الكلمة الطيبة

تجارة الألبسة الجاهزة تجارة رائجة ، لها مصانعها وورشها ، وتجارها ومسويقوها والممولين وهي منتشرة في كل مكان .

في داريا بريف دمشق ، تاجر البسة يملك أكثر من محل معد لهذه التجارة ، صادق بارع وأمين يحسن التعامل مع زبائنه ، كما يحسن التعامل مع تجار الجملة ذوي المحلات الكبيرة والمستودعات الضخمة في مدينة دمشق .

كان هذا التاجر يشتري بضائعه من دمشق ليبيعها في داريا ، يتعامل مع تجار الجملة بصدق وأمانة .

دخل محله التجاري أبو عدنان وهو أحد كبار تجار الألبسة في دمشق ، يملك ورشا للخياطة ومستودعات ومحلا كبيرا لبيع الألبسة بالجملة .

رحب أبو نذير بضيفه ، وشربا القهوة ، وكانت قسمات وجهه تنم عن غضب وانزعاج ظاهر ، بدأ الحديث بين الاثنين عن السوق وعن التجارة وعما تتعرض له هذه التجارة من صعوبات ومشاكل ، الى أن قال أبو عدنان : اني دائن لصاحب المحل المجاور لمحلك بمبلغ قدره /59 / ألف ليرة سورية ، طالبته عدة مرات بدفع المبلغ الا أنه كان يماطل في الدفع .

قدمت الى داريا وطالبته بدفع المبلغ فرد علي بجفاء قائلا سأدفع لك مبلغ /25 / ألفا على أن تبريء ذمتي من الدين . 

تابع أبو عدنان حديثه بمرارة وقال : قبلت لأني رأيت في حديثه البعد عن المنطق والأمانة والصدق في التعامل . 

أخذت المبلغ وأبرأت ذمته ، وجئت لزيارتك أحذرك من التعامل معه لأنه تاجر غير سوي .

قال أبو نذير ، لاتنزعج ، اني سأدفع لك باقي المبلغ اشرب قهوتك هنيئا مريئا ، وتابع أبو نذير حديثه بنكات مضجكة مسلية ، الا أن أبا عدنان رفض أخذ المبلغ قائلا : انزعاجي ليس بسبب المبلغ انما هو بسبب عدم الأمانة وخسارة رجل كنت أتعامل معه كتاجر وصديق . 

ضحك الاثنان ، وغادر أبو عدنان الى دمشق ، ليتابع عمله في تجارته .

مرت الأيام ومضت السنون ، وضعف التعامل التجاري بين الاثنين ، حتى انقطع بسبب ضعف التجارة في داريا ، وبسبب التحول الكبير في صناعة الأزياء والألبسة . 

قامت الثورة السورية ، وحوصرت داريا ، وخرج أبو نذير مع الخارجين متجها الى دمشق .

وفي صبيحة أحد الأيام وبينما كان أبو نذير في سوق الحميدية مع زوجته ، شاهدهما أبو عدنان فسلم عليهما وقال لأبي نذير ، أريد منك أن تزورني في محلي اني محتاج لزيارتك .

قال أبو نذير غدا ان شاء الله . 

وفي الغد قدم أبو نذير ، تصافح الرجلان وجلسا يتحدثان شربا القهوة وقال أبو عدنان والدمعة في عينيه ، أعرف ماحل بكم وأعرف أن محلاتك قد دمرت وأموالك قد حرقت ، وأخرج من خزانة بجانبه رزمتين من النقود كلاأ منها تتضمن ماءة الف ليرة سورية ، وأعطاها لأبي نذير قائلا هذا المبلغ ليس صدقة وليس دينا ، انما هو مساعدة لقاء مساعدتك لي بالكلمة الطيبة منذ سبع سنوات ، وذكره بالحكاية ، ضحك ابو نذير ورفض أخذ المبلغ قائلا الحمد لله مستور ة .

هذه حال تاجرين من عامة الشعب . 

نحن شعب حر أبي ، كنا نعيش في وطننا آمنين ، الى أن ابتلينا بمن حول مسيرة حياتنا الى جحيم 

فقتل ودمر وحرق وهجر ، باع الوطن للغرباء ، أصبحنا خارج الوطن غرباء .

وسوم: العدد 704