظري الشخصية المتواضعة التي قد تتعارض مع الكثيرين ترى أن جنة الأطفال بيوتهم.. حيث يتمتعون بالاستقرار والراحة والحرية.. فلماذا نرهقهم ونرهق أنفسنا باصطحابهم للحفلات والزيجات؟!!.. لماذا لا نتركهم يستمتعون بالنوم الهانئ أو مشاهدة التلفاز أو المذاكرة دون أن يشكلوا عبئا علينا وعلى الآخرين؟!.. وإذا تعذرت إحدانا بأنه ليس هنالك من يعتني بهم في المنزل فليس أسهل من لقائي معهم والاعتذار عن الدعوة أو الحضور للمباركة لاحقا فهذا أفضل للجميع في اعتقادي.. وحفلة تفوت ولا حد يموت.

بعض الأسر تطالبنا صراحة في رقاع الدعوه بعدم اصطحاب الأطفال بعبارات دبلوماسية.. وبعضنا يغضب من ذلك وقد يتبنى موقفا بمقاطعة المناسبة ومخاصمة أصحابها.. وليس معهم الحق في ذلك.. أنا شخصيا أحترم تصرف أصحاب المناسبة وأراه منطقيا من فرط المشاهدات السالبة للأطفال في المناسبات.. وحين تتزوج ابنتي الكبرى يوما بإذن الله إن مد في آجالنا.. فسأحرص على تدبيج رقاع الدعوة بتلك العبارة الأنيقة: (جنة الأطفال.. بيوتهم).. والحاضر يكلم الغايب.. وعلى المتضرر اللجوء لمناقشة الأمر بموضوعية.

تلويح:

ارحموا طفولتهم الغضة من السهر والتقاليع العجيبة.. وارحمونا من شقاوتهم المتطرفة أحيانا

 

 

وسوم: العدد 680