إطلالة جسد

عصام الدين محمد أحمد

تهطل الأمطاربالخصب على جميع الحقول إلا حقلى،تذر الريا حبوب الطلع لتلقيح كل النخيل إلا نخيلى،قال شيخ القرية:- طاردت اللعنة أرضك ؛ أستوطنتها الشياطين؛والعلاج اضرامها بالنيران المتأججة.تكومت أطنان الحطب الجاف ؛بزغت مئات المشاعل المتوهجة ؛وبقيت الأرض هى ذات الأرض .قال عراف الجبل الغربى :- أوقعها السحر فى شراكه، ألتهمتها نظرات الحنق والغيظ، والترياق:- إغراقها بالنهر .أمسكوا بضفتى النهر لدلق مياهه ،اغتسلت أراضى القرية إلا أرضى .استحالت أرضى ظاهرة فقهية ،سرعان ما تكالبت على دراستها الجامعات وهيئات البحث ،ملايين من العينات والدوارق والأوراق ،النتيجة تكثيف التجارب البحثية،استهلكت أرضى حياتى؛ لو سرقت أوتزحزت أونضب معينها ما أعترانى من شأنها شئ ؛ تذكرت :{ العمر تعدى العقد الثالث بأربع من وحدات الزمن ، تفحم أخواى، اكتحلت جلودهما بكل الألوان :- بثور ، نتواءت ، تقيحات ، دم ، شعاب قزحية متورمة .دموع أمى الفياضة لا تندمل أو تلتئم ؛ أنين أبى يجمرنى .}بارت أرضى ، أزدانت الدار بالنعيم المقيم ،ذاع صيت أخى التاجر فى أرجاء المعمورة ،أعتاد الموقد أن لا ينطفئ أبدا ، صار أمر زواجى شغله الشاغل ، تستغرقنى المرآة طيلة اليوم ؛تنساب الخيوط الرقيقة فوق رأسى فى عفوية ، تكتسى بشرتى القمحية حمرة الخجل ، تترقب من يفض بكارتها ، أتحسس استدارة أردافى الفجة ؛ لا ينقصها شئ عن باقى الأستدارات ،تحط الرحال ؛ترحل الوفود ؛وصورى تملأ الجيوب ، أتموضع جالسة ،مضجعة ،واقفة ، ينشر المساء أجنحة الظلام الوارفة ،يعكف أخى الثرى مهموماَ؛يشغله أمر زواجى ،يحيط به الشيخ الكهل والعراف الغربى ، بسمل الشيخ وحوقل وتلى المعوذتين ،ينثر حبات البخور واللبان والحبهان فى المبخرة ــ المدفأة ــ الطينية،أفرغ العراف كيس الأحجية، تفتق ذهنه المشغول عن حيلة بذخية ، طير الاعلانات على أجنحة الصحف اليومية ،أقرأ مواصفات العريس المرتقب ، أستحضرت مشهدا تسجيلياَ :- ذكور النحل تتماوت ،يستأثر الأقوى بالملكة المتمرجحة فوق أجنحة الشغالات .تأخر أخى عن موعده ،ألتاع القلب قلقاَ،أطبقت ذوائب الأ كتئاب على جوارحى ،تجتاحنى الأفكار:- ماذا لو مات ؟- سألطم الخدود ؛ ولكن كيف الحياة بعده ؟- فراق ؛ أحتراق .ألحفت أمى بالأسئلة :- أين أخى ؟ذهب ولم يعد ،نتخلص اليوم من الأرض الموبوءة، تتعملق سيارات النقل ، تكوم جبال الرمل والزلط ، تلد الخراطيم أنهار المياه ، تبدلت الأرض قصراَ،اعتكفت فى الركن الجنوبى ، أحيك جوارب الشتاء ،أدع التطريز ،اتفحص استدارة جسدى الصارخة ،أهيم بمفاتنى غزلاَ، أستجدى العطاء من بئر جف ينبوعه، أتمرغ فى أتربةالزمن المتخثرة، توجتنى السنوات بالكرمشات، أهرع إلى إطلال البدايات،أختبئ خلف مقام سيدى أبى القاسم ،أهب صندوق النذور بقايا جسدى ،تتكسر المرآة ،أهذى:مدد يا بائع الكرامات . 

تمت بحمد الله

وسوم: العدد 682