معركة كسر العظم بين طهران وموسكو قد بدأت في سوريا

على غير عادتها غيرت الصحف الإيرانية من لهجتها تجاه روسيا، حيث قامت صحيفة "سياسات روز الإيرانية" بتصعيد خطابها مطالبة القوات التي تنادي بخروج إيران من سوريا أن تخرج هي أولا. إذ ألمحت بأن حلفاء الأمس ينادون باستبعاد طهران من معادلات الحل في سوريا في إشارة واضحة إلى روسيا، ومن ناحية أخرى تضمّن العنوان الرئيسي لـصحيفة بهار “الكرة في ملعب روسيا”، وهذا يطرح تساؤلًا هل بإمكان بوتين التضحية بإيران، وكتبت بهار انه على الرغم من وصف علي أكبر ولايتي لزيارته إلى موسكو بالبناءة، وحتى مع توقع زيادة استثمار الروس في إيران، إلا أنه من غير الواضح ما يجري فعلياً بين موسكو وواشنطن من ناحية، وموسكو وتل أبيب من ناحية أخرى، لكن المعلومات المتوفرة لدى الحكومة الإيرانية غير مبشرة مطلقًا، وإجمالًا فالكرة في ملعب روسيا حاليًا، وعلينا الانتظار لنرى.

المعلومات الإيرانية تؤكد بأن موسكو منخرطة في مساومات مصلحية، وفي العمل على رسم مقاربة للوصول إلى صفقة جديدة مع الولايات المتحدة بخصوص سوريا وقد يتمخض عنه التحرك ضد ّإيران، بموازاة ذلك تتكهن وسائل الإعلام بأن إستراتيجية بوتين لا تزال مبهمة، وأن هناك مناورة "غير شريفة" بهذا المعنى؛ لأنَّها أنانية، وغير بريئة يتم حياكتها بالخفاء، وعلى حساب إيران.

    المعلومات الإيرانية تتحدث أيضاً عن مباحثات ماراثونية مكثّفة يُجريها مسئولون روس مع نظرائهم الأميركيين والإسرائيليين وبشكل غير معلن؛ للتوصل إلى صيغة ما، لإبعاد القوات المدعومة إيرانياً عن سوريا وبشكل ممنهج ومتدرج.

عدد من المسئولين الإيرانيين دخلوا على الخط  وتحدثوا عن مؤامرة روسية بدت مؤشراتها من خلال التنسيق الواضح بين موسكو وتل أبيب، والذي تجلّى من خلال  تنفيذ الضربات داخل الأراضي السورية، حيث تحدثوا على أن القيادة العسكرية والاستخبارية العاملة في سوريا يتم إعلامها مسبقاً بأماكن هذه الضربات وبتوقيتها، والمثير أنه لم يجري تبادل هذه المعلومات لا مع الإيرانيين ولا السوريين، ولم يتم تفّعيل منظومتها الجوية إس 300، ولو قامت روسيا بذلك لما تجرأت إسرائيل على القيام بهجماتها في هذه السهولة، بل على العكس كان يتم تعطيل منظومتها الرادارية والتشويش على الرادارات السورية، ومنظومة الاتصالات الاستخبارية للقوات السورية ولحلفائها، فالنتيجة التي تتحدث عنها هذه التسريبات يمكن تلخيصها بجملة واحدة، وهي  أن هناك نوعا من التنسيق بين "الهجمات الإسرائيلية، والدفاع الجوي الروسي المتمركز في سوريا" وهنا تتساءل طهران ما جدوى وجود منظومة صواريخ س 300 و س 400 في سوريا، وما هو الهدف منها هل هو مساومة واشنطن وتل أبيب على تحسين شروط التفاوض مع موسكو؟!

    الجانب الأخر تخلص التسريبات الاستخبارية الإيرانية إلى أن تزويد سوريا بنظام إس-300، قد أسهم في زيادة وتيرة العمليات النوعية الإسرائيلية لضرب تجمعات إيران وحلفائها في سوريا لاسيما حزب الله اللبناني.

الأمر الآخر إن بإمكان منظومة إس 300 أن تطال الأهداف الجوية على مسافة 250 كم، مما يعزّز من القدرات القتالية للدفاعات الجوية السورية، والتي بإمكانها أيضا إيقاف أجهزة الرادار والاتصالات لكل القوات العدوة التي توجّه الضربات للأراضي السورية، ولكن ما حصل هو العكس تماماً وهنا مكمن الخطر.

إذ يبدو بأن منظومة إس 300 لم تمنع الطيران الحربي الإسرائيلي من التحليق فوق الأراضي السورية، فهو  يحلق بحرية منقطعة النظير، بل  قدّمت لها معلومات دقيقة حول استهداف القوات الحليفة  لإيران، الأمر الذي أثار مخاوف طهران وجعلها توجّه اتهامات  مباشرة ليس  لروسيا فحسب، بل لشخص الرئيس بوتين بالتآمر على إيران .

ومن المؤكد أن الأمور تتجه للتصعيد بين موسكو وطهران، التي تعهدت على لسان علي لاريجاني الشخصية القوية في النظام الإيراني بالانتقال إلى الخطة "ب" ، وعنوانها قلب الطاولة على الجميع في حال تم  استهداف مصالح إيران في سوريا، وستكون القضية مسألة حياة أو موت بالنسبة لطهران.

وسوم: العدد 817