أمنيات لويس وواقعنا المعاصر

قال لويس التاسع ملك فرنسا الذي أسر في دار ابن لقمان بالمنصورة في وثيقة محفوظة في دار الوثائق القومية في باريس :

إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال حرب ، و إنما يمكن الانتصار عليهم بواسطة السياسة باتباع ما يلي :

- إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين ، و إذا حدثت فليعمل على توسيع شقتها ما أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملا في إضعاف المسلمين .

- الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه ، يضحي في سبيل مبادئه . 

- إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة و الفساد و النساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة.

- العمل عل الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة .

- العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوبا وأنطاكية شمالا ، ثم تتجه شرقا ، وتمتد حتى تصل إلى الغرب .

ترى هل كان لويس التاسع يستشرف آفاق المستقبل بأمنيات يمني بها نفسه التي أرهقتها الهزائم أمام المسلمين ، و أذلتها الخسائر التي لحقت بجيوشه ، فلجأ إلى الأماني من باب التعويض أم أنه كان يرسم خططا مستقبلية مبنية على تجارب مريرة عبر تاريخ طويل من الصراع ؟ أيا كان الأمر ، و بنظرة إلى ما دعا إليه من خطوات ، نجد أن أمنيات لويس امتزجت بالواقع الذي نعيش حتى كأنهما شيء واحد فنحن في فرقة تزداد هوتها يوما بعد يوم ، لم تدفعنا إلى الضعف فحسب ، و لكن إلى مهاوي الذل و الاستكانة .

و بلغ الفساد و الرشوة في بعض أجزاء أمتنا حتى كاد يصبح عرفا وغدا عدد من الجيوش سياطا تلهب ظهور الشعوب ، و تهدم المدن على ساكنيها ، و أصبحت عبئا ثقيلا على الوطن لا على أعدائه . و لم نستطع أن نحقق أي نوع من الوحدة  أو الاتحاد ، بل أن هذا الأمل الحبيب غدا شعارات جوفاء ، فرغت من محتواها بأيدي فئات تجري الإقليمية في عروقها ، و تفرخ الطائفية في قلوبها ، و هي بدورها تقف حاجزا في وجه قيام حكم صالح ، يعز الأمة بعد هوان ، و قامت في ربوعنا دولة الصهاينة الغريبة لتكون مثلا يحتذى للطامعين في المنطقة ، فماذا بعد يا لويس ؟  

وسوم: العدد 816