المكنسـة الوفيـة..

رضا سالم الصامت

أنا المكنسة الوفية ، أقوم بعملي في الصبح و العشية، فخورة بذلك أرضي الإنسان أينما كان . هذا الإنسان الذي منذ الأزل يستعين  بي لتنظيف المكان ، فيمسك بي و يحرك عصاي يمنة و يسرة و في كل الاتجاهات ، لأكنس له المساحات دون كلل و لا ملل ،  فيرفع مني الفضلات و يرميها في أكياس القمامة  فيأتي أعوان التنظيف  و يلقونها في الرافعات بعيدا بعيدا ...

أكنس في اليوم عدة مرات وأحيانا في الليل ،  فلا أرتاح إلا قليلا  لأسترجع أنفاسي و في كل مرة تجدني مستعدة لأي طارئ لأن مهمتي تقتصر على كنس المكان ...  و أكثر عملي مع ربات البيوت و أعوان البلدية  و أسعد كثيرا عند الانتهاء من عملي و أرى الإنسان  سعيدا مثلي أنا  ..

أنا المكنسة الوفية أحافظ على النظافة بالليل و النهار  ،و أهتم بسلامة البيئة و المحيط ، و اكره الأوساخ  و القاذورات ولا أحتمل الروائح الكريهة  لأن ذلك يحزنني ، و أتألم عندما لا يمسك بعصاي أحد ، فلوحدي لا أفعل شيئا و أبقى في مكاني عاجزة ، لا اقدر على التحرك لإنجاز مهامي ...

لا تجد بيتا و لا إدارة و لا مصنعا و لا دكانا و لا سوقا و لا شارعا و لا مدينة  إلا و فيه  مكنسة ، إن لم اقل مكانس ، فالإنسان سواء كان ذكرا أو أنثى  بحاجة ماسة إلي ، كي أساعده على تنظيف محيطه  ليعيش في هناء و راحة نفسية  ، مستمتعا بالنظافة التي تحميه من الجراثيم و تقيه من الأمراض و تجنبه شم الروائح الكريهة و تقلل عنه انتشار الذباب من حوله  وتبعد عنه  الهوام و القوارض الضارة  ، فأساهم و لو بقسط  في المحافظة على صحته و سلامته من أي أخطار مرضية قد تهدده ...

هكذا  يا أصدقائي الصغار، أنا المكنسة بقيت وفية ، لأن لدي مزايا كثيرة لها أهمية  في حياتكم فلا تعبثوا بي و لا تكسروا عصاي ... فان تكسرت لم اعد أصلح للكنس و هذا يحزنني .

فحافظوا على سلامتي لأجعلكم تعيشون في طمأنينة ، و في سعادة و في محيط  جميل  نظيف  ، لذلك أوصيكم أن تحافظوا على النظافة و كونوا أوفياء للطبيعة و للبيئة حيث  يستطاب العيش فيها و انتم في صحة جيدة  و كما هو معروف  لا تنسوا أن النظافة من الإيمان و الوسخ من الشيطان. والإنسان الصالح هو الإنسان المستقيم الذي يحافظ على النظام والنظافة والمحافظه على كل شيء، إذ يجب على كل إنسان أن يحافظ على نظافة بيئته، والمحافظة على الحدائق العامة التي تجعلنا تعيش في هناء و فرح  ولنحافظ  على نظافة مدرستنا وعدم إلقاء المخلفات إلا في الأماكن المخصصة لذلك .و اعلموا ان الله سبحانه و تعالى يحب الانسان النظيف حيث قال و قوله الحق " وثيابك فطهروقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة.."

في هذا الحديث الشريف يعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى طيب في صفاته وأقواله وأفعاله، فالله تعالى يحب من عباده أن يطيعوه بالطيبات من الأقوال والأفعال، فيحب لعباده أن يتناولوا من طيبات الطعام والشراب والزينة. ويعلمنا الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله نظيف يحب المؤمن النظيف في جسمه وقلبه وثيابه وبيته ومسجده وبلده.

وقد دعا الإسلام إلى سبل النظافة كالغسل والوضوء والسواك وتقليم الأظافر وإزالة الأوساخ. فعلينا أن نعمل بهذا الحديث فنضع بقايا الطعام والأوراق في سلة المهملات ، وإذا وجدنا حجرا أو زجاجا في وسط الشارع علينا أن نساهم في إزالته من وسط الطريق حتى لا يؤذي المارة، وان لا نكتب على جدران حجرة الصف فبذلك يحبنا الله ويحبنا الناسجميعا .