أيّها العسكر: انتزعوا السلطة ، من حكّامكم ، وسلّمونا إيّاها، واخضعوا لأمرنا !

أهمّ مصطلحات لاعبي الطرنيب ، هو:( شلّح طَرنيبَك ، وسلّمني)! فهل يلعب متظاهرو السودان والجزائر، مع العسكر، لعبة طرنيب: انتزعوا السلطة ، من حكّامكم ، وسلّمونا إياها؟

إحدى لُعب الورق(الشدّة) ، لعبة اسمُها : الطرنيب ! يلعب فيها أربعة ، كلّ اثنين يشكّلان فريقاً، هو خصم للفريق الآخر، ويسمّي لاعبٌ من الخصمَين ، نوعَ الطرنيب ، الذي يناسبه ، ويظنّ نفسه ، سيربح به ، مع شريكه ؛ حسب قوّة الورق ، الذي لديهما ! فقد يسمّي اللاعب طرنيبَه، ورق : الديناري، أو الكبّة، أو البستون، أو السباتي.. ويخبر اللاعبين الآخرين، بنوع طرنيبه! وفي أثناء اللعب ، يخاطب شريكُ صاحبِ الطرنيب ، شريكَه ، قائلاً : شلّح طرنيبَك، وسلّمنى؛ أيْ : يسلّمه قيادة اللعبة ؛ ليفرض، على اللاعبين الآخرين ، طريقته في التعامل ، مع الورق ، بالطريقة ، التي يظنّ فيها ربحاً، له ولشريكه! وقد يخسر، هو وشريكه ، أو يربحان، بحسب مايظنّانه ، أو يتوهّمانه ، من قوّة الورق ، لديهما ، ولدى خصميهما!

ومن أهمّ المصطلحات ، التي يتداولها اللاعبون ، في هذه اللعبة ، ما يقوله اللاعب لشريكه : شلّح طرنيبَك ، وسلّمني!

مايتداوله ، اليوم ، بعض الثوار السلميين ، في بعض العواصم العربية ، هو كلامهم للعسكر، الذين يؤازرون الثوّار، ضدّ حكّام بلادهم:

أيّها العسكر، انتزعوا السلطة ، من حكّام بلادكم ، وسلّمونا إيّاها ، واخضعوا لسلطتنا، نحن الشعب ، وعودوا ، إلى ثكناتكم ، وانتظروا أوامرنا ، التي سنصدرها لكم!

لايلام الشباب ، الذين تَطير بهم أحلامهم، في أجواء وردية زاهية، وهم يرون الحكّام المزمنين، الذين أطاحت بهم الثورة الشعبية ، قد وُضعوا في السجون ، أو القبور..أو تشرّدوا، في المنافي ، في بعض دول الشرق أو الغرب ، بصفة لاجئين سياسيين!

لايلام هؤلاء الشباب ، الذين لم يمارسوا لعبة السلطة ، ولم يخبروا خفاياها ، ومكائدها ، ودهاليزها ..! إنّما يقع اللوم ، على الساسة المتمرّسين ، الذين تَزجّ بهم ، حماسة الشباب ، في دوّامات الأحلام ، وتُوقعهم ، بين : عقولهم المتمرّسة في السياسة ، وبين الأحلام الوردية (العبَثية/المأساوية)!

أمّا العسكر، فحسبُهم أن يطرحوا الأسئلة المحرجة ، على قوى الشارع الثائرة : حَسناً ؛ سنسلّم السلطة لحكومة مدنية.. ولكن: مَن هي؟ لمّن سنسلّم السلطة، وكلّ مَن في الشارع ، يدّعي أنه: أبو الثورة ، وأنه القوّة الأولى فيها ؛ بما لديه من قوى شعبية !؟

 الاشتراكيون يزعمون ، أن الثورة لهم .. وكذلك الليبراليون .. ومثلهم الإسلاميون..! وقوى الشعب الثائرة ، التي خرجت ، احتجاجاً : على الظلم ، وعلى الفقر ، وعلى البطالة ، وعلى نكد العيش .. تريد حكومة تنصفها ، وتخرجها من دائرة البؤس ، التي تعيش فيها ، من سنين ! ثمّ  تكتشف – قوى الشعب الثائرة - بعد صراعات مريرة ، بين الفرقاء السياسيين ، والعسكر، بأجنحتهم المختلفة .. أنها وقعت ، في مضمون بيت الشعر:

وأنّ عبارة : شلّح طرنيبك ، وسلّمني، التي تَصلح في لعبة الورق..لاتصلح في لعبة السياسة ؛ التي تحتاج ، إلى حكمة الحكماء ، وإخلاص المخلصين .. وإلاً ؛ ضاعت فيها البلاد ، أو طار فيه الكثير، من رقاب العباد !

وسوم: العدد 824