الصيد كرامة

عملت عائلة لسنوات طويلة في صيد اللؤلؤ من البحر. ومع اتساع العائلة وازدياد احتياجاتها، توجّه بعض أبنائها للعمل في الزراعة، وعمل آخرون في بيع المحاصيل والثمار التي يزرعها إخوانهم. ومع مرور السنين، استسهل الأبناء اعمال الزراعة والتجارة، وانصرفوا عن صيد اللؤلؤ بسبب الجهود الكبيرة التي يحتاجها، والمخاطرة العالية في استخراجه؛ لانتشار أسماك القرش في البحر، واحتياج الغوص إلى تدريب عالي وتقنيات غالية.

تخلى الأبناء عن مهنة الآباء المربحة بسبب المخاطر المحدقة بها، وارتضوا مهناً قليلة الدخل طمعاً في بعض الراحة.

بعد سنوات، تعرّضت حقول العائلة لموجة من الجفاف والتصحُّر، استمرت لسنوات، عاشت خلالهن العائلة في فقرٍ مدقع، وصعوبة عيش.

انبرى بعض أبناء العائلة الصغار، قائلاً: ألسنا من عائلة تجيد صيد اللؤلؤ؟ فلماذا نرضى الفقر، وأمامنا البحر نستطيع أن نجمع منه قُوتَنا ونغتني عن مدِّ أيدينا لعائلات أخرى؟

فقال آخرون: لا يمكننا العودة للعمل في البحر لمخاطره الكثيرة، والأفضل لنا أن نطلب بعض العون من جيراننا إلى أن يُفرِّج الله عنّا، ويزول الجفاف، ونعود لعملنا في الزراعة والتجارة.

لم يُرضي هذا القول المتحمسون لصيد اللؤلؤ والحياة الكريمة، فقرروا التوجّه إلى البحر وممارسة مهنة الآباء. وفي غضون ساعات عادوا إلى أهليهم وأيديهم مملوءةٌ باللؤلؤ. ذهبوا إلى السوق، واشتروا حاجاتهم، وأدخلوا السرور والبهجة على آبائهم وأمهاتهم.

انتشرت أخبار هذه المجموعة في أوساط العائلة، وشرعت مجموعات تلو مجموعات من أبناء العائلة يسيرون سيرهم، ويخاطرون بصيد اللؤلؤ، حفاظاً على كرامتهم، وطلباً لحياة هانئة.

أدركت العائلة بعد ذلك، كباراً وصغاراً أن كرامتهم ورخاءهم يستحقان المخاطرة بصيد اللؤلؤ، فعادت العائلة لعملها الذي تتقنه، واستعادت مكانتها وكرامتها بين العائلات.