زوار منتصف الليل !؟

( أحداثها  واقعية مع تغيير الأسماء  جرت في ريف جسر الشغور في انتفاضة الثمانين  )

هل خالفوا الأوامر عندما طرقوا الباب و استأذنوا للدخول ؟!

فزملاؤهم لا يفعلون ذلك ؟! حتى أصبح لدى الناس قناعة أن زوار الليل هم من أقسى أصناف البشر

فتح لهم أبو خليل ، بقامته المديدة و لحيته البيضاء و قد تجاوز الثمانين : نعم يا بني !

واحد منهم : عمي ! نحن كنا في رحلة ، و تعطلت بنا السيارة ، قرب قريتكم ، فتذكرنا زميلنا خليل ، و قلنا نستريح عنده .

أبو خليل : على الرحب و السعة .. تفضلوا .. أهلا و سهلا !

كانت غرفة متواضعة فيها بعض الأثاث الحديث إلى جوار متاع ريفي قديم

وجدهم تدور أعينهم تتفحص الغرفة ، و وجد أن من المناسب أن يجعل مفتاح الحديث معهم حول ابنه خليل : هذه الأغراض الجديدة لخليل ، سنزوجه في الصيف - إن شاء الله - و أنتم مدعوون منذ اليوم !

أم خليل لم تسأل زوجها إذا كانت ستعد عشاء لهم .. فهم دخلوا البيت بعد منتصف الليل ! و من حق الضيف أن يُكرم متى جاء !

نقرت الباب .. أدخل أبو خليل الطعام مع وعاء الشاي .. أقسم عليهم أن يأكلوا .. اعتذروا أنهم على عجل ، و قد تناولوا الطعام قبل ساعة : و لكننا نشرب الشاي إكراما لك

ألح عليهم أن يبيتوا حتى الصباح فإن كان خليل ليس هنا فهم كأبنائه

خرجوا و هو يودعهم بكلمات رقيقة و نظرات حانية : البيت بيتكم يا بني ، و يسرني و خالتكم أم خليل أن تبيتوا عندنا ..

تسللوا واحدا تلو الآخر، كان المخبر  في انتظارهم ..

نظروا إليه بغضب ، و هَمّ أحدهم أن يصفعه : يا كلب ! خليل ليس هنا ! فكيف تدعوننا ؟!

الشبيح : بتلعثم .. أ.. أ .. أنا شاهدت واحدا يطرق الباب قبل العشاء فظننت أنه خليل ؟!

الأول : أين نذهب ؟

الثاني [ مشيرا إلى الشبيح ] : خذنا إلى بيت المختار

الشبيح : المختار في بستانه على طريق النهر،و ليس موجودا !

لم يمض وقت حتى قرروا أن يعودوا إلى منزل أبي خليل.

بقوة و عنف : [ا فتح الباب نحن الأمن .. و توالت الطرقات بعصبية و قسوة !

فتح أبو خليل الباب .. هم الشباب الذين جاؤوا قبل ساعة ! ماذا دهاهم ؟ المسدسات بأيديهم وهم ينطلقون من غرفة إلى غرفة .

أبو خليل ظل واقفا ينظر إليهم بهدوء و إشفاق

رئيس الدورية : تعال [ يا ختيار ] معنا ! تربي مجرما ؟! و تتستر عليه ؟!

لم يدر في خلد العجوز أنهم يقصدون ولده بادئ الأمر ؟!

صفعه أحدهم و هو يردد بغضب : أين خليل ؟ يجب أن تحضره فورا

- رئيس الدورية : سنأخذك مكانه !!

هدوء أبي خليل كان يمتص غضبهم ، قال [ وهو ينظر إليهم واحدا واحدا ] : اهدؤوا لنتفاهم .. هاتي القهوة يا أم خليل !

أحدهم : لا نريد أن نشرب شيئا ؟!

أبو خليل : واجب الضيافة يحتم ذلك ! فأنتم تزورننا للمرة الثانية ، فلا بد أن نضيفكم

- أحدهم [ وقد كاد هدوء أبي خليل يمزقه : طيب ... شربنا القهوة .. فلنتاهم

- أبو خليل بهدوء مشوب بالثقة : يا ابني ! هل فيكم أب ؟!

- أجابوا بالنفي !

- لو كان فيكم أب لقدر تم مشاعري ، و و الله لا أعلم مكان خليل ، و لا أين هو ؟! و لو كنت أعلم لما أخبرتكم !

أصابتهم الدهشة و الحيرة ، و العجوز يردد : يا ابني أنا أب .. أنا أب يا ابني !!

وقف الثلاثة و وقف أبو خليل : تريدون أن أذهب معكم ؟

لا مانع لدي ! و سأعُدّ ذهابي معكم نوعا من الضيافة لكم ، حتى لا تعودوا إلى مقركم ، فيقول لكم رئيسكم : لم تؤدوا المهمة .. و عدتم خائبين

- آخر واحد فيهم و هو خارجون ، ردده في سره : نعم ! عدنا خائبين ، و لكننا تلقينا منك درسا بليغا أيها العجوز الشجاع.

وسوم: العدد 921