البقال

مشيتُ في طريقي عائداَ إلى البيت ، أفكر في ما قاله البقال لي ...

ما معنى ما قال ؟ ولماذا أنا ؟ ولماذا الآن ؟...

إني زبونه لمدّة قاربتْ العشرين سنة ، يستقبلني بالابتسامات ، ولا يتجاوزُ حديثنا بضعُ كلمات ، التحية ، حالة الطقس ، الأسعار ، أو ندرة بعض المواد الاستهلاكية!...

و أنا أيضا لا أطيلُ معه الحديث، أشتري أغراضي، وأخرج، احترماَ لمهنته، فلستُ المُشتري الوحيد، بل هناك الكثيرين، فيهم الصبي والشيخ، المرأة والمستعجل، عابر السبيل والمريض، الهادئ والعصبي...

واليوم تكلّمنا لمدة قاربت الساعة من الزمن ، ليس حديثاَ متواصلاَ ، وإنما منقطعاَ ، يفرضه دخول زبون أخر بين الفينة والأخرى ...

تحدثً عن طيبتي، فمدحني، وقال بأني من الزبائن القليلين ذوي الأخلاق الحسنة فأشعرني ذلك بالحرج!

شرع يتكلم عن طفولته، وشبابه، أصدقاءه، أقاربه، زوجته وأولاده..

كنتُ أنصتُ باهتمام، فمن عادتي أني لا أحب التعليق، فأشعره ذلك بالسعادة...

كل الذّين تناولهم لم اعرف منهم سوى رئيس البلدية أو حارس مرمى فريقنا المحلي لكرة القدم مُباركي ...

وبعد أن أنهى الحديث ، عبر عن امتنانه العميق لأني أنصتُ إليه كل هذه المدة!

وخرجتُ من عنده مندهشاَ ، غير فاهم لماذا اختارني لكي يروي لي جزء عزيز عليه من حياته؟...

وسوم: العدد 1053