جنة

رفع رأسه إليه مستنكرا ! يمزح ؟! ملامحه خالية تماما من لمسة مزاح ، وتكدرها غمامة عبوس واستياء .

سأله : ماذا قلت يا حاج ؟!

ردا زافرا وناظرا  ناحية يسراه : قلت " جهنم " !

_ تمزح ؟!

_ قلت لك " جهنم " !

_ هذا اسم ؟!

_ بنتي ، وأنا حر ، أسميها مثلما أريد . خامس بنت تلدها . عفت بنات الدنيا .

وأطرق المسجل الذي يعمل في المكتب المواجه لمبنى الداخلية ، ويفصل بينهما شارع ثنائي المسار ، وكتم ابتسامة همت بالانجلاء على وجهه الفائق الشقرة ، وقال شارعا في التهيؤ للتسجيل : حاضر يا حاج . أنت أبوها .

وسجل الاسم وبقية البيانات ، وأخذ من الرجل البائن في الأربعين تسعة عشر شيكلا ، وحرر ابتسامته المكتومة عند انصرافه  آما مبنى الداخلية . عاد بعد نصف ساعة أو ما يقاربها

قال غاضبا : ناس عديمة الفهم والذوق ! رفضوا الاسم !

ومنع المسجل نفسه من معارضته : من يوافق عليه ؟! لم تجد إلا " جهنم " يا مخبول ؟!

وفاجأه الرجل : هات الفلوس !

_ لماذا ؟!

_ رفضوا الاسم . كيف تأخذها ؟!

واحتدم خلافهما ، وقاربا الاشتباك ، وتدخل شرطي تاركا كرسيه على يمين باب الداخلية . ودفع أبو جهنم الشرطي في صدره دفعة خفيفة ، فرد الشرطي بدفعة عنيفة ، وتزاحم من في المكان للعزل بين الاثنين ، وهاتف الشرطي قيادته ، وفي دقائق وصلت سيارة ، ومضت بأبي جهنم .

***

ثاني يوم وقف شاب عند المسجل ينتظر إتمام بيانات رجل وامرأة سبقاه إلى المكتب .

وحين رآه المسجل أيقن أنه اخو أبي جهنم . سأله بعد انصراف المرأة : أخوه ؟!

فابتسم الشاب متأدبا ، وقال : نفسه متعبة . فقد شعوره وعقله مع البنت الخامسة . منع زوجته من الولادة في المستشفى .

_ إن شاء الله غير الاسم ؟!

فابتسم الشاب ابتسامة أكبر ، بدت جميلة على وجهه الأسمر ، وقال : سميناها " جنة " .

_ إذا أحسن تربيتها وتربية أخواتها سيدخل الجنة .

_ أبي اختار الاسم . وعده بتزويجه . قد يرزقه الله أولادا من الثانية .

وبعد أن دون المسجل البيانات مد إليه الشاب ورقة فئة عشرين شيكلا  ، فرد المسجل

اليد الممدودة مع الورقة متلطفا ، وقال مبتسما : لن نأخذ من " جنة " .

وسوم: العدد 736