المرأة المسلمة. قصة من التاريخ

جلس الإمام "علي" رضي الله عنه في صحن داره ينظر ضاحكا لشجار طفلين ، يقول أحدهما للآخر أبي خير من أبيك ، و الثاني يرد أن أباه خير من أبيه ، فينادي الزوج العظيم على زوجته العظيمة هلمي إلينا يا "أسماء" فاحكمي بينهما.. 

فتقول الزوجة الرائعة لولدها الأول "محمد" : والدك سيد الكهول ، و تقول لولدها الثاني "عبد الله" : والدك سيد الشباب ..

فتهدأ حدة الطفلين و يبتسم كل واحد منهم بفخر إلى الآخر ..

فيقول لها زوجها الإمام "علي" مازحا : و ماذا تركت لي يا "أسماء" ؟!

فترد الزوجة الوفية : أنت بينهما لعظيم ..

و يستطرد الزوج العظيم الوفي قائلا : لو قلت في صاحبي غير هذا لوبختك ..

هذا المشهد العجيب يلخص لنا حال و مكانة المرأة المسلمة في الإسلام ، فتلك الصحابية الراضية المرضية المعروفة بصاحبة الهجرتين قد تزوجت من ثلاثة من كبار الصحابة هم "جعفر" و "الصديق" و "علي" ، فقد كان المجتمع الإسلامي لا يترك مسلمة أبدا دون زواج ، سواء توفي عنها زوجها أو طلقها ، و كان الأمر يعد تشريفا و إكراما لها ، و كان في هذا يتنافس المتنافسون ، و إننا لنتعجب في هذا المشهد من كرم و خلق و نبل و شهامة هذا الرجل الذي نعده فارس الإسلام الذي قتل فوارس العرب و اليهود و هو شاب صغير ، كيف يتعامل مع الطفلين أبناء زوجته من صاحبيه السابقين للجنة بحب و عطف ، و ينادي عليها لكي تفصل بينهما في شجارهما الطفولي حول أفضلية أب كل واحد منهما ، و كيف كان رد الزوجة الحصيفة الذكية و ذكائها في معالجة الموقف المحرج لها ..

و لو نظرنا لحالنا المؤلم الآن لنتعجب من نظرة المجتمع المريض للمرأة المسلمة التي فقدت زوجها بالموت او بالطلاق علي أنها لم تعد تصلح للزواج بسبب أولادها و أن الزواج يعد خيانة للزوج المتوفى ، و نجد الحرب من رحمها أنفسهم ، رغم أن الزواج هنا ستر و أمان و حصن لتلك الزوجة من ذئاب و هوام البشر ، و نرى العجب أيضا في إعراض الرجال عنهم ، و كأن الأمر مهين لرجولتهم ، بالرغم من أن الصحابة رضوان الله عليهم - و هم أرجل الرجال و انفس معادن الرجال و أصل الرجال - كان الأمر بالنسبة لهم كرامة و فخر ، و لكن الزمان قد تغير و الرجال أيضا تغيروا .

وسوم: العدد 694