دعوة تبليغ لخدمة العلم من شعبة التجنيد 2

دعوة تبليغ لخدمة العلم من شعبة التجنيد..

جزء ثان

أبو الشمقمق

على باب شعبة التجنيد ، توقفت مع ثلة من الشباب والمراجعين ننتظر . وعنصر الحراسة يقف ليحرس باباً مغلقاً ..بناء الشعبة نفسه يوحي بالبؤس والتعاسة وقلة الاحترام . تجاوزت الساعة الثامنة في الوقت الذي كان كتاب الدعوة يحضنا للحضورفي السابعة مع نبرة تهديد ...حول المدخل يتناثر كتاب العرائض وبائعو الطوابع والفلافل وأباريق الشاي . ثمة بسطات مفروشة على طرف الطريق تبيع كل منتجاتها الصينية بأثمان بخسة نظراً لرداءة الصنع .

تقاطر وصول الموظفين العاملين في شعبة التجنيد ، وصل عناصر الكتبة في الديوان وقسم المحفوظات وأخيراً وصل مساعد أول عظيم البطن ، يرتدي قميصاً أبيض عليه رتبة عسكرية على بنطال خاكي ويحتذي حذاءاً رياضياً بدون رباطات . بدا المساعد بحاراً من الأعلى ومشاة من الوسط ومن فريق الجيش لكرة السلة من الأسفل ...كان بحق يمثل جيش أبي شحاطة بكل مافي هذه الكلمة من معنى ...لقد أطاح المساعد بكل تقاليد الجيش منذ علم 1946 ....!!

بعد أن أمر المساعد بفتح باب الشعبة تدفق المراجعون كالسيل الجارف وأصواتهم تصم الآذان . تجنبتُ المدافعة . عمدت ُ إلى إحدى الغرف الجانبية التي تخلو من الازدحام وقدمت نفسي لأحد العناصر طالباً المساعدة لمقابلة المساعد ...!!

جاء المساعد مسرعاً معتذراً فوقف وقفة عسكرية بثيابه المختلطة فبدا مضحكاً :

- عفواً ياسيدي اللواء ..! يا عيب الشو م منك ...! تفضل إلى المكتب ..لماذا تقف هناك ..؟

تقدمني المساعد وهو يمشي منفرج القدمين مشيراً بيده إلى مكتب مدير الشعبة ..

- متى يأتي رئيس الشعبة ...؟

- المقدم علوش ..؟ والله ياسيدي لا أعلم . أنت سيد العارفين ...أحياناً يأتي متأخراً ساعة أو ساعتين ..أحياناً أكثر حسب الظروف ..اجتماعاته كثيرة ، مشاكل الشعبة لاتنتهي ولابد من ملاحقتها شخصياً ...هل أستطيع أن أخدمك ...؟

- والله يامساعد ...بم أدعوك بلا قافية .؟

- مخدومك أبو جعطون ...

- يامساعد أبو جعطون ..لا أعلم إذا كنت تستطيع مساعدتي ...! لكن إذا فعلت ، ستوفرعليّ المشوار إلى مديرية التجنيد العامة . كنت بصدد مقابلة اللواء المدير لحل هذا الإشكال ..

- سأفعل كل مافي وسعي . نحن في خدمة الطيبين . ماهي المشكلة ..؟

- المشكلة ياأبا جعطون أنكم وجهتم إلي ّ كتاباً تبلغته عن طريق الشرطة ، تدعونني فيه إلى الالتحاق بالشعبة لسوقي إلى خدمة العلم والالتحاق بدورة الأغرار في النبك ..!!

- وجم المساعد وفتح عينيه على وسعهما وفغر فمه من هول المفاجأة .

- وفي حال عدم التتنفيذ سوف تعتبرونني فاراص من الخدمة ..!

 قال أخيراً وقد شعر بالاحراج وانغرست عنقه الغليظة أكثر في جسده الضخم :

- هل جاءك الكتاب عن طريق شعبتنا ..؟

أخرجت الكتاب وناولته له فقرأة وهو في ذهول ..ثم قال متحرجاً :

- نعم ..نعم ..هذا ختم الشعبة .

- يا أبا جعطون ..إنني متقاعد من الجيش منذ عشرين عاماً وبلغت الثانية والسبعين من عمري بعد خدمة خمس واربعين عاماً مع الضمائم ..

- ألايمكن أن يكون هناك تشابه في الأسماء ..؟

- هذه هويتي لتدقيق الاسم واسم الأب والأم والجد والجدة وتاريخ الميلاد....

 قال المساعد بتواضع :

- تفضل سيادتك واسترح هنا . سأطلب لك فنجاناً من القهوة ، ريثما أحضر دفتر البرقيات لأرى مصدر البرقية وتدقيق الاسم . وأعدك بمعاقبة المذنب أشد العقاب ...

بالفعل عااد الرجل بعد دقائق وهو يحمل سجلاً بالياً وقال :

- سيدي الكريم . هذه البرقية صادرة عن اللواء رئيس مديرية التجنيد العامة ، وقد استلمناها

 لتبليغ صاحب العلاقة بتوقيع المقدم رئيس الشعبة ...!!

 قلت في استهجان :

- ياأبا جعطون هذه كرخانة وليست جيشاً ..سأراجع رئيس التجنيد العام .

 كنت خارجاً من الشعبة في خطى متثاقلة ، فصادفت المقدم رئيس الشعبة داخلاً للتو . نظر

 نحوي بفضول ثم تابع طريقة صاعداً إلى مكتبه .