إغلاق مركز تكوين العلماء وجامعة عبد الله بن ياسين بموريتانيا بين التنافس الحزبي والإملاء الغربي

أقدمت مؤخرا السلطة الحاكمة في موريتانية على إغلاق مركز تكوين العلماء وجامعة عبد الله بن ياسين بسبب التنافس الانتخابي بين الحزب الحاكم الاتحاد من أجل الجمهورية وحزب التواصل المنافس له . ومعلوم أن المشرف على هاتين المؤسستين العلميتين هو العلامة الدكتور محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي ، وهو فقيه وعالم من علماء الإسلام ، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ العلامة يوسف القرضاوي .

وتبرر السلطة الحاكمة في موريتانيا إغلاق المؤسستين بأنهما يمثلان الجناح الدعوي لحزب التواصل  المعارض ، وأنهما تروجان فكر جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا . وقد صدرعن وزارة الأوقاف بلاغ سجل مخالفات عنهما وهي كالآتي :

ـ تورطهما فيما يسمى بالإسلام السياسي من خلال دعمها لحزب منافس للحزب الحاكم .

ـ مخالفة التوجه الديني الرسمي للدولة المتمثل في المذهب المالكي ، والعقيدة الأشعرية ،والطريقة الجنيدية .

ـ حصولهما على تمويلات مشبوهة ومجهولة المصدر.

ـ تصريح المسؤول عنهما الشيخ ولد الددو  من خلال خطبة منبرية وفتوى عبر الواتساب أولتا على أنهما يتضمان انتقادا لحزب لنظام  الحاكم  ودعوة للتصويت ضده في الانتخابات ، و أنهما رد على اتهامه الجماعات الإسلامية في الوطن العربي بأنها وراء ثورات الربيع العربي .

ولقد تولى الشيخ ولد الددو الرد على هذه الانتقادات كالآتي :

ـ خلط الوزارة بين هاتين المؤسستين وبين حزب سياسي، علما بأن مركز تكوين العلماء وجد قبل تأسيس حزب التواصل بسنوات . وإذا ما وجد فيهما من يتعاطف مع هذا الحزب المرخص له ، فإن  الجامعات في موريتانيا يديرها منتمون إلى الحزب الحاكم فلماذا لا يطعن فيها ؟

ـ مركز تكوين العلماء يدرس المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية ، والطريقة الجنيدية بينما لا أثر لذلك في  الجامعات الأخرى، ومع ذلك لا تتهم بما اتهم به مركز تكوين العلماء ، كما أن جامعة عبد الله بين ياسين تدرس مواد لا يمكن أن يكون فيها شيء من المالكية أوالأشعرية أوالجنيدية كاللغات والقانون . ويضيف بأنه لا مالك ولا الأشعري ولا الجنيد ينتمون إلى  شنقيط  رد على عبارة الإسلام الشنقيطي الواردة على لسان وزير الشؤون الإسلامية .

ـ التشكيك في تمويل المؤسستين يقتضي الدليل ،وهو ما لم تقدمه الوزارة الوصية على الشأن الديني .

ـ إقرار ولد الددو بأنه ردا  على اتهام  الوزارة  الجماعات الإسلامية في الوطن العربي بالوقوف وراء ثورات الربيع العربي، وما ترتب عنذلك من دمار، قال بأن بعض  الأنظمة هي المسؤولة عن ذلك الدمار، ومثل لذلك باللنظام السوري واليمني والليبي.

وإلى جانب اتهامات الوزارة الوصية عن الشأن الديني لهاتين المؤسستين، يتهمهما الحزب الحاكم بأنهما تنشران الغلو والتطرف والإرهاب ،  ولا يشتغل بهما علماء أكفاء ،وتخرجان طلبة يلتحقون بالجماعات الإرهابية  في مالي ونيجريا ، وهما تابعتان لجماعة الإخوان المسلمين .

وردا على هذه الاتهامات يقول المتعاطفون مع تلك المؤسستين بأنهما مؤسستان عريقتان لتحفيظ القرآن الكريم والحديث الشريف ، ولا علاقة لهما بالسياسة ، وأن دولة خليجية هي التي أوعزت للنظام بإغلاقهما تنفيذا لما يسميه الغرب محاربة الإسلام السياسي لمنع حضور الإسلام في الشأن العام .

وفي الأخير نتساءل هل يعتبر إغلاق المؤسستين العلميتين الدينيتين  في موريتانيا بداية الإجهاز على كل المؤسسات العلمية التي تدرس علوم الدين في الوطن العربي بذريعة محاربة ما يسميه الغرب الإسلام السياسي الذي تنظّر له  تلك المؤسسات حسب زعمه ؟  وهل تقوم بعض الأنظمة العربية بهذا الإجهاز بالوكالة عن أنظمة غربية ؟ 

وسوم: العدد 792