منظمة " يد للإخوة " .. وسيلة جديدة لجلب المهاجرين إلى إسرائيل

لا تكف إسرائيل ولا تخف  للبحث عن مصادر بشرية لزيادة عدد سكانها من اليهود ، ويأخذ هذا النشاط طابعا رسميا تقليديا ، وطبعا شعبيا وثيق الصلة بالطابع الرسمي ولو بكيفية ليست مباشرة . ومن صور هذا الطابع ما كشفه الكاتب الإسرائيلي مردخاي جولدمان في موقع " المونيتور" عن ظهور منظمة إسرائيلية جديدة باسم " يد للإخوة " يرأسها المغني الإسرائيلي زئيف يحزكيلي المعروف بأغانيه العربية . ويذكر الكاتب الإسرائيلي المتدين أن يحزكيلي خاطب في يونيو الفائت عبر شبكات التواصل الاجتماعي العرب والمسلمين الذين قد يكونون من جذور يهودية حسب الأم أو الجدة ، ودعاهم إلى الهجرة إلى إسرائيل . ونص دعوته : " كل من أمه أو جدته يهودية فهو يهودي تحصيل حاصل . الشعب اليهودي يريد استعادتكم إليه بأذرع مفتوحة ، هذه فرصة لكل من ولد لأم يهودية لتجديد اتصاله بجذوره التاريخية ، وبدء حياته من جديد "  . وتلقى حتى اليوم أكثر من ألف طلب من العالم الإسلامي ومن إسرائيل ومن الأراضي الفلسطينية المحتلة . ونقل جولدمان عن الحاخام شموئيل ليفيتش أن 30 % من تلك الطلبات اقترب من شروط استحقاق الجنسية اليهودية . تكوين هذه المنظمة ونوعية هدفها يبرزان قوة نشاط عدونا وحيويته في صراعه المصيري معنا ، فهو لا يكف ولا يخف في البحث عن مصادر جديدة لتكثيف قوته ومناعته ، وأهم هذه المصادر العنصر البشري الذي يتوجع فيه من خلل مهول قياسا بالعالم العربي والعالم الإسلامي ، ودفعه هذا الخلل إلى قبول مهاجرين ليسوا يهودا مثلما فعل مع مهاجري الاتحاد السوفيتي الذين انكشف أن نصفهم ليسوا يهودا ، ومثلما فعل مع المهاجرين الأثيوبيين أو  الفلاشا . وفي إسرائيل تشيع عبارة : " من أراد الفلاشا فليبحث عنهم في المسجد يوم الجمعة ، ومن أراد الروس فليبحث عنهم في الكنيسة الأرثوذكسية يوم الأحد " . ويخبر كثيرون من العمال الفلسطينيين أنهم شاهدوا بعض الفلاشا يصلون سرا ، وأنهم اعترفوا لهم بأنهم مسلمون ، وأنهم هاجروا إلى فلسطين المحتلة رغبة في حياة أحسن وأيسر . وهذا هو دافع نصف الذين هاجروا من الاتحاد السوفيتي ، بل هو أقوى دافع حتى للمهاجرين اليهود . وإسرائيل تعلم هذا ، وتقدر أنهم سيندمجون في النهاية في مجتمعها ، وسيكونون عنصر قوة فيه بأي ديانة أو بدون أي ديانة . وكثيرون من الفلاشا يخدمون في الجيش يهودا كانوا أو مسلمين سرا . ويهودية إسرائيل ذاتها بعيدة جدا عن النقاء العرقي الذي يدعيه متدينوها وساستها . والقومية لا تنشأ على نوعية الديانة وحدها إلا أن إسرائيل لتكوينها الشاذ تصر على هذا التوجه الغريب المخالف لكل قيم العالم وتوجهاته ؛ لتلفيق عرقية يهودية إسرائيلية ، وفي طريق تحقيق هذا الهدف تفعل كل شيء ، ومنه تكوين منظمة " يد للإخوة " .

بعد احتلال قطاع غزة في عدوان 5 يونيو 1967 ، طلب مسئول في الحكم االعسكري لإسرائيلي مقابلة مختار عائلة غزية معروفة ، وفوجىء المختار بالمسئول يخبره أن لديه ما يثبت يهودية جذور عائلة المختار ، وعرض عليه منح  كل أسر العائلة الجنسية الإسرائيلية والانتقال للعيش في فلسطين المحتلة ، وامتلك المختار هدوءه أمام المفاجأة ، ورد على المسئول بحزم أن عائلته عربية مسلمة ، وأنها ترفض الجنسية الإسرائيلية . ومن طرائف هذه المسألة زعم  حاخام يهودي روعته الانتفاضة الفلسطينية الأولى ، مثلما روعت كثيرين من الإسرائيليين ؛ أن الفلسطينيين المنتفضين أحفاد يهود أجبرهم المسلمون على اعتناق الإسلام ، وجاء زعمه الكاذب للرد على التساؤلات التي انفجرت في العالم عن جنسية هؤلاء المنتفضين بالآلاف في زخم عارم موار في دولة اعتادوا الظن أنها يهودية ، ووصف  مناحيم بيجن  رئيس وزراء إسرائيل الأسبق لبعض الإعلام العالمي المنتفضين بقطاع طرق دون أن يبين من أين جاء هؤلاء " القطاع " بالآلاف . لا محظور من أي نوع يمكن أن يمنع  مهاجري المشروع الغربي الصهيوني عديمي الشعور الإنساني والأخلاقي من تسويغ سرقتهم للوطن الفلسطيني . ونتوقع أن تتساهل إسرائيل في قبول من يزعمون أن لهم جذورا يهودية وفق الأم أو  الجدة مثلما تقتضي الشريعة اليهودية التي تنسب الأبناء  عرقيا لأمهم أو لجدتهم للأم ، لا لأبيهم ، بخلاف الشريعة الإسلامية التي تتبع في نسب الأبناء قوله تعالى : " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " ، ووفق هذا الحكم في النسب يصنف المرحوم معمر القذافي أبو منيار ، العربي قبيلة ، يهوديا لكون جدته لأمه يهودية . وتوقعنا للتساهل الإسرائيلي في التهويد يبرره تساهلها مع مهاجري الاتحاد السوفيتي وأثيوبيا ، وحاجتها الملحة لزيادة عدد سكانها وسط المحيط العربي الإسلامي الكبير وهي التي تتوجع من تخطي عدد الفلسطينيين  بين النهر والبحر لعدد اليهود ، وإسرائيل أخلص الدول لمبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " المكيافيلي .

وسوم: العدد 836