ماذا عن (التطبيع) اسبابه مفهومه والخلاص منه

د. صلاح الدين سليم ارقه دان

لا يوجد (تطبيع).. فهو مصطلح يعني في القاموس الإسرائيلي تجنيد عبيد وأتباع يؤمنون بالقدرة الاسرائيلية اكثر من إيمان الإسرائيليين بها.. العدو الاسرائيلي لا يبحث عن شركاء وأنداد..  

كل ما نراه ونسمعه ونلمسه ويتسرب إلينا من معلومات عن مجريات العلاقات والخصومة يتم الإفراج عنها عمدا أو شبه عمد.. وهي مدروسة بحجمها وتوقيتها.. وليست عبثية وليست وليدة الساعة.. بل تعود في التأريخ الحديث الى الحرب العالمية الأولى.. ومرت بكل مفاصل تأريخنا النوعية.. من الحرب العالمية الثانية وإنشاء دولة العدو الإسرائيلي الى حروبنا الداخلية المتتالية.. 

كل من ساهم في تفتيت هذه الأمة وتهجير طاقاتها وإشعال الفتن الاثنية والطائفية والمذهبية والحزبية هو ممهد أساسي ورئيس فيما يقطف ثمرتَه العدوُّ الإسرائيلي.. 

قد تكون الثروات الطبيعية أحد عناصر هذه الحروب التي لا هوادة بها.. ولكن هناك بُعد أعمق هو البعد العقدي والذي لا يعني بالضرورة عقيدة دينية (وان كان الدين هو المؤثر الاهم في النفس البشرية).. 

كل من أفسد العمل السياسي ونشر ثقافة السلب والنهب وسطّح الحركة العلمية والثقافية ونشر الأمية (بمعناها الحرفي عدا عن الأُميات المتعددة) هو عنصر رئيس في هذا الواقع.. حتى لو ظن أنه يُحسن صُمعا..  

عندما نصنع الطغاة ثم نعبدهم نكون أيضا كهنةً في هذا الركب غير المبارك.. 

ليس العدو الإسرائيلي وحده الذي يتحرك في فراغنا ووراء خطوطنا الداخلية.. بل كل عناصر محور الشر.. خاصة الذئاب المستترة بجلود الحِملان.. تتجول بحرية في ارضنا وتمسك بخيوط القرار.. وتتكلم لساننا وتحمل أسماءنا.. ولكنها ليست منا ولسنا منها.. 

هذا الواقع ليس قدَرا لا يمكن الخروج منه.. ولقد لخص الحل رجل شارك في مظاهرة باب ساروجة بدمشق عام ٢٠١١ ببساطة المواطن العادي عندما سأله مراسل ال (بي بي سي): لماذا انت متظاهر؟ ما هي مطالبك؟ أجاب: (اطالب ان ينفذ الذين فوق وعودهم).. وقد صدق.. فدساتيرنا وبرامج أحزابنا هي دساتير وبرامج (المدينة فاضلة).. ولكنها حبر على ورق.. 

إن مفردات:  

*الحرية السياسية 

*حرية الاعلام (سليم اللوزي نموذجا) 

*سلطة القانون 

*استقلال القضاء 

*الادارة السليمة النظيفة 

* الولاء للوطن لا للخارج 

*الخطط التنموية 

*المشاريع التنفيذية الحقيقية 

*الرعاية الصحية 

*الرعاية الاجتماعية 

*الرعاية السكنية 

*الأبحاث العلمية (وليس القطع واللصق والبطش والتزوير) 

*توفير فرص العمل 

*تقديم الكفاءة على القرابة الحزبية أو العشائرية 

*عدم التمييز العنصري بكل ميادينه الجنسية والدينية والاثنية 

وغيرها 

كلها منصوص عليها في جميع الدساتير حتى الديكتاتورية والحزبية والميليشياوية.. ولكنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به.. 

المشهد أليم ولكنه ليس ميؤوسا منه فهو ليس قدرا محتوما {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.. 

نعود إلى العدو الإسرائيلي: 

قوته في ضعفنا 

وما يسمى (التطبيع) أمر كارثي سيقع على الجميع ولكن على لبنان اولاً لأن تل أبيب تعمل على أن تحل محله.. وقد فعلت بعدما دمرنا بلدنا بأيدينا وما زال البعض يعيش نشوة (أصابع النصر)..

وسوم: العدد 796