أمّة المليار: بين الصغار والكبار، والأخيار والأشرار !

يحلو لبعض المسلمين ، أن يصبّوا ، على أمّة المليار- بالشعر، حيناً ، وبالنثر، حيناً - .. عتباً، أو لوماً ، أوشتماً ، أوتفجّعاً ..! وذلك ، تحت ضغط الظروف العصية ، والزوابع القاسية ، التي تمرّ بها الأمّة ، من شرقها إلى غربها ، ومن شمالها إلى جنوبها !

ويستسهل بعضهم – أو يستمرئ - إلقاء التبعات ، على الأمّة ، فيما يجري عليها ، واتّهامها: بالعجز، والضعف ، والقصور! ويتجاسر بعضهم ، فيُوغل ، في الشتم ، بل يتجرّأ بعضهم ، على إخراجها ، من تبعيتها ، للنبيّ الكريم ، قائلاً :

فيردّد قول الرافضة ، بحقّ الأمّة ، لكن : آسفاً عليها .. لاحقداً ، ولانكاية !

وبعض المنغمسين ، في هذه الأمور ، يُعَدّون ، من النخَب ، ومن ذوي المستويات المرموقة، في : العلم ، والأدب ، والفكر، والثقافة ..! لكن ، إذا وُجد عذر، لبعض الجهلة ، في الردح .. أو وُجد عذر، لبعض المثقفين ، الواقعين ، تحت ضغوط نفسية كبيرة ، إزاء مايرونه ، من مآسٍ رهيبة ، تحلّ بالأمّة ..  فهل يُعذر العقلاء المخلصون ، من نخَب الأمّة ، وقادة الرأي فيها !؟

إنّ أيّة أمّة ، من الأمم ، في سائر العصور، والمواقع الجغرافية ، على وجه الأرض ، تتكوّن، من خلائط شتّى ، من البشر؛ ففيها الأطفال والنساء ، والعجزة ، والمعتوهون ، والمرضى..  وفيها أصحاب الحرف ، الذين لم يحصّلوا قدراً ، من العلم ، أو الثقافة ، يؤهّلهم ، للتفكير، في الشأن العامّ ، مجرّد تفكير؛ بَلهَ التعمّق فيه ؛ بَلهَ اجتراح الحلول ، لمعضلاته !

وإذا كانت أمّة الإسلام ، كسائر الأمم ، في هذا ، فإن لها خصوصيات ، ليست لباقي الأمم، وأهمّها : أن وجودها - بصفتها أمّة - قائم على الإسلام : عقيدة ، وشريعة ، وأخلاقاً.. !

وقد أصاب هذه الأمّة ، عبر القرون ، ما أصابها ، من عبث العابثين ! فصار أصحاب العقائد الفاسدة ، فيها .. والأشرار، من المحسوبين عليها ، أكثر، من ذوي العقيدة السليمة ، وأكثر من الأخيار !

وإذا أضيف ، إلى هذا، كلّه ، تمكّنُ القوى المعادية ، من مفاصل الحكم، والإدارة ، والتوجيه، - بشكل مباشر، وغير مباشر- عبرَ الخونة ، والمنحرفين ، والساقطين .. من المحسوبين على الأمّة .. وعبر وسائل الإفساد المختلفة ، من : سياسية ، وإعلامية ، وتربوية ، وثقافية متنوعة .. نقول : إذا كان ذلك ، كذلك ؛ فإنّ الأمور، تبدو، أصعب ، بكثير، ممّا يتصوّره أصحاب العقول القاصرة !

وفي هذه الأحوال ، كلّها ، على كلّ عاقل ، منصف مخلص.. أن يحدّد ، بالضبط ، الجهات، التي تقع عليها المسؤوليات ، من أبناء الأمّة !

فإذا كانت النخب ، هي المسؤولة ، أوّلاً ، عن إصلاح حال الأمّة ، فلابدّ من معرفة ، أيّ النخب ! فأكثرُ هذه ، المسمّاة : نخَباً ، إنّما هي غثاء ، لا قيمة له ، ولاأهمّية ! فهي لاتهتمّ، بغير أنفسها ، وما تحصّله ، من مكاسب شخصية ، لها ، ضمن ظروف الفساد ، التي تعيش فيها الأمّة !

وما دام الحديث ، هنا ، هو عن أمّة الإسلام ؛ فالمندوبون ، لإصلاحها ، بالدرجة الأولى ، هم العناصر المنتمون ، إلى الأمّة ، انتماء حقيقياً ، لا شكلياً .. انتماءَ وَلاءٍ ، لا مجرّد انتماء مواطنة !

أجل ؛ هؤلاء هم المسؤولون ، عن قيادة جماهيرالأمّة : فكرياً ، وثقافياً ، واجتماعياً .. قبل أن يتمكّنوا ، من قيادتها ، سياسياً !

فأين هم !؟

وسوم: العدد 804