الإيدز والأمراض الجنسية تفتك بإيران

مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية

 تُسجّل إيران سنوياً أعدادًا مهولًة من المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، الناجم عن الممارسة الجنسية، وبخاصّة في صفوف الشباب، مما جعل السلطات الإيرانية تُفصح تدريجياً عن حجم المشكلة، وكسرِ "تابو" المحرمات المحيطة بمناقشة الجنس بحيث بات حديث وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية، وان أكثر من (50%) من المصابين بالإيدز تتراوح أعمارهم ما بين (40,20) عامًا. 

 لذلك تحوّل موضوع الإيدز _فيروس نقص المناعة HPV وسرطان الرحم _ من مجرّد موضوع طبي إلى فضيحة مدوّية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية بشكل كبير، فقد أثبتت الإحصائيات شبه الرسمية، بأن أكثر من ربع مليون شخص من سكان إيران _البالغ عددهم ثمانون مليونًا_ مصابون بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، وأن هناك أكثر من 180000امرأة تعاني من سرطان الرحم، لأسباب تتعلق معظمها بممارسة الجنس بطرق غير آمنة، وهي تندرج في إطار زواج المتعة والفساد الأخلاقي، الذي بات ينتشر بين طلاب الحوزات ورجال الدين بشكل واسع.

 لقد ثار لغط كبير حول هذه الأمراض، حيث ضجّت إيران كلّها بالحديث عن انتشار فيروس (HPV مرض الورم البشري الحلمي) الذي ينتشر عن طريق الممارسة الجنسية، إذ يعتبر مقدمة لسرطان الرحم عند النساء، حيث تؤكّد التقارير بأنّ هذا الفيروس قد انتشر كالنار في الهشيم داخل إيران. وبات الحديث عن ضرورة المسارعة في تأمين لقاح خاص كنوع من أنواع الوقاية من هذا المرض الفتّاك الذي انتشر على نطاق واسع داخل إيران، ولمنع أنواع معينة متعلقة به.

 لقد خرجت وزارة الصحة الإيرانية عن صمتها، وبدأت بالحديث عن تداعيات هذا الفيروس في التسبب بحدوث سرطان في قشرة الرحم، وسرطان المهبل وحتى سرطانات الجهاز التنفسي، وانتشر بسببه أكثر من ١٣ نوعًا من السرطانات، وهناك نوعان من الـ ١٣ نوع، تشكّل خطرًا كبيرًا يهدد الإنسان كما تقول المصادر الطبية الإيرانية.

 وفي غضون ذلك تتحدث السلطات الإيرانية عبر وسائل الإعلام الرسمية عن توّفر لقاح في إيران، لكنه مستوردٌ من الخارج، وله أضرار كثيرة، لكنها توصي بأخذه لتلافي هذا الفيروس(HPV)، بموازاة ذلك انتشرت الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي الإيراني خلال اليومين الماضيين حول الأضرار الناجمة عن حقن هذا اللقاح في إيران والتحذير من تعاطيه مما تسبب في تردد العائلات عن تعاطيه، فقد كثرُت الأسئلة حول قضية انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة" الايدز " على نطاق واسع، ودور هذا الفيروس في نقص المناعة المكتسبة ، رغم أنها ليست بالقضية الجديدة.

 عودًا على بدء فإن وسائل التواصل الاجتماعي تضجّ بالحديث عن فيروس"HPV، وعن ضرورة بدء التطعيم في سنٍ مبكر لطلاب المدارس، كما قامت وزارة الصحة الإيرانية بحملة واسعة للتحذير من مخاطر هذا الفيروس، ومطالبة وزير الصحة بإنتاج هذا اللقاح _ لقاح فيروس HPV" " الذي بات يفتك بالشعب الإيراني، ويؤدي إلى انهيار المناعة لدى النساء، ويسبب لهنّ سرطانات عديدة كسرطان عنق الرحم والمهبل عند الفتيات في سن مبكرة.

 أما فيما يتعلّق بردود الفعل فقد بدأت تتصاعد بشكلٍ كبير، من خلال انتقاد عملية التطعيم ذاتها، وكيفية الاستفادة منها، حيث أشاعت العديد من المواقع الإلكترونية عن هذا خطورة هذا اللقاح...

 لقد دافع وزير الصحة "حسن هاشمي" وزير الصحة عن التقصير المتعمّد من جانب الدولة في إنتاج هذا اللقاح حتى الآن بقوله: إن وزارته لا يمكنها إدخاله في برنامج الوقاية الوطنية لأسباب اقتصادية، وقال: إنني أوصي المواطنين بأن لا يعيروا أيّ أهمية للإشاعات حول مطعوم فيروس (HPV) الموجود في الصيدليات، باعتباره يعالج عدوى شائعة باتت تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي.

 وتقول رئيسة مركز أبحاث الإيدز في إيران، "مينو محرز" حول طرق نقل فيروس الإيدز: ينتقل الفيروس عادة عن طريق الاتصال الجنسي غير المشروع، ويرتبط ارتباطًا مباشرًا بسرطان عنق الرحم، وسرطان المهبل وفي بعض الحالات تحدث الإصابة بالسرطان للرجال أيضًا للسبب نفسه، الأمر الذي ولّد ردود فعل واسعة داخل إيران.

 فقد سارعت بعض الأصوات النسائية في إيران إلى الاستعانة بمنظمة الصحة العالمية، لاتخاذ إجراءات عالمية لدعم إيران بغية محاصرة هذا الفيروس الذي يسبب مرض سرطان الرحم بشكل أساسي، ووضعه ضمن جدول برنامج التطعيم الوطني الإيراني، لأن الحصول على المطاعيم والعلاجات المرتبطة بهذا المرض باتت مكلفة جداً، وتفوق قدرة المواطن الإيراني، وطالبت هذه الأصوات ببدء التطعيم للفتيات الإيرانيات الصغيرات في سن 12 و13 عامًا على غرار المملكة المتحدة. وبمعدل مرتين إذا كانوا قبل السنة الخامسة عشر؛ حيث يتم تلقيحهن بالمطعوم، ومن ثم مرة ثانية بعد ستة أشهر، قبل أن يتمّ اثني عشر شهراً. ولكن للفتيات بعد خمسة عشر عامًا أو أكبر، فالتلقيح يكون ثلاث مرات حيث يتمّ التلقيح في المرة الأولى، ومن ثم يتم بعد شهرين، والمرة الثالثة بعد ستة أشهر.

 المشكلة الأساسية أن فيروس HPV بات يفتك بالأعضاء التناسلية للنساء والرجال على حد سواء، وظهرت نداءات واسعة على مستوى الدولة الإيرانية تطال بضرورة التحرك العاجل، لوقف زواج المتعة، والحدّ من الفساد الاخلاقي الذي أخذ يضرب الدولة الإيرانية في الصميم، وبخاصة في أحياء طهران الفقيرة والمدن الأخرى التي تعاني من انتشار مدمني المخدرات، والدعارة بأشكالها المختلفة.

 إن بقاء الوضع على حاله يعني أن هذه الأرقام سوف ترتفع خلال السنوات القادمة.

 ونستطيع القول: بأن الدولة الإيرانية باتت تعيش حالة من العجز الكامل عن استنقاذ أبنائها، فقد عجزت عن توفير المطاعيم والعلاجات وحتى الرعاية الصحية الأولوية، وجعلت جلّ اهتمامها يركز على جانب التوعية الإعلامية فقط.

 وفي الختام أجد بأن تغريدة أحد الإيرانيين تكاد تختزل المشهد كاملًا حين كتب: "إن الانفاق على الحدّ من فيروس HPV، والإيدز، والسرطانات، أهم بكثير من برنامجكم النووي والصاروخي ".

وسوم: العدد 777