نخلة أم توفيق

كادت تزغرد بهجة . قالت منفعلة : الله يبشرك بالخير يا بن أختي ! سأقبلك !

وأدنى وجهه منها ، فقبلته ، وسالت : كيف تعرف الأنثى من الذكر ؟

_ الذكر له غبار أبيض . غبار اللقاح . حتى شكل عذق الذكر يختلف عن شكل عذق الأنثى . عذق الذكر

أعرض . الحقيقة عذوق نخلتك كانت ملتبسة بين الذكر  والأنثى . كانت قليلة العرض . ربما لأنها أول إثمار .

_ يا رب لك الحمد .

_ نخل النواة غالبا ما يكون ذكورا إلا في النادر . حظك عظيم .

همت بأن تكلفه أمرا فامتنعت . استكبرت أن تكلفه  الذهاب إلى الدكان لشراء حلوى توزعها على الجيران امتنانا لله أن أنعم عليها بهذه النخلة التي نبتت برية على مدى مترين من الباب . الأرض التي يقوم فيها البيت لا تتسع لأي شجرة ، وحين نبعت هذه النخلة خيطا نحيلا تمازج بياضا وخضارا تركتها ، وبعد أيام سقتها ، وداومت السقاية . نصحها زوجها بإهمالها ، وهم بقلعها ، فرجته تركها . وتعدد مزاح أولادها في شأن نخلة " أمنا " . كانت تقول لهم : من يدري ؟ ! يمكن تكون أنثى ! الله قادر على كل شيء .

سألها زيد ثانيهم سنا : ماذا لو أثمرت وجرفها اليهود مثلما جرفوا زيتون عطية منذ أسبوع ؟

وأكبرهم توفيق قال باسما : قد نصدر من نخلتنا إلى العراق !

وفي كل موسم كانت تتفحصها لتلمح بادرة لإثمارها . انقضت ست سنوات دون أي بادرة . طمأنها ابن أختها سنتئذ : إن تأخرت النخلة في الإثمار فالسائد أن تطلع  أنثى . صح رأيه . ليس في البيت الآن أحد من أولادها . ابن أختها في العشرين تقريبا . تستكبر أن ترسله لشراء الحلوى . عادت تنظر إلى العذق المشقوق . بياضه شحمي ناصع في شمس ضحى أبريل اللينة الحر . هو أول العذوق التي هلت في صدر النخلة بين منابت الجريد

وأول ما انشق منها مشعا بالبشرى . لعل للشمس تأثيرا في هذا ؛ فهو في الجهة الشرقية منها مع ميل قليل جهة الشمال . فارقها ابن أختها قاصدا كليته ، وبعد وقت قصير كانت تتنقل بين بيوت الجيران توزع الحلوى . اشترتها بنفسها ولم تغفل تحلية صاحب الدكان نفسه. هو أيضا جار . ولما عادت إلى البيت صلت شكرا لله . في الليل صحَاها زوجها من نومها حين سمعها تصرخ : الجرافة قلعت النخلة ! الجرافة قلعت النخلة !

وسوم: العدد 652