قصص قصيرة جداً

زينب الخالدي

لوحة تجريدية

في طرف اللوحة مائدة امتلأت بكل ماتشتهي النفس والعينان، وبما لذ وطاب من طعام حلو ومالح وحامض ولفّان... وامتلات البطون حتى غابت العقول وأصابت التخمة الأبدان ... وأكياس القمامة امتلأت حتى وصلت الآذان

وهناك في الطرف الآخرمن اللوحة أفواه فاغرة وهياكل عظمية تمشي في دروب الهلاك بلا هدى قد فقدت الأمن والأمان

وأناس يتضورون جوعاً وعطشاً يموتون من قلة الطعام ،  لم يذوقوا كسرة خبز ولم يشربوا قطرة ماء منذ عدة أيام.

عملاق

وقف متباهياً بطوله وضخامته وعضلاته المفتولة

نظر إلى الآخرين ساخراً :

- هه هه هه يالكم من أقزام !!!

عاد إلى حجمه الطبيعي بعد خروجه من معرضٍ للمرايا .

الجميلة

أخذت تتمايل بدلال متباهية بجمالها بين قريناتها

- أترون كم أنا جميلة ؟

- كلنا جميلات ولست وحدك

- لكنني الأجمل..لايمكنكن إنكار ذلك ، فليس بينكن من تضاهيني جمالاً

فجاة تمتد يد عابثة فتقطفها... تشمها ... تمزق بتلاتها الزاهية ، ثم ترمي بها إلى الأرض لتدوسها الأقدام

*  جمال الروح لا مرآة له إلا الأخلاق

شبيك لبيك

خرج المارد من قمقمه يعرض خدماته عليه :

 - " شبيك لبيك خادمك المطيع بين يديك "

 اطلب وتمن .. فأمامك ثلاث أمنيات أحققها لك

-       أريدك أن توحد أمتي

-       وأن تزيل الحدود والخلافات فيما بينها

-       وأن تقضي على الجهل والظلم و الفقر المتفشي في أكنافها.

-   أرجوك اعذرني ، فقد طلبت المستحيل ، لذلك سأعود إلى قمقمي وأستقيل

حقيبة

وقفت على الشاطئ  ترنو إلى الأفق البعيد تتأمل غروب الشمس بعد أن وضعت حقيبتها التي جمعت فيها ثيابها وصورها و كل مايذكرها به وبالماضي بجانبها ومسحت دموعاً حرّى انسكبت على وجنتيها في غفلة منها...

.. أخذت نفساً عميقا ، رفعت حقيبتها إلى الأعلى ثم رمتها بكل قوتها في الماء وأخذت تتأملها والأمواج تتلاعب بها قبل أن تغرق في المياه شيئاً فشيئاً ، استدارت عائدة ، توقفت لبرهة قبل أن تكمل سيرها ألقت نظرة إلى الخلف رمقت الحقيبة وهي تغوص إلى الأعماق.. تنفست الصعداء .. ابتسمت.. ثم أكملت طريقها .

                                                                                    

أبراج

قرأت في برجها وهي ترتشف قهوتها الصباحية : "علاقات العمل ناجحة .. تتلقى أخباراً طيبة هذا الصباح "

استبشرت خيراً وتوجهت إلى عملها متفائلة ....

 تلقت خبر إنهاء خدماتها حال وصولها

جريمة

لم تشفع له سنوات عمره التي تقل عن عدد أصابع اليدين ، جروه ، سحلوه ، ضربوه بأعقاب البنادق

  سجنوه وعذبوه ... جريمته أنه رماهم بحجر

 

قصر

بنى قصره من الرمال، وجعله قلعة شامخة لا مثيل لها حتى في عالم الخيال والأحلام ،  زيّنه وجعله تحفة للزوّار ، ومتعة للنظّار.. لكن ما لبث أن داهمته الأمواج فدمرته وجعلته أثراً بعد عين في غفلة من الزمان.