اجتماع في مجلس الأمن

- شاهد الشيطان أن الشعوب الإسلامية والأمة العربية تلتجئ إلى الله، ويزداد الناس تعبداً وتضرعاً،  يسألون الله أن يفرِّج همهم ويبعد عنهم الشيطان وأعوانه، وأن يجعل حياتهم رغداً.

- أدرك الشيطان أن حلفاءه ومناصريه وزبانيته وعبيده، لا يقومون بواجباتهم التي أوكلها لهم، كأنّ الفتن والمحن والحروب والفساد والضلال، لم تفتت مجتمعاتهم، ولم تدمر مساجدهم، ولم تحرق الحرث والنسل، عظم عليه ما يراه، وأدرك أن معركته مع المسلمين لم تحقق نتائجها.. وارتفع غضبه وكأنه لامس نار الأرض.

- هتف الشيطان إلى الأمين للأمم المتحدة أن يأتيه على عجل، فالمسلمون يشنون عليه حرباً عالمية، كل مسلم يتحرك بحركة، يرتفع لسانه بلعن الشيطان، كأنَّ جراح المسلمين لم تنسهم الشيطان.

- وصل الأمين العام للأمم المتحدة على بساط الريح، ولم توقفه المراكز التفتيشية في المطارات لأنه كان يلبس (طاقية الخفاء) وقد سهلت له الشياطين مهمته. دخل على الشيطان متدحرجاً، حركه الشيطان بأصبعه وأجلسه أمامه، وطلب منه أن يدعو أعضاء مجلس الأمن ليعرض عليهم مشكلاته مع الشعوب الإسلامية والأمة العربية.

- دعا الأمين العام للأمم المتحدة أعضاء مجلس الأمن لاجتماع عاجل يمس أمن دول العالم، برئاسة الشيطان الملهم الروحي لقراراتهم ومشاريعهم.

- وصل الأعضاء إلى قاعة المجلس سراعاً، قدَّم كل واحد التحية للشيطان حسب تبعيته، منهم دخل زحفاً، ومنهم دخل حبواً، ومنهم دخل ركوعاً.

- أثنى الشيطان على أعضاء مجلس الأمن، لأنهم يذبحون الشعوب الضعيفة، ويضيعون لهم حقوقهم، و يُفَشِّلون لهم مساعيهم، وأن قراراتهم مهلكة للشعوب الإسلامية والأمة العربية، وأفاض بمدحهم وأنه يقوم بدعمهم ليكونوا سادة الأرض. وأعلن أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، هما من وحي إلهامه وتخطيط أعوانه، وهما لنصرة القوي على الضعيف، وطحن لحم الضعيف بعجلات القوى.

- طلب الشيطان من أعضاء مجلس الأمن أن تكون الجلسة سرية، وأن يكون هناك حاجز بين الأعضاء، حتى يأخذ كل عضو حريته بالكلام، وأوصى أن يكون النقاش بينه وبين المجتمعين أحادياً، لا يطلع الواحد على مقترحات الآخرين، معللاً سبب تصرفه.. حتى يأخذ كل عضو راحته في الانبطاح أمامه.

- رسم الشيطان للمجتمعين خطوط صداقته معهم، و أوضح لهم أن الإيذاء بالشعوب الإسلامية والأمة العربية هو مساحة التنافس بينهم.

- عرض كل عضو من أعضاء مجلس الأمن على رئيسهم الفخري ما يدور في نفسه من فساد وحروب وفتن، منهم من تبنى منظمات إرهابية باسم الإسلام، منهم من نادى بحروب مذهبية، منهم من أعلن تشجيعه لحروب طائفية هناك أعضاء شجعوا على حروب بالوكالة، هناك أعضاء أعلنوا أن لديهم عملاء يؤدون كل عمل تخريبي بكل رحابة صدر..

- ابتسم الشيطان لمقترحات أعضاء مجلس الأمن، وأثنى على تعاونهم، وأشار إلى تقصيرهم في دمار الدول الإسلامية والدول العربية، واشاد بأدوارهم في بلاد القارة الأفريقية، وانه مسرور لهلاك عدة ملايين بحروب قبلية وطائفية وعرقية، وتمنى أن يعملوا على دمار البلاد العربية وهدر دماء سكانها، وتحطيم حضارتها..

- ساد صمت في القاعة.. تعجب الحاضرون من هذا السكون..

- دقائق صمت مرعبة... تبعها إطفاء للأنوار..

- انتشر الفزع بينهم.. أخذتهم العزة بالإثم.. فهم أعظم دول العالم وسادته. وهم الذين يضعون سياساته..

- قطع الصمت صوت شخير لثور مذبوح.. أعقبه صوت حزن من الشيطان.

- قال الشيطان إن المسلمين في العالم يلعنونه كيفما تحركوا.. وهذا يزعجه ويأكل لحمه.. ويطحن عظامه.. بينما شعوبكم يا أعضاء مجلس الأمن تأتمر بأمري وأنا سعيد بكل أعمالها.

- وصلت لأسماع الحاضرين أصوات كأنها فحيح الحيات والثعابين.. تضايقوا من أحوال زعيمهم...

- قطع حيرة الحاضرين صوت الشيطان.. وهو يردد.. أنا لا أثق بالعرب المسلمين.. أنا لا أثق بالعرب المسلمين، إنهم يخدعوني.. و يُضيِّعون أتعابي معهم..

- انفجر الشيطان كجبل من نار، وهو يقول: رجل عربي مسلم، سهَّلتُ له كل فساد، تاجرَ بالمخدرات، كوّنَ عصابة لصوص، أدارَ ملاهي ليلية.. عندما بلغ سبعين سنة من عمره، أعلن توبته، وبنى مسجداً، وتخلّى عن ماله. وهناك فنانة ملأت الأرض العربية رقصاً وغناءً،  وشعرتُ بأنها من أخلص أتباعي وأنها أخذت الملايين من العرب إلى ساحات الفساد والانحلال. بعد أربعين سنة، أعلنت أنها اعتزلت الفن وتحجبت، وأصبحت داعية للإسلام.

- بلغ الجهد في الشيطان أقصى مداه، وبدا صوته كالحشرجة المكلومة، واعضاء مجلس الأمن يستمعون له باهتمام ومتابعة..

- ارتفع صوت الشيطان تدريجياً وهو يشكرهم على ما فعلوه في فلسطين، وأبلغهم أن وفداً من اليهود زاره وشكره على مخططاته، وأنه يهدي الشكر لأعضاء مجلس الأمن. لأنهم نفذوا أوامره، وتبنوا مصالح اليهود.

- شكر الشيطان الأمين العام للأمم المتحدة لمساعدته في دعوته للاجتماع مع أعضاء مجلس الأمن، وشكره لأنه لم يحقق للشعوب الإسلامية وللأمة العربية أي إنجاز يخدم مصالحهم، وأثنى على عدوانه للقضايا العربية.

- ختم الشيطان حديثه بأن تسعى دول مجلس الأمن إلى تغيير الخرائط السياسية، وأن تسعى إلى صنع حروب تؤدي إلى إزهاق ملايين من الأرواح، وإلى صنع مليشيات تقوم بفظائع إنسانية وإلى دمار يؤدي إلى ملايين من المشردين. وحثهم على تغذية الصراع بين كل طوائف المجتمعات الإسلامية.

- أنهى الشيطان الجلسة فأسرع الأمين العام للأمم المتحدة إلى وضع (طاقية الخفاء) على رأسه، ومدّ له (بساط الريح) ليطير إلى مسكنه في الأرض المهجورة.

وسوم: العدد 669