قصص قصيرة 818

-       فراغ الجعبة :

بضع كلمات وجدتها متناثرة في فراغ الجعبة وما أدراك ما الجعبة ..

لملمتها فأعطتني وهي ممتعضة جملة بصيغة استفهام :

-هلّك أن تقول لي ما الذي تغير فيك خلال السنين القريبة الماضية ؟

استغربت وحارني اضطراب ، وخفت من نفسي ، ذلك إن لم أجد جواباً

فإن الإحباط سيتملكني ويجوب فيّ شوارعاً لم أرتدها ولم أعرفها من قبل

ضمرت تلك الحالة في داخلي ، وألقيت غطاء من اللا مبالاة للتمويه ..!

هل من المعقول : لم يتغير أي شيء ، ولم يضاف أي شيء ..!

بقيت تلك الكلمات مبعثرة في فراغ الجعبة ، ولا أدري ، .. ستجتمع

يوماً آخراً لتؤلف جملة مفيدة وربما ..لا ..لاأدري ..

سيظل الخوف  والحذر ..هما من سيجمع كلمات فراغ الجعبة .. !

-       لقاء المواجهة :

صورة ترسمها سيدة متربعة في الذاكرة ،هيأتها غريبة ، وحتى ملامحها

   وشكلها يتصفان بالغرابة ، وكل من يعاني من هيمنة هذه السيدة ، يطلق

 عليها مسهلاً على نفسه التفلّت من ربقها ( المخيّلة ) ! .

-       نتائج صراع :

ذكر لي المؤرخون في أمهات أساطيرهم ، أن أي صراع حتى ولو

كان بين فردين اثنين ، حتى ولو كان بين محبَّين ، حتى ولو كان بين زوجين ،

يمتد لشهوراً في أقل حساب ، وفي عدة سنين ، ولا مغالاة في ذلك ، فما بالك

بين قبيلتين ، أو دولتين ، أوامبراطوريتين ، فالأمر يتخطى قدرة المخيّلة ..!

-         ذكر لي المعاصرون ، ولا يصنّف أياً منهم ، حتى ولو كان مخضرماً ،

حتى ولو كان يحمل الشهادات العلمية والخبرات ، حتى ولو كان خبيراً في

الصراعات ، أن (تغريدة) مؤلفة من كلمات مبعثرة ، ذات أحرف مبعثرة 

لارابط بينها ولاحتى معنى ، تؤجج صراعاً مدمراً بساعات قليلة، أو تخمده

بساعة واحدة إن لم يكن بدقائق .. فالرحمة على ملايين الكتب ، والرحمة كل

الرحمة على تلك الكتب التي صبغ حبر كلماتها يوماً أسوداً، مياه نهر دجلى

المسالمة .. !

-       حالة محيّرة :

اتفق اثنان على الحب ، الأول أنثى ، والثاني ذكراً ، وليس مهماً أن

يكون السّن شرطاً بينهما لتوافق الحب ، ولا الإقتصاد كذلك ، ولا التماثل

 الإجتماعي ، ولا حتى الثقافي الذي (انقرض من المخيّلة ) منذ أمد بعيد ،

-         سرت (التغريدة ) بينهما ذهاباً وإياباً ، ولمدد زمنية ميكرونية ،

معطوفة بأدق تفاصيل الهيمنة الغريزية ، وتم اللقاء ، وتمت الإجراءات ،

ولم تدق بعد الساعة التاسعة مساء بذات الزمن ، إلاّ وتغريدة إنهاء الحالة

قبل أن يحين زمن التغريدة الخامسة ويحط رحالها ، أزف الرحيل فجأة

وبمثل التغريدة الأولى ، تكررت التغريدة اليتيمة مؤذنة بالفراق ..!!!

-       مذكرات مخيّلة :

 كتبت تصف نفسها أولاً : أنها وهمية لا جنس لها  غير محسوسة ،

ولا هي كائن ، لا أرض لها ولا ليل يمر بها ولا نهار .

وكتبت عن حالتها : أنها تمتطي الخيل بمهارة عجيبة ، وبشكل دائم ،

ولا تتوقف ، ولا تنام ، ولا تركن مطلقاً .

وقالت أيضاً : أنها هي المسيطرة بقيادتها للخيل ، والخيل جميعها طيعة

لها ولا قدرة للخيل على الإعتراض أو الإستنكاف أبداً .

وقالت كذلك : من هنا جاءت تسميتي بالخيّالة .. ومن هنا جاءت سيطرتي

العجيبة على من يرخون لي العنان ، ويمنحون لي صك القيادة من دون

اعتراض ....!

كان معترضاً يسمع لها : فكتب قائلاً :

لابد أنها متخيلة ، وتستعمل مخيلتها كثيراً أيضاً  ، وبشكل لاحدود له ..!

-         قصة غير مكتملة :

 يحكى أن متخيلاً ذكراً ، لم يسمح للمخيلة ابداً أن تجد لها موضعاً في

 ذاكرته ،  فظلّ سنيناً وعمراً مديداً متعثراً بالجمادات ..!!

-       قصص مذكر ومؤنث :

-         كم اسم قيس مر بالذاكرة ..؟ والمخيّلة حاضرة

كم اسم ليلى ارتبط حبها بقيس او ربيع أو خالد أو العباد أو روميو ..؟

وكم من (حبٍ ) مذكرٍ دائمٍ ، ولا يوجد مؤنث له ..!!

الحب خلق مذكراً ..

الموت خلق مذكراً ..

الحياة وحدها خلقت مؤنثة .. ولا مذكر لها ..!!!

والإنسان مخلوق بشقين ..وحده من يحب الحياة فيشقى ..

أويفارقها ..فينعم ...

الموت مذكر واعظ لاختيار النعم ...!!

وسوم: العدد 818