نقطة نور

اختفى قُرصُ الشمس وراء الأفق، بينما دخل (بِشْر) غرفةَ شقيقه (نمر)، وصوت المذيع ينبعث من جهاز التلفاز في بَهْو الدار: (قامت قوات النظام بتدمير عشرين منـزلاً في الغوطة الشرقية، مستخدِمةً البراميل المُتَفَجِّرة)!..

كان (نمر) مُتَّكِئاً على جَنْبِه الأيمن، يتثاءب، ويُقَلِّب بعضَ الصحف القديمة، والمجلات الحديثة أمامه، قرأ بصوتٍ مسموع:

- دول النفط أغنى دول العالم!..

- ألف طفلٍ عربيٍ يموتون جوعاً كل يوم!..

- الأمم المتحدة تشيد بالتزام الدول المجاورة للعراق، بقرار الحصار الصادر عن مجلس الأمن الدوليّ!..

- مذابح ترتكبها ميليشيات النظام، والطائرات الروسية، والحرس الإيرانيّ، في حمص وحلب ودرعا!..

- سوبر ستار العرب ينطلق من بيروت!..

- اقتحام بغداد، والدبابات الأميركية تتوغّل في ساحة التحرير!..

- مؤتمر القمّة العربية يُنهي أعماله، ببيان استنكارٍ للعدوان الصهيونيّ المستمر على غزّة!..

- مساعدات عربية عاجلة لضحايا إعصار (كاترينا)!..

- قطع العلاقات بين..

صرخ (بِشر) بعصبية: كفى يا نمر.. هل مِتنا ومات الأمل؟!..

ابتسم (نمر) قبل أن يغادرَ غرفته مُتمتماً: ما يزال في الروح رمق!..

غاب (نمر)، ولم يعد إلى بيته في تلك الليلة، ولا في الليالي الخمس التي تلتها، فيما بحث (بِشر) وأهله عنه في كل مكان: المشافي، ومخافر الشرطة، وبيوت الأصدقاء والأقارب، وأقسام الطوارئ.. بلا جدوى.. اختفى (نمر)!..

حين شروق شمس اليوم السابع، أذيع خبر عاجل: (انفجرت سيارة ملغومة، واستشهد سائقها (نمر)، وضحايا النظام والعدوّ الإيرانيّ والروسيّ.. بالعشرات)!..

لم يصدّق (بِشر) الخبر، إلى أن عثرَ على رسالةٍ في غرفة شقيقه (نمرٍ) كُتِبَ فيها:

عزيزي بِشر:

نموتُ لِنَحْيَا، فما يزالُ الأملُ فينا حَيّاً.

المحبّ: نمر!..

وسوم: العدد 728