السمُ في الشاي

أنتم لا تعرفون أن اليحياوي كان أول المثقفين في مدينتنا الصغيرة ، لما كانت قرية صغيرة منذ ستين سنة أو أكثر ! كُنت أنا أبلغ من العمر عشر سنوات ، غير أني دائما كنت أتشوق لسماع حكاياته البطولية ...

ما ذا يعني أول المثقفين في مدينتنا الصغيرة ؟ أي ذهب بعيدا في دراسته ، درس في مدينة تيارت الكبيرة وأغلب أترابه لم يعرفوا إلا الكُتاب ، والقليل جدا من انتسب إلى المدرسة الفرنسية ..

ويعني مثقف أيضا أنه يقرأ الصحف الفرنسية، وكان يقرأ أيضا صحف جمعية العلماء المسلمين لكن سراً وبعيداً عن الأعين المتشككة..

وتحصل على شهادة مكنته من العمل في البلدية ..

وأهم صفة اتصف بها في البلدية هي مساعدة المواطنين الجزائريين وتسهيل أمورهم. ولم يفكر ولو للحظة أو تردد في العمل مع جبهة التحرير بعد أن اتصلت به ..

وصل أمر ذلك الاتصال الى الفرنسيين وعيونهم من الحركى الأنذال رغم أنه كان كثير الحذر ..

ولم يستطيعوا أن يحصلوا على دليل واحد يدينه رغم يقينهم التام بأنه يقدم مساعدات كبيرة للمجاهدين ! فاستغلوا نقطة ضعفه ، التي كانت حبه للشاي ، إذ يهوى شربه بكثرة ، في المقهى ، في السوق الأسبوعية أو عند أصدقاءه المقربين ..

وضع له أحد الحركى السم في الشاي ، هو وصديقه البغدادي في سوق الأربعاء الأسبوعية ...تلوى ، ثم مات فوراً أما البغدادي فربما لم يشرب كثيرا فمد الله في عمره حتى بعد الاستقلال بسنوات قليلة ..

وسوم: العدد 1036