أحلى مبلط

أيهم نور الدين

-( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ )-

   كنا قد حصلنا على نتيجة نجاحنا في الصف التاسع قبل يومين .. دخل تموز بلهيبه متزامناً مع رمضان قاسٍ وطويل .

الجيبة مقحطة ع الآخر .

التقيت بمحمد وأيمن كالعادة .. هما زميلاي في الصف , وتقريباً بالحارة , فهم من الحارة التي تلي حارتنا بالضبط .

كان محمد قد نجح مثلي , أما أيمن الكسول المهزول ( حينها ) فقد رسب بامتياز كما توقعنا , لم يبالِ كثيراً رغم القتلة المرتبة التي أكلها من أخيه الأكبر .

..

بدأت الحديث :

- شو شباب : الطفر عفر " كنا جميعاً ندخن خفية عن أهلنا " .. بدنا عملة .

- منين يا حسرة يرد محمد .. ولاه أيمن : ما سرقت شي اليوم من جيبة أبوك .

- و لا قرش , شكله بلّش يحس وصار عم يخبيهم ما بعرف وين , مفكرا لأمي هى اللي عم تشفطون .

- هههه , كل عمرا أمك ناتفته نتف لأبوك .

- ليش عم تحكوا هيك ؟ ... "واشرأب على الفور متخذاً شكلاً جدياً وكأنه يريد البدء بافتعال مشكلة , تداركت الموقف على الفور: "

- فضّونا من هالسيرة هلئ وخلونا بالمهم .. بدنا عملة , شو رأيكم نزق (( ننقل )) رمل وبحص .

- شو عم تحكي " يقاطعني محمد " ما شايف الشوب ( الحر ) وكل البنايات اللي فيها عمار  ( بناء ) ملاحق , رابع وخامس طابق ... بعدين ونشات البدو خلتلنا شي لننقله ؟؟ .

- والله مظبوط , والحل ؟؟

- نطلع نزق رمل وبحص بالضيع , كلها ما فيها غير طابق أرضي , ولا طلاع درج ولا عل قلبك ؟

- والله جبتها يا فهيم ..

يقاطع أيمن : عمو , لا تحسبوا حسابي أنا ما خرجي .

- شو لا نحسب حسابك , اجرنا ( رجلنا ) وإجرك .

المهم أنه بعد قليل من التمنع وافق .

- على أي ضيعة بدنا نروح " بادرت بالسؤال "

- ع الحويز " يرد أيمن متابعاً " ولاد عمي صار لهم ست شهور هنيك , بيت يصبحكون بيت يمسيكون بيت تمم الله افراحكم , وما عم يخلصوا شغل على قد ما فيها بيوت جديدة عم تتعمر " كان أولاد عمه مليسين ( طيانين ) فاشلين وشغلهم بازاري وما عندهم شغل غير بالضيع .. كانوا مطلوبين جداً هناك , وهم على الدوام من ضيعة لضيعة .

- وأنت قلتها , خلص شباب , بكرا من الصبح بمر عليكون وبوشنا ع الكراج .

وهذا ما حصل في اليوم التالي , صحوت في السادسة صباحاً , لبست ثيابي وخرجت دون أن آكل شيئاً .. أليس اليوم ثاني أيام رمضان ؟؟.. المهم أنني وجدت أيمن ومحمد أمام بيت محمد ينتظراني مع رفش وثلاث تنكات فاضية .. سلمت عليهم وتحدثنا قليلاً وحملت إحدى التنكات وانطلقنا نحو الكراج .. 

سألنا عن كراج الحويز فدلونا إلى ميكرو باص قديم متهالك يقف جانباً , صعدت وأيمن بينما اعتلى محمد مع الرفش والتنكات الثلاث ظهر الميكرو ... وما هى الا فترة وجيزة حتى تحركت هذه الكتلة المتهالكة المتقادمة ببطئ نحو هدفها المنشود .

لم يبدأ حر النهار بعد ... كان الطريق جميلاً والطقس رائعاً , والهواء البارد المنعش يتسلل إلينا عبر النافذة المكسورة .. تجاوزنا المقص وكازية نجيب علا ( والد الشبيح عاطف نجيب ) باتجاه طريق بانياس القديم .. حوالي ثمانية كيلو مترات ثم التفَّ الباص يساراً ليبدأ بالصعود في قلب جبال العلويين .

صعد الباص لمدة ربع ساعة ثم توقف .. بدأت الناس بالنزول وهذا يعني أننا وصلنا .

نزلنا وساعدنا محمداً الذي كان يرتجف من برد الصباح وهو على ظهر الباص وحملنا عدتنا وبدأنا بالبحث عن بيوت قيد الإنشاء فيها أحد ما لنفاوضه .

كانت البيوت غير المكتملة تملئ جانبي طريق الضيعة وما من أحد قربها .. فقط في أحد البيوت لمحنا كهلةً قوية البنية تقوم بحمل الرمل والبحص إلى داخل البيت غير المكتمل .

- صباح الخير يا خالة

- صباح الخير وا بني .. خير 

- ما بدك مساعدة بزق الرمل والبحص .

- مساعدة شو ؟؟ ولك شايفين هالبيت كله ؟ هَنا ( أنا ) لحالي نقلت كل رمله وبحصه وجبالته وخفافه ... من وين جايين هنتو ( أنتم ) ؟؟.

- من جبلة

- وشو جايين تساووا بالحويز , والله تبرموا الحويز كلها ما بتلاقوا حدا تزقولو رمل .. العالم هيي بتعتّل بديّاتها .

أحسسنا بالخيبة بعد رد الكهلة المفحم .. وهلئ شو بدنا نساوي " قلنا لبعضنا " ... هممنا بالمسير فالتفت نحوها قائلاً : ياالله .. بالإذن يا خالة .

- الله يعافيكن وابني , صحيح .. نسيت قلّكن : بتعرفوا لكن شي مبلط معلم ومذوق , والله أهالي جبلة طول عمرهم معلمين وشاطرين بالعمار .

- نحن مبلطين يا خالتي " سارعت بالرد " .

- هنتو ؟؟ .. ولّك بجد ؟؟ وليش ما قلتوا هيك من الأول 

- لأنه ما جبنا العدة معنا , فقلنا لحالنا : معنا الرفش والتنكات , فمنشتغل بزق الرمل والبحص أحسن ما يروح علينا يومنا ببلاش .

- والله طول عمركن يا أهالي جبلة وعيانين , عندي الصالون وغرفة النوم والمنتفعات بدي بلطين هلق , والباقي لبعدين .. البلاط والشمينتو والنحاتة جاهزين , قديش بدكن تاخدوا ع المتر ؟

- 50 ليرة .

- ويلي .. وَلَك جارنا بو أسعد مبليط .. قلي : تعمله للمتر ب 8 ليرات ما قبلت , اذا بتبلطوا لي المتر بخمسة تَوافق ع الحارك .

 - شو خمسة , ب 8 ماشي الحال

- ولك شكلكن أوادم .. ب 6 اذا بتقبلوا منيح ما بتقبلوا اصطفلوا .. 

" كنت لا أريد تفويت الفرصة , فسارعت بالقول :

- كرمالك بس ها .

- وايمتين رح تبلشوا

- من بكرا 

- ليش ما من اليوم وا بني .. دق الحديد وهوْ حامي .

- منشان العدة 

- والله معكن حق .

لم يكن معنا حق بالطبع .

لم تكن العدة هي المانع الوحيد , بل جهلنا بأبجديات التبليط , كنا نريد وقتاً لسؤال مبلط حقيقي عن العدة المطلوبة و نسبة الاسمنت والنحاتة الواجب خلطها وكيفية أخذ المنسوب إضافة لعشرات بل مئات التفاصيل الأخرى التي نجهلها .

كان محمد هو الوحيد الذي عمل بهذه المهنة مرة .. فلقد اشتغل في الصيف قبل الماضي مع المعلم مزاحم الذي لم يستطع تحمله ليوم ثالث فطرده قبل أن يتم يومه الثاني " لك منشان الله عيفني .. هذا ما قاله له مزاحم وهو يعطيه أجرة أسبوع بأكمله عوضاً عن اليومين " .

بدأنا طريق العودة إلى جبلة .. لم يظهر الباص الذي تأخر طويلاً .. قررنا قطع الكيلومترات الخمسة عشر مشياً على الأقدام .. كان طريق العودة سهلاً , فهو نزول وانحدار بسيط دائم .. 

بدأنا المسير الطويل ونحن نناقش كيف سنبدأ العمل .. كان رأي محمد وأيمن أن ننسى القصة برمتها ولا نعود , خصوصاً وأن المرأة الحديدية قد نسيت في زخم الحديث أن تسألنا عن أسمائنا .... وأنا أرى العكس , فهي فرصة ذهبية للحصول على المال بأهون سبب .. فما أسهل التبليط .. كله شغل ع القاعد وستف بلاط ودقدقة بالمطرقة ع الخفيف , مو متل الطلعة بتنكة الرمل ع الخامس .. فقط على محمد أن يسأل معلمه القديم عن بعض الأمور الطفيفة التي تنقصنا .

- عمي , أنا ما خرج أحكي مع معلمي .. يوم اللي حلقلي قال : ما بدي شوف وشك بمحل .. خود المصاري وحليق , وين ما بدي شوفك بعدين بدي أضربك , فلا عاد تفرجيني حالك .

- هههه لعما شو عامل معه 

- و لا شي .. عم أنقل له سيراميك من قدام البناية لجوه .. كل ما أحمل صندوق وفوت فيه اتركه خبط .. ما تاري هاد السيراميك طلع بينكسر ع الحارك , فما طلع ما فيه صندوق أنا حملته إلاّ ومكسور نصه .

- خلص , أنا بشوف محمد سعد اليوم وبسأله , بس من وين بدنا نجيب عدة ؟

- ما لنا غير نتديّن ( نستدين ) شوية مصاري ونشتري غراض من أريبو ( الحد الأدنى ) من عند لطفي زيتون ... بس ما بدنا نعرف الأول شو الاغراض اللازمة .

- اذا بتمون ع محمد سعد هوه بيقلك شو بدنا .

- وهو كذلك .

***********

كنا في اليوم التالي بالترتيب نفسه , ومعنا بالإضافة للتنكات الثلاث والرفش : بربيج شألة , مطرقتين , زيبقية , مسطرينين , شفاطة , قطعتين من الألمنيوم طول الواحدة حوالي المتر .. وهى الحد الأدنى المطلوب للبدء بتبليط أي مشروع محترم .

كنا نجهل لماذا بربيج الشألة وما هو دوره بالإضافة لعدم الدراية الكافية بدور الزيبقية وكيفية استعمالها .. فقط كلمات محمد سعد الأخيرة ترن بأذني ( الروبة بتغطي جحشنة المبلط ) .

 وهو كذلك .. سنكثر من الروبة إذن .

.. وصلنا البيت المنشود .

 شاهدنا المرأة الحديدية وهى تعمل بهمة ونشاط الأمس ... سلمنا عليها , وأعطتنا بعض الملاحظات كما دلتنا على مكان تواجد أكياس الاسمنت ..

بدأنا بهمة ونشاط , كان الذي سيجبل ويناولنا الطينة ويهيئ مسرح العمل بفرش الرمل تحت البلاط هو أيمن , بينما اتخذتُ ومحمد دور المعلمين على أن نقتسم الزيبقية بيننا وهذا ما كان .

بدأنا العمل الذي بدا شاقاً للغاية منذ البلاطة الأولى .. دققتها في المنتصف ففتلت يمينا ويساراً .. دققتها من جهتي فصعد الجنب المقابل إلى الأعلى , عدت وطرقتها من الوسط بضجر فانكسرت .. رميتها جانباً وبدأت بأخرى .. وبعد حوالي الساعة رضيت عنها " إذا كل ساعة بلاطة قبرنا الفقر " قلت لنفسي وأنا أضع البلاطة الثانية .. دققتها ففتلت الأولى ومالت إلى الأعلى .. يا ربي ع هالعلقة .. وضعت تربيعة الألمنيوم فوق الاثنتين ودققتها فاعتدلتا نسبياً .. بدأت بالثالثة وهكذا .. أربع ساعات من العمل المتواصل بدأت تؤتي ثمارها , فلقد أنهيت المتر الأول وبدأت بالثاني .. كان المنظر سوريالياً , فالبلاطات مقوسة وبعضها يتجه نحو الأعلى وبعضها إلى الأسفل .. كان محمد في الغرفة الأخرى يعاني من المشكلة نفسها ولم ينته من متره بعد .

كانت الساعة قد قاربت الحادية عشرة .. رأينا المرأة من بعيد وهى قادمة تحمل صدراً على رأسها .. وصلت ووضعت الصدر أرضاً وبدأت بالعويل : شو هايا الشغل المفشكل , مَتقولوا معلمين لكن .. وا خسارة جنى عمري .

- خير ؟؟ قلت لها ببراءة

- وَلك خير شو .. ما شايفين هالشوارع اللي فتحتوها بالبيت وهيدي الطالعة وهيدي النازلة .

- شوارع شو ؟؟ هاد كله رح يتغطى بالروبه .

- لسه فيه روبه ؟؟ " تتساءل وقد خفت حدة عدوانيتها .

- طبعاً ... بلا روبه ما بيمشي البلاط يا خالتي .

- وّلك قولوا هيك من الأول .. قوموا كلوا لقمتين والله تعبتوا اليوم .

- أكل شو .. الدنيا رمضان

- ااي والله , معكن حق , رح رجّع الأكل لكن .. 

كان جفاف حلوقنا قد بلغ أقصاه , وعصافير بطننا تصوي .. وابريق عصير أصفر مخضر مليء بالثلج والمستحاثات الغريبة يقبع فوق الصدر ( طبق الطعام ) , وصحن دجاج مقلي يتربع في الوسط إضافة للزيتون والعطون والجبن واللبنة والبيض المسلوق والبندورة والبصل الأخضر وخبز الصاج ... كانت خيرات القرية كلها تتربع فوق الطبق .

- لك وين ترجعي بالأكل , صرخ أيمن النحيل كدودة وحيدة .. أنا فاطر .

- وأنا كمان فاطر " يتبعه محمد

- وهنت وا بني " وجهت كلامها لي " لحالك الصايم ؟ .

- لك شو صايم .. كمان فاطر , بس كرامة لرمضان ما حلوة الواحد يقول غير هيك .

- على ذمتي هنتو فيكن شرش علوي , ولك شو فرقتوا عن كل أهل الحويز ... قعدوا كلوا وابني وقوموا كملوا شغل .

تركتنا وذهبت لسبيلها .. صببنا كاسات العصير وشربناها بتلذذ بعد ذلك التعب وجفاف الحلق وبدأنا بتفسيخ الدجاج ونحن نتحدث :

- سمعتوا الشرموطة شو حكت .. ولا حدا فيهم لهالعرصات الفستيك بيصوم , .. شعب كفار ما بيعرفوا الله ... صب عصير خيي محمد .. لا بيعرفوا رمضان ولا بيشوفوا وشّه ( وجهه )

- والله مظبوط .. لك رمضان ما بيقرب ع الضيع .. بس يوصل لمقص جبلة بيلف ع بانياس .. شو بده يعل قلبه مع الناس اللي ما فيها دين ولا ذرة ايمان .. ولاه أيمن خلصت الفروج , لا تغرف , لك ليك قديش عص مص وبياكل كل هالأكل , بتقول كله معده " يقول محمد متابعاً " ... كل هالشعب الفطرجي حطب لجهنم يوم الآخرة 

- إي والله .. يا ويلهم من الله " يرد أيمن وصوت غضاريف الفروج تتكسر تحت أسنانه " .

على هذا المنوال أتممنا إفطارنا الدسم

 .

.. قمنا بكسل لمتابعة عملنا , ورغبة ملحة بقيلولة اجتاحتنا .. نفضنا هذا الخاطر وبدأنا العمل بأريحية وسهولة أكثر .. مضى الوقت بتثاقل ونحن ما زلنا على نفس الهمة والنشاط , العمل غدا أقل صعوبة وأكثر سوءاً , فالشوارع التي شاهدتها مالكة البيت بأول متر قد ازدادت صعوداً واتساعاً .. كان المنظر العام يوحي بأرض دار تعود للعصر الحجري .. ماذا ستقول صاحبة البيت عندما سترى هذا المنظر .

- خلونا نروّب ع السريع قبل ما تجي ست الحسن , بلكي منقدر نخفي خريطة الوطن العربي .

- وين الشمنتو البيضا 

- تحت الدرج شفت عشر شوالات

- تمام .. عليهم شباب 

.....

خلال نصف الساعة التالية لم تبق ذرة اسمنت ابيض في الدار .. كانت الطبقة البيضاء التي تخفي عوارنا أكثر سماكة من أي شيء يمكن تخيله , لكن المنظر العام لأرض البيت بدا أكثر إقناعاً .

كانت الكهلة قد لاحت من بعيد .. " تمام , اجت بوقتا " قلت للشباب ونحن نتابعها .. لحظات وصارت بيننا .

- شو حالكين , خلصتوا اليوم ؟؟

- إي والله , وهلئ بدنا نغسل العدة ونمشي .

- والله شغل نضيف مبين , بس ليش كل هالقد الشمنتو سميكة ؟

- منشان تمسك أكتر .. هيك بتروح العمر , بلكي بتعطينا دفعة ع الحساب هلئ يا خالتي .

- ما تفقنا بس تخلصوا بتاخدوا كل حسابكين ع دوز باره .

- ومن وين بدنا ناكل ونشرب لبين ما نخلص .

- قديش بدكين ؟؟ .

- عطينا خمسمية ع الحساب 

- خمسمي .. ولك كل الشغل آ بيطلع بخمسمي .. رح أعطيكم مية تمشوا حالكون فيها .

لم تنتظر جوابنا بل مدت يدها إلى عبها وأخرجت صرة خضراء ملفوفة , فتحتها فإذا هي مليئة بالليرات والخمسات والعشرات .. عدت لنا مئة ليرة بالتمام والكمال , التقفتها وأنا أدعو لها .

كان أيمن في هذه الفترة قد انهي غسيل العدة من بقايا الطين الذي علق بها .. تركنا العدة بزاوية في الورشة و ودعنا الكهلة على أن نعود صباح الغد.

انتظرنا الباص ريثما يأتي , وفي هذه الفترة اقتسمنا تعبنا بالعدل .. بقيت ليرة اشترينا بها بوظة بطعم المبيدات الحشرية من بائع متجول كان يمر أمامنا بالصدفة .

كان هناك اتفاق غير معلن بأننا لن نعود بالغد ولا في اليوم الذي يليه , بل لن نعود أبدأ .. فقد قررنا بالإجماع إعتزال هذه المهنة الكارثية ونحن نحمد الله لأن اليوم قد مر على خير .. تأخر الباص كعادته .

كانت أرجلنا مثقلة وأجسادنا مرهقة من التعب , ومع ذلك قررنا أن نخوض المارتون كالأمس .

كان ضميرنا مرتاحاً لأن العدة التي تركناها خلفنا يزيد ثمنها مرتين عن المئة التي أخذناها .

تابعنا طريقنا نزولاً ونحن نلعق بوظة المبيد الحشري من يد , ونمسك بسيجارة شرق باليد الأخرى ونقتل الطريق بالحديث :

- كفار 

- عرصات

- ما بيصوموا

- ما بيديروا وجوههم ع قبلة .

- ما بيحسبوا حساب الأواخر 

- يا ويلهم من الله .....

..

و.... بدأنا نبتعد عن القرية شيئاً فشيئاً .