وَسَكَتَتْ صَبَاحْ..عَنِ الْكَلاَمِ الْمُبَاحْ..

محسن عبد المعطي عبد ربه

محسن عبد المعطي عبد ربه

[email protected]

صَبَاحُ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ فِي التَّاسِعَةِ مِنْ عُمْرِهَا ,كَانَتْ صَبَاحُ تُحِبُّ التِّلْفَازَ حُبًّا شَدِيداً يَفُوقُ حُبَّهَا لِنَفْسِهَا ,بَلْ يَفُوقُ حُبَّهَا لِأَيِّ شَيْءٍ آخَرَ,تَظَلُّ صَبَاحُ طَوَالَ النَّهَارِ تُشَاهِدُ التِّلْفَازَ وَعِنْدَمَا يَأْتِي اللَّيْلُ تُصَلِّي صَبَاحُ الْمَغْرِبَ , وَتَعُودُ إِلَى مُشَاهَدَةِ  التِّلْفَازِ ,يُنَادِيهَا أَبُوهَا

 : ذَاكِرِي يَا  صَبَاحُ ,تَلْتَفِتُ صَبَاحُ إِلَيْهِ فِي ذُعْرٍ وَكَأَنَّ صَاعِقَةً وَقَعَتْ عَلَيْهَا , وَكَأَنَّ

الدُّنْيَا قَدْ هُدَّتْ ,وَتَقُولُ:يَا أَبِي,أَنَا أَسْتَعِدُّ لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ يَتَذَكَّرُ وَالِدُهَا قَوْلَهُ تَعَالَى:

{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ﴿ ٩ ﴾ عَبْدًا إِذَا صَلَّى ﴿ ١٠ ﴾ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ﴿ ١١ ﴾ أَوْ

 أَمَرَ بِالتَّقْوَى ﴿ ١٢ ﴾ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿١٣ ﴾ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴿ ١٤ ﴾

 كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ ﴿ ١٥ ﴾ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴿ ١٦ ﴾ فَلْيَدْعُ

نَادِيَهُ ﴿ ١٧ ﴾ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴿ ١٨ ﴾ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} ﴿ صدق الله

العظيم ﴾،،،سُورَةِ الْعَلَقْ وَيَخَافُ أَنْ يَنْهَاهَا عَنِ الصَّلاَةِ, وَيَقُولُ لَهَا:صَلِّي يَا  صَبَاحُ ,بَعْدَ الْعِشَاءِ بِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ تَكُونُ صَبَاحُ مُنْهَمِكَةً فِي مُشَاهَدَةِ  التِّلْفَازِ وَيُنَادِيهَا أَبُوهَا:

نَامِي يَا  صَبَاحُ تَقُولُ صَبَاحُ:- بِعَيْنَيْهَا الَّتِي تَسْتَعْطِفُ أَبَاهَا فِي ضَعْفٍ- أُرِيدُ مُشَاهَدَةِ  التِّلْفَازِ يَنَامُ أَبُوهَا وَقَدْ هَدَّهُ التَّعَبُ مِنْ كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ لَيْلاً وَنَهَاراً ,وَكَثْرَةِ سَعْيِهِ عَلَى عَيْشِهِ وَعَيْشِ أَوْلاَدِهِ , وَيَتْرُكُ صَبَاحَ تُشَاهِدُ التِّلْفَازَ ,يَسْتَيْقِظُ الْأَبُ فِي الثَّانِيَةِ صَبَاحاً يَجِدُ صَبَاحَ مُنْهَمِكَةً فِي مُشَاهَدَةِ فِيلْمٍ لِمُصْطَفَى قَمَرْ وَيَقُولُ لَهَا:نَامِي يَا  صَبَاحُ,تَقُولُ صَبَاحُ:- بِحَيَاءٍ-أُرِيدُ أَنْ أُكْمِلَ الْفيلْمَ وَيَتْرُكُهَا أَبُوهَا تُكْمِلُ الْفيلْمَ وَيَعُودُ إِلَى النَّوْمِ مَرَّةً أُخْرَى,يَسْتَيْقِظُ الْوَالِدُ وَقَدْ أَذَّنَ الدِّيكُ كُوكُو كُوكُو قُومُوا وَصَلُّوا لِرَبِّكُمْ , وَقَامَ الْعَمُّ /مُسْعَدُ الْمَحَلاَّوِي يُؤَذِّنُ لِلْفَجْرِ فِي الْمِيكْرُوفُونِ,وَصَوْتُهُ يُجَلْجِلُ مِنْ عَلَى مِئْذَنَةِ

مَسْجِدِ الْأَرْبَعِينَ,يُنَادِي الْأَبُ ابْنَتَهُ :أَلَمْ تَنَامِي يَا  صَبَاحُ إِلَى الْآنَ  وَقَدْ أَذَّنَ الْفَجْرُ؟!!! ,تَقُولُ صَبَاحُ:- فِي ثِقَةٍ-لَنْ أَنَامَ ؟إِلاَّ بَعْدَ أَنْ أُصَلِّيَ الْفَجْرَ ,وَتُصَلِّي صَبَاحُ صَلاَةَ الصُّبْحِ وَبَعْدَهَا تُوَاصِلُ مُشَاهَدَةَ  التِّلْفَازِ وَبَعْدَ فَرَاغِ الْأَبِ مِنْ صَلاَةَ الصُّبْحِ فِي الْمَسْجِدِ ,يَعُودُ

الْأَبُ لِيَجِدَ صَبَاحَ مُتَمَسِّكَةً بِمُشَاهَدَةِ التِّلْفَازِ فَيَقُولُ لَهَا:-بِصَوْتٍ عَالٍ- نَامِي يَا  صَبَاحُ,وَيَقُومُ بِنَفْسِهِ يُغْلِقُ التِّلِيفِزْيُونَ وَيَأْخُذُ بِيَدِهَا لِحُجْرَةِ نَوْمِهَا ,وَإِلَى سَرِيرِهَا

وَهُنَا تَسْكُتُ صَبَاحُ عَنِ الْكَلاَمِ الْمُبَاحِ وَتَرُوحُ فِي نَوْمٍ عَمِيقٍ تَحْلُمُ فِيهِ  بِمُشَاهَدَةِ 

التِّلْفَازْ