حكاية من الشارع (5)

سعيد مقدم أبو شروق - الأهواز

الإدمان

دخلنا قرية الجديدة والتي تقع في المحمرة، استفزتنا أسماء الشوارع الفارسية 

والتي لا تمت بأي صلة إلى ثقافة ساكني هذه القرية العربية أبدا!

الشوارع مدمرة، ولهذا نسير بسرعة منخفضة جدا؛ حيث المشاة يجتازون سيارتنا بكل سهولة!

تستطيع أن ترى الفقر من ظاهر البيوت، أو من معالم الشيوخ ووجوه النساء الذابلة وملابس الأطفال! وكأن هذه القرية تقع في دولة فقيرة لا يوجد فيها أنهر ولا نفط 

ولا ذخائر أخرى! أو كأنها لا تقع في منطقة تجارية حرة!

تقول الفتاة العشرينية إن زوجها لم يسقط في هاوية الإدمان لولا أنهم فصلوه من 

عمله! ومن يومها حاصرنا الفقر وتدهورت حياتنا.

وذات يوم أخبرته أن الطفل يرجف من البرد وبحاجة ماسة إلى ملابس؛ وجم وغرق في 

صمت كئيب، وجلس يدخن ويتنهد، ثم انهار، فزاد جرعته من الكاكوئين ومات.

وبقيت أنا والطفل وحيدين، يدفع لي أبو زوجي خمسين ألف ريال في الأسبوع؛ وفي 

أجواء الغلاء هذه، الخمسون لا يساوي سعر كيلو من الفاكهة.

وتابعت الفتاة المسكينة قائلة: أعيش بفضل صدقات المؤمنين من حارتنا ومعظمهم 

فقراء مثلي.

عليّ دين من الدكان مبلغه تجاوز المليونين، وكنت حائرة أشد الحيرة في تسديده 

حتى جاء اليوم شخص كريم من خارج حارتنا يسأل عن الفقراء، وقد سدد المبلغ كله 

وأدخل السرور على قلبي وقلب طفلي.

عند خروجنا من بيتها نقلت لي جارتها إن شقيق زوجها لا يتزوجها ويمنعها من 

الزواج من غريب!

خرجنا من قرية الجديدة والألم يعتصر قلوبنا من هذه الأحوال المزرية؛ ودعونا 

الله أن يهدي صاحبي القرارات والمتسلطين على ثرواتنا فيرحموا الفقراء ويُرجعوا 

الحقوق إلى أهلها، أو أن يهلكهم فيستخلف مكانهم رجالا من ذوي القربى رحماء على 

الفقراء، أمناء على أموال الشعب، متخصصين، نزيهين...

وسوم: العدد 796