في المقهى

عصام الدين محمد أحمد

يهمهم محمد :

-لا جديد البتة .ي

بتسم أحمد ؛يقترح لكسر حدة الملل :-

-سجل سيرتك .يتثاءب محمد :

- توفيق الحكيم يا (خى ) .

تشرق أكواب المشاريب ،تتوهج الأبخرة ،يتسلحف الوقت ،يسرد محمود :

{ أسحبها خلفى ،يتهدج جسدانا أسفل نزعات شبقية ،تقر فى صلف :

-شقة تعنى أسرة .

أنهرها فى حياء مشبوب بالأسى :

- ما باليد حيلة !

تخلع الوشائج الذهبية بالغة الرقة ؛تلقيها تحت قدمى .}

يعلق العجوز المتاخم لقعدتهم :-

الستر .يتفرس السقف المتماوج بالنيون ،يرتجف هزج الرواد ،تشرئب الأعناق ،يشاركهم الطاولة ،يسعل ،يستأنف:-الصبر.يدمدم محمود :

-نصائح ؛ ( جتها نيلة اللى عاوزة خلف ).

يصمت العجوز ،يرين على المقهى سكون متذبذب ،يقتحمه المتسولون ،تتعرى أبدانهم إلا من الأنسال ،يرسم العرق خطوطاَ متعرجة على وجوههم ،تقتطع أجسادهم من صخرة شاردة ،جرفها فيضان الفقر ،يزمجر النادل مرتبكاَ:-

- بــــــــــره.

يآزره زعيق صاحب المقهى :

-كلاب .

تهشهم عصى مفتولة ؛تشيعهم العيون شزراَ،يعقب العجوز :

-البئر غويط .

يفكر محمود بصوت عال :

-وحوافه زلقة .يستدرك محمد :

-ولكن الحيلة مستهلكة .

يتفكه أحمد متندراَ:

-ينقع أبو النمنم الحبوب فى كوز السبرتو ،ينثرها أمام الأوزة المنتفشة ،يغمى على الأوزة ،يدعى موتها ،يقنع العجوز بدفنها ،يجرها بعيداَ،يكبسها فى الجوال ،يندس داخل رواقه ،تفيق الأوزة ، يبيعها ليتقود.تزدرد الأفواه المشروبات ، تلغط الطاولات ،تتماس الأصوات ،تكلس الأدخنة الأجواء ،يستخلص العجوز العبرة :

-تزملنى المدينة بردائها ؛أحاكيها .يستبدل الصبى الفوارغ بأخرى ملآنة ،يدنو طفل من كتف محمد العريض ،يرنو إلى وجهه ،يتلعثم:

-........................؟؟

يجيب محمد دون أن يهتز له جفن :

-.........................!!

يبتسر الولد حروفاَ شوكية :

-بريـــــــــــــــزة.

يدير محمد وجهه ،تترهق السحنات ،لا يكرر السؤال ،ترف رموشه المطبقة ،تلتهم العيون سطور الصحف ،يبتعد ،يصطبغ الجو كآبة ،يرطب محمد الجو :

{ -يموت فتحى ؛تندبه الأم يوميا على شاهده :

-وآآآآه.......يا فتحى ؛ فتحى يا خلق........!!!

يشاهدها العمدة فى غدوه ورواحه ،يزهق من مظهرها البهلوانى ،يسخر :

- ما بفتحك يا ولية ؟

ومن تاريخه شطبت البلدة اسم فتحى من مواليدها .}

يجر الطفل سيدة طاعنة ،ترتدى جلباباَ متسخاَ منسولاَ ،يتململ محمد فى جلسته ،يباغته الطفل بالشزرات ، تتبختر الأجساد ــ على الرصيف المقابل ــ المرتخية تيها ، تعزف موسيقى متباينة النغم ،تسح عيناه ،يتبرم العجوز ،يتفلسف أحمد :

- لا شئ فى المقهى سوى التوهان .يصطخب المقهى ،ينحت العجوز من ذاكرته حكاية :{ يجف حضن الجبل ؛لا زرع نافع ،لا تطرح النخيل سوى ( النيرخ ) ،تهدلت حوائط سيدى (أبو جلبانة ) ،انثقبت ساحته نقراَ ،ياما تمتعت برؤية النسوان وهن تتدحرجن ،ترغب الحبل ،وأزيط مع العيال :-أبو جلبانة جلبنها .ولكن خبر الحارس الشيطان شاع فى القرى ،أحجمت النساء عن التبرك.}تتراشق الأفواه بالكلمات ،يرتعش الجالسون ،تنشب المعارك ،يتطاير الزجاج فتيتاَ، يحاول النادل هزراَ فض الأشتباكات ،لا أحد يستجيب أو يلحظ ،تتساقط حافظات النقود ،يلملم النادل أوراق النقد ،تتلاكم أرجل المقاعد الخشبية ،يفر ثلاثتهم من المقهى كالمطاردين .يتوسل العجوز إليهم :

-والحساب .

يتهكم محمد :

-فى العمر بقية قد تكفى ! 

تمت بحمد الله 

وسوم: العدد 699