تفاعلات التصعيد الإسرائيلي الأخير على العلاقات الإيرانية ـ السورية

يرى المراقبون أنّ عددًا من القضايا ستشهد أعادة نظر عقب التصعيد الأخير، بين إسرائيل و إيران في الساحة السورية، و سيكون من أهمها ملف العلاقات ( السورية ـ الإيرانية )، الذي بانت أولى ملامح التحوّل فيه، عقب تصريحات ( أبو الفضل حسن بيغي )، نائب رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني، يوم الخميس: 10/ 5/ 2018، التي نفى فيها أن تكون بلاده قد نفذت هجمات على مواقع عسكرية إسرائيلية في هضبة الجولان المحتل، و ذهب إلى أنّ قوات النظام السوري هي من قامت بذلك؛ و ذلك إدراكًا من المسؤولين الإيرانيين لجملة المخاطر، التي ستولِّدها رشقة صواريخ ( الغراد ) العشرين نحو إسرائيل.

ثمّ لتتوالى بعدها تفاعلات هذا التصعيد مخلّفة جملة من التداعيات: إنْ على طبيعة العلاقة مع النظام السوريّ، أو إسرائيل.

فقد هاجم عضو لجنة الأمن القومي و السياسات الخارجية في البرلمان الإيراني الرئيسَ الأسد، بسبب موقفه من الضربات الواسعة التي نفذتها إسرائيل في سورية، على عشرات المواقع الإيرانية، وصفًا موقفه بــ ( السلبي، و الناكر الجميل ).

ففي تصريح أدلى به حشمت الله فلاحت بيشه، يوم السبت: 12/ 5/ 2018، قال: " إنّ موقف الأسد من التحدي الأخير في سورية مع إسرائيل مدعاة للتأمل "، و أضاف: " إنني أطلب من القوى الإقليمية ألا تحول سورية إلى محل للنزاع بينها و تعقد الأوضاع".

و أشار في تصريح لموقع البرلمان الإيراني (خانة ملت)، إلى أن الغارات الإسرائيلية كانت تحاول استهداف القوات الاستشارية الإيرانية، لافتًا النظر إلى أنّ سلوك الأسد تجاه الغارات كان سلبيًا، بحسب ما نقلت صحيفة ( الشرق الأوسط ).

و ذكّر بأن الأسد يدين ببقائه في السلطة لـلمساعدات الاستشارية الإيرانية، قائلاً: " إنّ الشباب الإيراني قدم تضحيات على مدى 6 سنوات دفاعًا عن سلامة الأراضي السورية، و هو ما ساعد الأسد للتقدم في المعادلات الدولية، ثم بعد ذلك تدخلت روسيا ".

و اعتبر أن المصالح و الأمن القومي يحظيان بأهمية بالغة لإيران، و أنه يجب ألا تكون ضحية هكذا سلوك في السياسة الخارجية.

و يُذكر أنّه ليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الرئيس الأسد، لهجوم من مسؤولين و وسائل إعلام إيرانية، إذ سبب تمكينُه روسيا من مشاريع إعادة الإعمار، توترًا و انزعاجًا غير خافيين في العلاقة مؤخرًا مع طهران.

فقد هاجمت صحيفة ( قانون: link is external ) الإيرانية، النظام في دمشق، في وقت سابق، ووصفته أيضًا بـ ( أنه بلا مبادئ، و ناكر للجميل )؛ و ذلك بسبب اتفاقه مع الروس حول ملف إعادة إعمار سورية بدلاً من إيران.

وقالت الصحيفة في مقال نشرته في: 31 /12/  2018، حمل عنوان ( لا حصة لإيران في بازار الشام ): " إنّ الأسد يريد تقليم أظافر إيران في سورية بعد هزيمة تنظيم الدولة، و الدخول في مرحلة جديدة ".

و ذكرت أن إيران قدمت تضحيات كبيرة في سورية، و كان لها الفضل في بقاء الأسد في رئاسة سورية، و قد قدّمت في سبيل أثمانًا باهظة، حيث قتل منها الكثيرون، و في مقدمتهم على محسن حجي ( أحد القادة البارزين في الحرس الثوري )، هذا فضلاً على التكاليف اللوجستية الباهظة، التي قدمتها إيران، و ذلك على ما يبدو لن تظهر نتائجه، و ستخرج إيران صفر اليدين من ( بازار الشام ).

و قالت: " إنّ النظام سبق و قدَّم وعودًا لإيران عندما زار علاء الدين بروجردي، رئيس وفد الأمن القومي و السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني دمشق، و أجرى مباحثات مع الأسد الذي أشاد بالدور الإيراني في مساعدته في الحرب، و لكن يبدو أنّ كلام الأسد، كان مجرد وعد بلا معنى ".

هذا و يمثِّل ملف إعادة الإعمار أحد أوجه التنافس بين روسيا و إيران، و هو ما ألمح إليه مسؤولون إيرانيون على رأسهم وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، الذي أشار في تصريحات في: أول شباط/ 2018، إلى عدم رضى طهران عن استحواذ روسيا على مشاريع واسعة لإعادة الإعمار في سورية على حساب إيران، معتبرًا أنه لا توجد حاجة لكي يكون البلدان متنافسين في ذلك؛ فلإيران الأفضلية في هذا الملفّ.

وسوم: العدد 773