الفراغ الإسلامي في مصر.. من سيشغله؟

يراها البعض أزمة تاريخية، وأراها فرصة لن تتكرر، والكلمة للشباب.

التحدي هو فراغ الساحة من كل ما هو إسلامي، والاستجابة هي جيل جديد من الباحثين والمفكرين الإسلاميين الحضاريين، منتجي الأفكار وصناع المستقبل.

فقد تم سحق تنظيم وأفراد الإخوان، ثم تشويههم وتجريمهم، خاصة أن جماعة الإخوان المسلمين هي أكبر تنظيم ديني كان يعمل على تربية أفراده على بعض القيم والمفاهيم الإسلامية، وفي الوقت نفسه كان يجتهد في حدود ما هو مسموح له بالمحافظة على الهوية الإسلامية للمجتمع، وتبع ذلك:

- انكشاف سوءة وخدعة حزب النور، وتشويه السلفيين كل السلفيين بجريرتهم.

- حرق دعاة المنابر والفضائيات، وتلوث ألسنتهم وأيديهم بدماء الثوار.

- حصار الجمعية الشرعية وأنصار السنة المحمدية.

- المزيد من تشويه المتدين في الدراما المصرية، من رجل الخرافات الساذج العبيط الذى يعيش على هامش الحياة، إلى المتدين الإرهابي الدموي الذي يفجر ويقتل شعبه وأهله، بمن فيهم الأطفال والنساء، مقابل التمويل الخارجي.

- تتبع وملاحقة الشباب المتدين خارج التنظيمات الدينية وتصفيتهم.

- حملات التشويه، وأحيانا التجريم والملاحقة القانونية، لرموز ودعاة الإسلام.

- حملات إعلامية منظمة للتشكيك في كتب ومصادر السنة المطهرة.

- تعمد انتهاك حرمة المرأة المسلمة المتدينة المحجبة والمنتقبة وإخفائها قسريا واعتقالها وتجريمها بالباطل، بل وتعمد هتك عرضها واغتصابها، إهدارا لقيمة وكرامة الفتاة والمرأة المتدينة، لتوثيق شهادة تجريم لكل ملتزمة ومحجبة، وصك براءة وأمان لكل فتاة وامرأة متبرجة ومتحللة وراقصة في كل مكان، بداية من أمام اللجان الانتخابية المزورة إلى قاعات الكليات وفصول الدراسة والمستشفيات، وحتى دور العبادة.

- تعمد تقديم عدد من الشخصيات الكاريكاتورية بزي الأزهر للتحدث باسم الإسلام، وطرح عدد من الفتاوى الساخرة والأفكار الساذجة؛ لفرض المزيد من السخرية والاستهزاء بالدين.

النتائج:

- تحطيم النماذج والقدوات العملية التي كانت تحاول تمثيل الحالة الإسلامية في المجتمع.

- تشويه المساجد وحصارها وتفجيرها وتخويف الناس منها.

- فرض حالة من الرعب على فكرة التدين بكل منظوماتها، من أفراد وأماكن وفعاليات دينية وكتب وأفكار.

- استغلال صدمة ثورة الشباب بالجدار الصخري للحكم العسكري، وضياع حلم الحرية والكرامة والتنمية والحكم الراشد، وتعرض الشباب لحالة من الشك في كل من خدعهم، ابتداء من التنظيمات الدينية إلى نخب الوهم، حتى الآباء والأمهات الذين ربّوا هؤلاء الشباب، وفي كل ما طرح عليهم من قيم وأفكار ومسلمات ومقولات. فمن الطبيعي أن يدفعهم هذا إلى تشغيل آلتهم العقلية، وطرح أكبر عدد من الأسئلة عن أسباب الفشل في هذه الجولة، وإنتاج إجابات يتم تجميعها وتنقيحها لتكون بمنزلة نظام الأفكار الجديد العابر بهم إلى المستقبل، بيد أن شياطين الظلام أخذت تنفث سمومها على عقول الشباب المتشكك في كل من حوله، في محاولة لدفعه إلى الشك في الدين وفي ذات الله تعالى، والذهاب به إلى هاوية الإلحاد.

ويبقى السؤال الكبير: من سيتقدم ليملأ هذا الفراغ الشاغر في مصر والمنطقة العربية.

وهنا أرشح الشباب الجديد الذى عاش الأزمة واكتوى بنارها؛ لأن يتقدم بكل قوة للبحث عن منابع الأفكار الحية الجديدة، ودراستها بكل عمق، دون التقيد بأسماء معينة ولا مسار فكرى خاص لأحد أو بعض المفكرين، بل بالتعامل مع مصادر ومنابع الأفكار الجديدة على أنها منابع لإنتاج الأفكار الخام، ليستكمل الشباب مساره نحو المستقبل بإنتاج أسئلته وإجاباته ونظام أفكاره، ومن ثم للعبور إلى المستقبل.

فقط هنا أقدم، وبحكم التجربة مجموعة، معايير آراء مهمة:

- معيار العقلانية والمنطقية.

- معيار التحرر من أفكار العصور السابقة وإنتاج أفكار جديدة، لا النسخ والتكرار.

- تجاوز الماضي وتفاصيل الواقع، والحديث عن المستقبل والإجابة عن أسئلته.

- التحرر من أيديولوجيات التنظيمات الدينية بألوانها كافة.

عنوان المرحلة هو تشكل جيل جديد من الباحثين والمفكرين، وبقدر قوة هذا الجيل على مستوى العدد والعمق والإنتاج الفكري ستختصر المسافات والأزمنة.

وسوم: العدد 818